عون يدعو «حزب الله» إلى حوار لـ«ترتيب» أوضاع لبنان بعد الانسحاب السوري منه

أنصاره يغمزون من قناة «المنتسبين الجدد» إلى صفوف المعارضة

TT

«أما وقد اصبح الانسحاب السوري (من لبنان) مرتقباً فاني...» بهذه الكلمات يتوجه العماد ميشال عون للقيادات اللبنانية في كتاب الدعوة الى المؤتمر الوطني للحوار الذي يأمل عون وانصاره عقده مطلع فبراير (شباط) المقبل في اوروبا لبحث كيفية «ترتيب أوضاع لبنان بعد الانسحاب السوري»، الذي يؤكد عون انه أمر واقع في ضوء القرار 1559 مبدياً استعداده للقبول بتمديد ولاية المجلس النيابي الحالي شهراً او شهرين لضمان حصول الانتخابات النيابية بعد الانسحاب.

ومع ان الوقت ما يزال مبكراً للحديث عن نتائج الدعوة وتجاوب الأطراف مع مسعى عون «الحواري» لأن الدعوات ما تزال قيد التوزيع بعد دعوة معظم السياسيين والحزبيين بانتظار دعوة هيئات المجتمع المدني، الا انه بقدر ما يبدو عون وانصاره واثقين من «حتمية» الانسحاب وقربه زمنياً، فان تحرك انصاره في بيروت في اتجاه القيادات والقوى المؤيدة لسورية اصطدم بـ «فرضية» الانسحاب الذي تراه هذه القوى «غير واقعي». وقد اخذ بعض من زار الوفد «العوني» على خطابه ان «ورقة عمله واحدة هي الانسحاب السوري كمدخل لحل القضية اللبنانية».

وقال احد السياسيين الذين التقوا الوفد العوني لـ «الشرق الأوسط» انه ابلغ الوفد انه لا يتفق معهم في هذه الفرضية، مستغرباً طريقة الدعوة التي يبدو وكأنها تدعونا لـ «نلحق انفسنا».

وكان وفد من «التيار الوطني الحر» المؤيد لعون زار امس النائب السابق تمام سلام و«حزب الله» حاملاً دعوة عون لـ «بحث مرحلة ما بعد سورية في لبنان». وقال بيان صدر عن «حزب الله» بعد اجتماع الوفد بنائب رئيس المجلس السياسي للحزب محمود قماطي وعضو المجلس غالب ابو زينب: «ان الطرفين اجريا جولة افق في الوضع السياسي الداخلي ومفرداته المختلفة، حيث تم التأكيد على اهمية سحب التوترات القائمة من الاجواء الداخلية بما يريح الجميع، كما اكد الطرفان على اهمية ان تسود لغة الحوار والانفتاح الساحة الداخلية نظراً لدقة الأوضاع وحساسيتها، واتفقا على اهمية تعميق الحوار الايجابي في المسائل التي طرحت وتحتاج الى مزيد من البحث في لقاءات اخرى».

وقال عضو الوفد «العوني» المهندس جبران باسيل لـ «الشرق الأوسط» ان الزيارة هي لدعوة الحزب للحوار، معتبراً ان مسعى «التيار «يهدف الى تهيئة الظروف لمرحلة لم يألفها اللبنانيون بعد وهي ادارة شؤونهم بأنفسهم». وعن كيفية إجراء حوار مع الحزب، في ظل كلام وزع عن لسان عون قبيل الزيارة تساءل فيه عن «الذي سيجمعنا مع «حزب الله» اذا كان له القرار الاستقلالي السياسي والعسكري ولا يعترف بسيادة الوطن»، قال باسيل: «هناك حزب الله السياسي وهو ما نحاوره، هذه هواجس (كلام عون) مطروحة ومشروعة».

