إسرائيل تشكو أبو مازن لواشنطن وأوروبا لترديده الخطاب السياسي لعرفات وإصراره على حق العودة

TT

أصدر وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم، تعميما إلى سفرائه في جميع دول الغرب و«بقية الدول الصديقة في العالم»، يطلب فيه منهم ان ينقلوا رأي الحكومة الاسرائيلية السلبي من التصريحات الأخيرة لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية الجديد، محمود عباس (أبو مازن). وأن يطلبوا من حكومات الغرب ان تتخذ موقفا من هذه التصريحات «السلبية»، وتوصل هذا الموقف الى القيادة الفلسطينية الجديدة.

وقال شالوم ان اللهجة التي تحدث بها ابو مازن خلال الأيام والأسابيع الماضية، وآخرها وأكثرها حدة تلك التي ألقاها في تأبين الأربعين للرئيس الراحل ياسر عرفات، انما تذكّر بلهجة عرفات، ويفهم منها ان لا جديد لدى القيادة الجديدة. وهذا أمر غير مقبول لدى اسرائيل، واذا استمر فإنها لن تدخل في مفاوضات مع هذه القيادة أيضا.

ويفصل الوزير الاسرائيلي موقفه من تصريحات أبي مازن، ويشير بشكل خاص الى القول انه متمسك بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، حسب قرار الأمم المتحدة رقم 194، ويرفض التنازل عن حدود 1967 ولن يقبل بالكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، وانه يتمسك بالثوابت الفلسطينية المعروفة التي تمسك بها الرئيس عرفات، وهي انه لن يكون هناك سلام من دون اطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين، وفي مقدمتهم مروان البرغوثي, عضو المجلس التشريعي أمين سر اللجنة الحركية العليا لتنظيم «فتح» في الضفة الغربية الذي يقضي حكما بالسجن 5 مؤبدات. وحاول شالوم استخدام الموقف الأميركي في هذا الشأن، كما تمثل في رسالة الضمانات التي أرسلها الرئيس جورج بوش، الى رئيس الوزراء الاسرائيلي، أرييل شارون، اثر اطلاقه خطة الانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية وازالة المستوطنات منهما واخلاء المستوطنين، تلك الرسالة التي يتعهد فيها بدعم الموقف الاسرائيلي ضد حق عودة اللاجئين والابقاء على الكتل الاستيطانية الكبيرة داخل حدود اسرائيل.

يذكر ان رسالة شالوم هذه، جاءت اثر الرصد الاسرائيلي الدقيق والمتواصل لتصريحات القائد الفلسطيني الجديد، وبعد سلسلة نقاشات حولها في الدوائر الاسرائيلية المختلفة، السياسية والأمنية والعسكرية والجماهيرية.

وكان الرأي السائد لدى المتناقشين في البداية ان ابا مازن مضطر للحديث بهذه اللهجة، لكي لا يدخل في مواجهة مع الكوادر القتالية، ولكي يواجه الحالة التي أوجدها مروان البرغوثي، عندما رشح نفسه للرئاسة الفلسطينية. ولكن الميزان بدأ يميل لصالح القوى التي تقول ان أبا مازن لا يتفوه الا بما يؤمن به، وان المفاوضات معه ستكون أصعب على اسرائيل، لأنه يقول ما كان يقوله عرفات، ولكن بلهجة أنعم ومقبولة لدى الغرب، خصوصا عندما يرفقها بالاعلان انه يعارض عسكرة الانتفاضة. وراح بعضهم يعتبر رفض ابي مازن للعمل المسلح مجرد ضريبة كلامية، حيث انه يقول ولا يفعل شيئا لتثبيت أقواله. ويحذر هذا التيار من أن «تقع اسرائيل فريسة لسياسة ابو مازن الذكية»، لذلك ينصح بأن تبدأ اسرائيل في التحرك لمجابهتها.

لكن في المقابل، يوجد تيار آخر يعتبر أبو مازن صادقا في رفضه العنف، ولا يرى غضاضة في تصريحاته السياسية، باعتبار انها تصريحات ما قبل الانتخابات ويجري هؤلاء مقارنة بين تصريحات ابي مازن وتصريحات شارون قبل الانتخابات، التي كانت تصريحات متطرفة ومتعصبة، ثم بعد فوزه طرح خطة للانسحاب من مناطق فلسطينية واسعة، وازالة مستوطنات واخلاء مستوطنين، وراح يردد شعرات حزب العمل المعتدلة «يجب الا نكون محتلين» و«لا نريد الاستمرار في السيطرة على شعب آخر» وغيرهما.

وكما يبدو فإن التيار اليميني المتطرف هو الذي انتصر داخل المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة، حتى هذه المرحلة، لذلك جاءت رسالة شالوم. ويتوقع البعض ان يتغير هذا القرار، عندما يدخل حزب العمل المعارض الى الائتلاف الحكومي خلال الاسبوعين المقبلين، ويتولى شيمعون بيريس مسؤولية هذا الملف مع الفلسطينيين.

يذكر ان الاتفاق على دخول العمل الى حكومة شارون انجز. ولكن فيه بندا يحتاج الى سن قانون خاص به هو بند تعيين بيريس نائبا لرئيس الحكومة. فالقانون الحالي ينص على تعيين نائب واحد فقط، وهو الآن ايهود اولمرت. وتقرر تعديله باجراء سريع. لكن لجنة القضاء والدستور في الكنيست، رفضت اجراء عملية تسريع، وقررت ان تأخذ كل ما تحتاج من وقت للبحث الهادئ في الموضوع. وقال رئيس اللجنة، ميخائيل ايتان، انه يحتاج على الأقل الى 3 أسابيع. وينتظر حزب العمل بلا صبر انتهاء هذه الفترة.