الأمم المتحدة ستطلب «مبلغا قياسيا» لمواجهة الأزمة وتفشي الأمراض ونقص المياه النظيفة يهدد حياة الآلاف

TT

قال مسؤول في الامم المتحدة ان المنظمة الدولية ستقدم مساعدات اغاثة لنحو 500 ألف اندونيسي في اقليم اتشيه حيث يخشى أن يكون أكثر من 25 الفا قد قتلوا بسبب موجات مد عاتية اجتاحت المنطقة عقب زلزال عنيف في المحيط الهندي. ويأتي ذلك فيما قال مسؤول كبير في الامم المتحدة ان المنظمة الدولية ستطلب مبلغا قياسيا من الدول المانحة لمساعدة ضحايا كارثة المد البحري في المحيط الهندي. وتلقى عمال الاغاثة التابعون للامم المتحدة امس الضوء الاخضر من جاكرتا للتوجه الى اتشيه وهو اقليم يقطنه أربعة ملايين نسمة غالبيتهم مسلمون على الطرف الشمالي لجزيرة سومطرة يشهد منذ عام 1976 حركة انفصالية. وقال محمد صالحين القائم بأعمال ممثل الامم المتحدة المقيم ومنسق الاغاثة الانسانية «جئنا للتو من اجتماع مع الحكومة. وتقول الحكومة اننا نستطيع أن نمضي قدما الى هناك بدون مشاكل». وتابع «سنعمل مع الحكومة فيما يتعلق بالمسائل الأمنية». مضيفا أن فريقا توجه الى باندا اتشيه عاصمة الاقليم على الفور وأن فريقا آخر سيرحل اليوم. وقال صالحين «توصلنا الى نوع من الاتفاق على أنه يتعين علينا تقديم المساعدات لنحو 500 الف... نعتقد أننا سنصل الى رقم يتراوح بين 24 و25 مليون دولار خلال الشهر المقبل. هذه الارقام قد تتغير تماما بعد تقييم ملائم». واشار الى ان القطاعات الرئيسية المستهدفة هي الصحة والاغذية والمياه والصرف الصحي. وقال يوسف كالا نائب رئيس اندونيسيا ان حصيلة ضحايا موجات المد التي أعقبت الزلزال العنيف قد تصل الى 25 الف قتيل. ووصل العدد الاجمالي للقتلى في اسيا حتى الان بسبب الكارثة الى 26 الفا منهم خمسة الاف في اندونيسيا. وحذرت الامم المتحدة من تفشي الاوبئة خلال أيام في المنطقة اذا لم تستطع أنظمة الرعاية الصحية مواجهة الامر، قائلة ان تأثير الامراض قد يكون بنفس قدر الاثار السلبية لموجات المد العاتية التي أعقبت الزلزال.

وعلى الصعيد ذاته، قال خبير بارز بمنظمة الصحة العالمية ان الامراض قد تقتل في منطقة المحيط الهندي المنكوبة عددا يماثل عدد القتلى الذين سقطوا من جراء موجات المد العاتية الناجمة عن زلزال الاحد الماضي. وأكد الدكتور ديفيد نابارو في مؤتمر صحافي امس أن هناك حاجة ماسة الى المسارعة بتقديم الرعاية الطبية والمياه النقية الى البلدان التي منيت بأفدح الخسائر حتى تتسنى الحيلولة دون وقوع كارثة صحية تماثل في وطأتها الكارثة الناجمة عن موجات المد. وقال نابارو «هناك بكل تأكيد فرصة لسقوط عدد من القتلى من جراء الامراض المعدية يماثل ذلك العدد الناتج عن موجات المد». الى ذلك، طالب الاتحاد الدولي للصليب الاحمر بـ 44 مليون دولار من المساعدات لضحايا كارثة امواج المد البحري العملاقة التي اجتاحت سواحل آسيا. وقال ماركو نيسكالا الامين العام للاتحاد في بيان «انها اكبر كارثة نواجهها منذ عقود ولم نستكشف بعد مدى حجمها».