واتفق عضو المجلس السياسي في الحزب غالب ابو زينب مع باسيل على وصف اللقاء بـ «الايجابي والصريح». وقال لـ «الشرق الأوسط»: «لقد تطرقنا الى عناوين عريضة واتفقنا على لقاءات اخرى للتعمق في القضايا التي تحتاج ان نقرأها معاً للاطلاع على موقف الآخر». واضاف «نحن حريصون بشدة على أجواء الهدوء الداخلي والحوار ونريد ان نتحاور معهم (العونيون) لأنهم يمثلون شريحة مهمة من اللبنانيين فنتفق على ما نتفق عليه وننظم ما لم نتفق عليه».

وكان عون قال عبر الهاتف من باريس في احتفال لانصاره في لندن انه «لا يقبل ببقاء سورية في البقاع، ولا ان يبقى حزب الله مسلحاً»، مشدداً على «ان هذين الامرين اساسيان لأنه اذا لم تكن هناك سيادة للدولة اللبنانية فليست هناك دولة لبنانية اصلاً.. ونحن نطالب بوحدة الدولة وبوطن واحد، فما الذي سيجمعنا مع حزب الله اذا كان له القرار الاستقلالي السياسي والعسكري، ولا يعترف بسيادة الوطن، فعلى ماذا سنتفق؟ وعلى ماذا سنتفق اذا لم نكن نتشارك الوطنية والهوية ونفس الثوابت فلا يوجد وطن والبقاع نعطيه لسورية لتغادر منه سنة 2200».

وفي المقلب الآخر، لا تبدو علاقة عون بأطراف «المعارضة» الاخرى مثالية، فهو على رغم حرصه على ان يتمثل تياره في «لقاء البريستول» الذي شهد ولادة وثيقة المعارضة الا انه لا يخفي، وانصاره، اختلافهم معهم في «موقفه الاستراتيجي»، أي الوجود السوري في لبنان. وقال عون في لقاء بريطانيا الذي نشر مضمونه امس على موقع التيار على الإنترنت: «نحن نختلف مع الوثيقة (المعارضة) على نقاط اساسية، بقاء سورية في البقاع وبقاء حزب الله مسلحاً وبقاء المخيمات كما هي والمطالبة بالسيادة والاستقلال هذا الأمر يتعارض مع تجربة 30 سنة».

وما لم يقله عون قاله المهندس الان عون (ابن شقيقته) الذي يعتبر من المقربين جداً لعون، في مقال نشر على موقع التيار، مؤكداً ان «وحدة المعارضة في الانتخابات النيابية على اهميتها وضرورتها، هي اساسية بقدر ما تلتقي مع الهدف الكبير الذي تضعه المعارضة نصب عينيها وهو ازالة الاحتلال ونتائجه ... وعبء المسؤولية هنا لا يقع على «المعارضة ـ المقاومة، التي دفعت غالياً من نفي وسجون وقمع وتضحيات، بل يقع على كاهل الآخرين وبالأخص «المنتسبين الجدد» الى معسكر المعارضة الواجب عليهم الاجابة على تساؤلات كثيرة .. ويحق للكثيرين التساؤل اين ترى كان سيكون العديد من معارضي اليوم لو جرى «تعيين» رئيس جديد في سبتمبر ( ايلول) الماضي؟ او ليست ايضاً محقة خشية البعض ان يكون هذا التحول، اذا ما ظل في حدوده الحالية، مجرد تصفية حسابات شخصية على خلفية التمديد الذي حصل». رغم ذلك، يقول عون: «يحرص التيار الوطني الحر على التعامل مع هذا التغيير بإيجابية وبنوايا صادقة وحسنة، وحضوره في البريستول رغم اعتراضه الشديد على مضمون الوثيقة، كما سعيه لمؤتمر مشترك للمعارضة لوضع خطة عمل لمواجهة المرحلة المقبلة، هو تأكيد آخر على اهتمامه وحرصه على رص الصفوف وليس على شرذمتها». ويضيف: «اما وفي حال تراجعت السلطة عن خطئها واعتدائها على العماد عون من خلال اسقاط الملاحقات القضائية السياسية ضده فلن يكون مسموحاً التلاعب بهذا الموضوع من قبل احد او اخذه ذريعة لإطلاق اية تهم، لا بل العكس، على المعارضة الترحيب بتحقيق احد مطالبها والابتهاج بإمكانية عودة احد اقطابها الى لبنان».