اليازغي: الكشف عن ملابسات اختطاف بن بركة خط فاصل بين «الاشتراكي» وهيئة الإنصاف بالمغرب

أمين «الاتحاد الاشتراكي» قال إن حزبه لم يناقش الرئاسة المقبلة للبرلمان المغربي

TT

اعتبر محمد اليازغي امين عام حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة) أن الخط الفاصل بين الحزب وهيئة الانصاف والمصالحة (هيئة حقوقية استشارية لدى العاهل المغربي الملك محمد السادس) يكمن في الكشف عن حقيقة وملابسات اختطاف واغتيال الزعيم اليساري المهدي بن بركة . واضاف اليازغي في معرض جوابه عن سؤال حول عمل هيئة الانصاف والمصالحة في المغرب: «إن الحكم على عمل الهيئة وتقييم عملها مرتبط بتوصلنا بالتقرير النهائي لأشغالها»، موضحا ان الحزب لم يوقع شيكا على بياض، إذ سبق وأن ألح في اجتماع مع أعضاء من الهيئة على ضرورة تجلية الحقيقة في ملف المهدي بن بركة الذي سيكون عنصرا أساسيا لتحقيق المصالحة.

بيد أن اليازغي، الذي كان يتحدث أمس الى الصحافة بمقر الحزب بالرباط، استدرك، بالقول إن الحزب دخل في مصالحة مع الدولة حينما اتفق مع الملك الراحل الحسن الثاني على إنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ليكون أداة يستعين بها رئيس الدولة قبل اتخاذ قرارات متعلقة بالعفو على المنفيين وإطلاق سراح المعتقلين واعلان قائمة المختفين أو المتوفين في ظروف غامضة، وتجلت المصالحة كذلك في دعوة الحزب الى التصويت بنعم على دستور 1996، وما تلا ذلك من مشاركة فيما يعرف بـ «حكومة التناوب» بقيادة عبد الرحمن اليوسفي الأمين العام السابق للحزب.

وأوضح اليازغي أن المصالحة من منظور الحزب لا تكمن فقط في اعتراف الدولة بما اقترفته من انتهاكات في حق المواطنين في مرحلة «سنوات الرصاص» وفي إعادة الاعتبار للضحايا، ومنهم قياديو ومناضلو الاتحاد الاشتراكي، بل تتجلى في دمقرطة المؤسسات واصلاح مؤسسات الدولة لتحصين «الانتقال الديمقراطي» حتى تتحقق المصالحة الكبرى مع الشعب المغربي. ووصف اليازغي، جلسات الاستماع العمومية لضحايا ماضي انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب، التي بوشرت اخيرا، بالخطوة الأساسية والمهمة، لكونها تتضمن جانبا تربويا وسياسيا لإطلاع الرأي العام المغربي على ما جرى، ولأنها أبرزت أن الضحايا المتطوعين للحديث والبوح بمعاناتهم، يتسمون بقيمة المناضل المدافع عن كرامته.

وبخصوص النداء، الذي سبق أن وجهه الحزب لتجميع قوى اليسار وتفعيل عمل أحزاب «الكتلة الديمقراطية»، أكد اليازغي أن فصائل اليسار المغربي لن تستطيع الصمود والاستمرار في السنوات المقبلة إذا لم تصل الى اتفاق وتنسيق عمل مشترك مع حزب الاتحاد الاشتراكي، موضحا أن النقاش السائد الآن بين قوى اليسار يهم الحزب بالدرجة الأولى لمد جسور التواصل والتعاون كي تلعب تلك القوى دورا أساسيا في البلاد، ولا يهم في هذا الشأن حجم التنظيم اليساري أو طبيعة قاعدته، وإنما الافكار التي يتم التعبير عنها.