وقد تدفقت المساعدات الانسانية على البلدان المنكوبة من كل مكان في العالم، الا ان حجم الكارثة اكبر من حجم المساعدات الانسانية. وقررت قطر تقديم مساعدات عاجلة بقيمة عشرة ملايين دولار للضحايا. وقال مسؤول في وزارة الخارجية القطرية ان بلاده «قررت تقديم مساعدات عاجلة بقيمة عشرة ملايين دولار لضحايا الكارثة التي نجمت عن الفيضانات بتوجيهات من الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نائب امير قطر وولي العهد». وعبر المصدر عن تعازي قطر لاسر الضحايا. وفي طوكيو، اعلنت الحكومة اليابانية انها قدمت ثلاثين مليون دولار الى المنكوبين في مختلف الدول التي تضررت بالزلزال وتبعاته في آسيا. وتأتي هذه المساعدات لتضاف الى 7.9 مليون دولار خصصتها اليابان للمنظمات غير الحكومية اليابانية لدعم عملها الانساني على الارض. كما اعلنت طوكيو عن مساعدة مادية تتألف من اغطية وخيام ومعدات اخرى تبلغ قيمتها 9.2 مليون دولار. اما الولايات المتحدة فقررت ارسال مساعدات بقيمة 35 مليون دولار الى الدول المنكوبة. وقال مساعد المتحدث باسم البيت الابيض ترينت دافي في كروفورد (تكساس) حيث يمضي الرئيس الاميركي عطلة «ستكون الولايات المتحدة بتوجيهات من الرئيس على رأس احدى اكبر عمليات المساعدة الانسانية في العالم». واوضحت مصادر ان الولايات المتحدة ستقدم مساعدات فورية مالية وعلى شكل مواد انسانية تبلغ قيمتها 35 مليون دولار. وكانت واشنطن قد قررت في البداية ارسال مساعدات بقيمة 15 مليون دولار، الا ان انتقادات الامم المتحدة لها، واتهامها لها بالبخل، دفعت واشنطن الى زيادة حجم مساعداتها الانسانية. وارسلت البحرية الاميركية ثلاث طائرات استطلاعية «بي ـ 3» من قاعدتها في اوكيناوا (اليابان) الى تايلاند بينما شكلت وكالة التنمية الاميركية فريقا للمساعدة متخصصا بالكوارث يضم 21 شخصا.

وفي بكين، اعلنت وزارة التجارة الصينية انها ستقدم مساعدة بقيمة 6.2 مليون دولار. وقالت الوزارة على موقعها على الإنترنت ان كلا من الهند واندونيسيا وتايلاند وسري لانكا والمالديف ستتلقى خياما واغطية ومواد غذائية ومساعدة مالية. كما ارسلت استراليا طائرتين من طراز «سي ـ 130 هيركوليس» تابعتين لسلاح الجو الاسترالي محملتين بالمساعدات الى سومطرة. وكان رئيس الوزراء الاسترالي جون هاوارد اعلن اول من امس عن مساعدة تبلغ 6.7 مليون دولار للمنكوبين يدفع نصفها الى اللجنة الدولية للصليب الاحمر والنصف الآخر الى اندونيسيا مباشرة. وارسلت نيوزيلندا واحدة من طائراتها «سي ـ 130» الى داروين شمال استراليا بانتظار تحديد المكان الذي ستنقل اليه المساعدات.

