هجوم انتحاري ضد مقر «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» في بغداد

أسفر عن مقتل 18 شخصا وجرح 54 آخرين والأضرار لحقت بالعديد من المنازل المجاورة وعشرات السيارات

TT

تعرض مقر «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق» في بغداد امس الى هجوم انتحاري نفذ بسيارة مفخخة قتل فيه 18 شخصا بينهم عدد من حراس زعيم المجلس عبد العزيز الحكيم الذي اتهم متطرفين إسلاميين سنة وبعثيين موالين للرئيس العراقي المخلوع بالوقوف وراء الهجوم.

وانفجرت السيارة المفخخة أمام المكتب الرئيسي للمجلس، وهو حزب معارض تأسس في ايران خلال فترة حكم صدام حسين، وهو واحد من الاحزاب الرئيسية التي تتنافس على الانتخابات التي تجرى في 30 يناير (كانون الثاني) المقبل. والتقت «الشرق الأوسط» في مكان الحادث احد المسؤولين في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي اتهم انصار ابو مصعب الزرقاوي وبقايا النظام السابق للحادث الذي نجم عن سيارة مفخخة، ووصفه بـ«الفعل الاجرامي، وان الفاعلين يهدفون الى اعادة المعادلة الظالمة لضرب وظلم الشيعي العراقي واغتيال كافة الشخصيات السياسية والدينية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية من اجل افراغ هذا البلد من كوادره المهمة». واكد ابو منتظر ان «هذا العمل سوف يزيد من لحمة العراقيين الذين يريد البعض جرهم الى حروب طائفية، وهذا ما سوف لن يتحقق أبدا لان كافة الاطياف لها وضوح في الرؤيا وتؤمن بالمشاركة في اقامة حكم ديمقراطي يجمع كافة الاطياف والاقليات على المستويات الدينية والثقافية والاجتماعية لتحقيق ارادة الشعب في قيادة الدولة بعيدا عن القتل والظلم لأي طرف او لأي قومية او لاي دين». واشار ابو منتظر الى ان الحصيلة النهائية للحادث ادت الى مقتل 3 اشخاص من حماية المجلس الاعلى للثورة الاسلامية و15 من المدنيين واكثر من 54 جريحا وتضرر 61 سيارة منها عائدة الى المجلس فضلا عن سيارات المارة في المنطقة. وقام عناصر من الحرس الوطني العراقي بغلق الشارع المؤدي الى المكتب تساعدهم قوات اميركية. ومنعت هذه القوات الصحافيين من الاقتراب من المكتب حيث قامت سيارات عسكرية اميركية من طراز هامفي بغلق الشارع والطريق الرئيسي المؤدي الى المكتب ووضعت اسلاكا شائكة.

وقال رافد عادل احد سكان الحي لوكالة الصحافة الفرنسية «رأيت سيارة تسير مسرعة باتجاه المنطقة الممنوعة التي يتوزع فيها حراس المقر قبل ان يحصل انفجار قوي». واضاف ان «الحرس لم يتمكنوا من ايقاف السيارة التي انفجرت قبل الوصول الى مواقعهم». وادت شدة الانفجار الى كسر زجاج نوافذ المنازل المجاورة للمكتب.

وقال احد تجار المنطقة «سمعت دوي انفجار ورأيت النار ترتفع في السماء قبل ان ارى الدخان يتصاعد من امام المكتب، ورأينا النوافذ تهتز». واضاف «رأيت بعد ذلك عددا من الجثث تنقل بسيارات بيك ـ اب».

ويقيم الحكيم في جانب من مبنى مقر المجلس الذي يقع في تقاطع مزدحم يضم منزل طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي السابق خلال حكم صدام، وهو مسجون حاليا.

ويرأس الحكيم الذي أمضى نحو 20 عاما من المنفى في ايران، ائتلافا شيعيا من المتوقع أن يحقق نتائج قوية خلال الانتخابات التي تجري الشهر المقبل والتي من المحتمل أن تجعل شيعة العراق الذين يمثلون 60 في المائة من السكان يتولون السلطة بعد أن كانوا مهمشين خلال حكم صدام وقبل ذلك.

ودعا الحكيم انصار المجلس الى عدم الرد على الهجوم الذي وصفه بأنه «من تدبير الاسلاميين السنة والبعثيين». وقال «اخترنا طريق اللاعنف وسنلتزم به». واضاف قوله لرويترز ان «العقيدة الوحيدة التي يعرفها هؤلاء الناس هي الارهاب. القينا السلاح لصالح التعددية الحزبية». وقال انه اذا كان الشيعة يريدون العنف لكانوا ردوا منذ زمن بعيد. وقال الحكيم ان الهجوم يماثل هجمات اخرى شنها رجال أمن سابقون من نظام صدام بالتعاون مع مسلحين من السنة. واغتيل اية الله محمد باقر الحكيم شقيق الحكيم والزعيم السابق للحزب في انفجار سيارة ملغومة بعملية انتحارية في مدينة النجف بجنوب البلاد في أغسطس (آب) عام 2003. وهز الانفجار حي الجادرية بجنوب بغداد في الساعات الاولى من صباح امس مما أدى الى تصاعد سحابة من الدخان الاسود في الهواء وأجبر السكان الذين أصابهم الذعر على الفرار. وطوقت الشرطة العراقية والقوات الاميركية المنطقة. وقال شهود عيان ان جثثا تركت مسجاة في الشارع الى حين حضور سيارات الاسعاف لنقلها الى المستشفى. وقالت الشرطة ان عدد القتلى قد يرتفع.

وقال محسن الحكيم نجل عبد العزيز الحكيم لوكالة الصحافة الفرنسية في طهران ان افرادا قاموا بصدم مدخل مكاتب الحكيم بسيارة مفخخة، بدون ان يذكر اي تفاصيل عن منفذي هذه العملية. ورأى محسن الحكيم ان هذا الهجوم ارتكبه «اعداء الشعب العراقي الذين يرفضون ان تجري الانتخابات (العامة) في الموعد المحدد». ورأى ان المهاجمين «هم انفسهم الذين قتلوا محمد باقر الحكيم» الرئيس السابق للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي قتل في اغسطس 2003 في انفجار سيارة مفخخة في مدينة النجف.

والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق جزء من الائتلاف العراقي الموحد الذي تشكل تحت اشراف المرجع الشيعي الاعلى اية الله علي السيستاني لخوض الانتخابات. ويرأس الحكيم القائمة الانتخابية للائتلاف.

وحذر مسؤولون أميركيون وعراقيون من زيادة أعمال العنف خلال الفترة التي تسبق الانتخابات. وقتل ثلاثة أعضاء من حزب الله العراقي، وهو حزب اخر في الائتلاف العراقي الموحد هذا الشهر. كما قتل مسؤول من الحزب الديمقراطي الصغير اول من أمس. وقبل ثمانية أيام وقع انفجاران بسيارتين ملغومتين في عمليتين انتحاريتين بمدينتي النجف وكربلاء الشيعيتين مما أسفر عن مقتل أكثر من 60 واصابة نحو 200 فيما بدا أنه محاولة واضحة لاثارة فتنة طائفية، وهو هجوم لم يقع رد مقابل له حتى الان.

واتهم حازم الشعلان وزير الدفاع العراقي في وقت سابق هذا الشهر أعضاء كبارا في الائتلاف العراقي الموحد بأنهم مأجورون من ايران، وقال ان هدفهم بعد الانتخابات اقامة حكم ديني على غرار الحكم الايراني في العراق.