واقترح اليازغي أن تسلك قوى اليسار سبل الوحدة عن طريق عمل مشترك ينطلق من المجال الثقافي والنقابي والحقوقي والجمعوي للتأثير في مسار الأحداث التي يشهدها المغرب. ونفى اليازغي أن تكون «أحزاب الكتلة» (تضم الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، والتقدم والاشتراكية واليسار الاشتراكي الموحد) قد انتهت بفعل التحولات القائمة بالمغرب، بل يرى أنها لاتزال قائمة، «فهي تعقد لقاءات مشتركة لا يعلن عنها في الصحافة، وأعضاؤها يتوفرون على قناعة أن لها دورا أساسيا لتحصين الانتقال الديمقراطي ودمقرطة المجتمع واصلاح الدولة، كما ان ميثاق الكتلة لا يزال صالحا وسنعمل على تفعيله».

وبخصوص تصور الحزب لمشروع قانون الأحزاب المعروض للنقاش، قال اليازغي ان الحزب كان قد طالب باصدار قانون للأحزاب منفصل عن قانون الجمعيات، مند عام 1998 على عهد «حكومة التناوب»، وبرر التأخر الذي حصل آنذاك في اصدار هذا القانون الى الاستحقاقات الانتخابية الذي صادفت بدورها ميلاد أحزاب جديدة، خاصة ان البعض شكك في ان القانون الجديد يرمي الى تضييق الخناق على الأحزاب الجديدة، لتستأثر احزاب الكتلة بالسلطة.

ولاحظ اليازغي أن الحزب مع حلفائه، ينطلقون من مبدأ إعادة الاعتبار للعمل السياسي بعد ان شهد في فترات سابقة تدخلا من الدولة، تمثل في خلق أحزاب وفرض أخرى ودعم البعض، ملحا على ضرورة طي هذه الصفحة بشكل نهائي وربط تأسيس الأحزاب بالقضاء وإخضاع حساباتها المالية لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات وليس للسلطة الحكومية.

ولم يوضح اليازغي ما إذا كان الاتحاد الاشتراكي يرغب مجددا في الاحتفاظ بمنصب رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان المغربي) الذي سيحدد انتخابه في دورة أبريل (نيسان) المقبل، قائلا ان الحزب، لم يناقش هذه القضية ولا يعلم برغبة أحد حلفائه لشغل المنصب.

وقلل اليازغي من انعكاسات فشل الحزب في تحقيق نتائج ايجابية في الانتخابات التشريعية الجزئية التي جرت اخيرا في عدد من المدن المغربية، معللا أن الأمر مرتبط بظواهر منها ضعف حجم مشاركة الناخبين، اضافة الى استمرار ظاهرة استعمال المال لشراء أصوات الناخبين، وإن خفت حدة الظاهرة مقارنة مع الانتخابات التي جرت عام 2002.

وحدد اليازغي، ربيع العام المقبل موعدا لعقد المؤتمر السابع للحزب، مشيرا الى أن اللجان باشرت عملها منذ أول من أمس لتحديد المحاور الأساسية التي سيناقشها المؤتمرون حتى يمر المؤتمر في ظروف عادية.

وقال اليازغي إن أربع لجان تفرعت عن اللجنة التحضيرية: الأولى تهتم ببلورة الاختيار المذهبي وهوية الحزب في ظل التحولات العالمية الكبرى والتطور التكنولوجي وسرعة الأحداث واتساع حجم التجارة العالمية في ظل العولمة، معربا عن رغبة الحزب في الاستفادة من تجارب الأممية الاشتراكية القوة السياسية الاولى في العالم التي تضم حوالي 140 حزبا اشتراكيا، ومن النقاش الفكري الذي يجري داخلها. وأوكل الى اللجنة الثانية اعداد برنامج مفصل ودقيق وبعيد عن العموميات، بينما تنكب اللجنة الثالثة على دراسة الأوضاع التنظيمية للحزب وهياكله واسلوب انتخاب مؤسساته والبحث عن صيغ لتفعيل تنظيماته، فيما تضطلع اللجنة الفرعية الرابعة بالاعداد المادي للمؤتمر.

وفي سياق انفتاح الحزب على مكونات المجتمع المدني والحساسيات الفكرية والثقافية في المغرب، اكد اليازغي على انفتاح الاتحاد الاشتراكي على كل الافكار التي لا تتعارض مع توجهاته الكبرى.