وتكافح هيئات الاغاثة العالمية اثار الكارثة التي تسببت فيها موجات المد في اسيا. وقال بيكيلي جيليتا رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر في جنوب شرقي اسيا «حجم الكارثة لا يمكن تصديقه». واوضح جيليتا للصحافيين «ندرك الان من خلال ارسال وحدات الطوارئ أن هناك فجوة كبيرة بالفعل لذلك فاننا سنعدل من مطلبنا قريبا... لن أفاجأ اذا ما زادت جنيف مطالبها ثلاثة أمثال أو أكثر». وبالنسبة للكثير من الناجين الذين يتطلعون للاغاثة فان المساعدات تصلهم بصورة بطيئة للغاية. وفي مدينة باندا اتشيه الاندونيسية اختلطت مشاعر الخوف بمشاعر الغضب مع اصطفاف سكان باندا اتشيه أمام المتاجر المحدودة التي ما زالت تفتح أبوابها والتي يحرسها الجنود. وقال ميرزا، 28 عاما، وهو من السكان «أين هي المساعدة.. لا يوجد شيء. الحكومة بأكملها نائمة». وقال بودي ، 24 عاما، «أنا أقف هنا منذ ساعة. لا يوجد شيء في المنزل». وفي جنوب تايلاند استعان السكان بالمجارف والمعازق والمناشير اليدوية. وظهرت المعدات الالية في بعض الاماكن وهناك وعد بارسال معدات أخرى. وفي حين أن مجموعات الاغاثة الوطنية كانت أول من وصل الى مناطق الكوارث فان الكثير من هيئات الاغاثة الدولية قالت انها ما زالت تحاول أن تتوصل الى أفضل السبل للتعامل مع الحاجة الكبيرة للمساعدات.

وقال جيليتا عن فرق الانقاذ «انها تعاني من ضغط . ما من شك في ذلك... أكبر مشكلة هي التنسيق وادارة المنشآت والموارد». وأرسلت عدة دول اسيوية سفنا بحرية تحمل امدادات طارئة وأطباء الى المناطق الساحلية المنكوبة. واتجهت سفينة بحرية تايلاندية تضم مركزا طبيا الى جزيرة فوكيت المدمرة والتي تأكد فيها مقتل 203 الى جانب اصابة اخرين في الوقت الذي عمل فيه الاطباء والممرضات في مراكز جراحات مؤقتة على الساحل الغربي لتايلاند. وطلب بنك الدم الوطني في تايلاند الحصول على امدادات طارئة من الدم. وقتل المئات من السائحين الاجانب في المنتجعات بتايلاند وسري لانكا وأصيب كثيرون اخرون بسبب الانقاض التي جرفتها المياه. وسعت فرق الاغاثة في سري لانكا واندونيسيا وهما من أكثر الدول تضررا لمنع انتشار الامراض من خلال الجثث المتعفنة والمياه الملوثة عن طريق دفن الجثث في مقابر جماعية وتوفير المأوى والخدمات الصحية. وقالت الامم المتحدة ان المئات من طائرات الاغاثة التي تحمل امدادات الطوارئ ستصل الى سري لانكا خلال 48 ساعة والتي زاد فيها عدد القتلى عن 12 ألفا. وحذرت الامم المتحدة من أن انتشار الامراض التي تنقلها المياه وأمراض الامعاء والرئة من الممكن أن يشمل الملايين في كل أنحاء اسيا. وقالت مجموعة «أوكسفام» للاغاثة الخارجية انها أرسلت 60 صهريجا للمياه سعة كل منها ألف لتر الى ترينكومالي في شمال شرقي سري لانكا وانها تعد 25 ألف عبوة أغذية تحتوي على الارز والطحين والاسماك والسكر والحبوب. كما أنها نقلت أغطية بلاستيكية حتى تتخذها نحو عشرة آلاف من الاسر المشردة في سري لانكا مأوى مؤقتا. وتشرد الملايين في كل أنحاء اسيا. وقال اندرو هيويت المدير التنفيذي لمجموعة «أوكسفام» للاغاثة الخارجية للصحافيين في استراليا «هذه كارثة انسانية هائلة وبما أن الاتصالات سيئة للغاية في الكثير من المناطق فما زلنا لا نعلم حجمها».