رئيس هيئة موانئ دبي: ما تردد عن العثور على مواد نووية لدينا غير صحيح ولم يأتنا أي مفتشين دوليين

سلطان بن سليم قال لـ «الشرق الاوسط» إن المواد المهربة كانت ذات «استخدام مزدوج» وهناك تعاون مع هيئات الأمن الدولية

TT

في اول تصريح رسمي حول اتهامات دولية غير رسمية لدبي بأنها واحدة من اهم الاسواق السوداء النووية، التي يتم من خلالها بيع الاسرار والمكونات النووية لصالح منظمات ارهابية او دول تسعى للحصول على سلاح نووي، نفى سلطان بن سليم الرئيس التنفيذي لمؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة بدبي، قيام مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات تفتيش في دبي ادت الى العثور على مكونات عليها آثار إشعاعية.

وقال بن سليم الذي يقود واحدة من انجح مؤسسات الموانئ والمناطق الحرة في العالم في حوار مع «الشرق الاوسط» ان سلطات الامارة تلقت استفسارات من هيئات دولية حول وجود شبكات لتهريب الاسرار النووية ومكونات اسلحة ذرية وان هناك تعاونا دائما مع الانتربول (الشرطة الدولية) والهيئات الامنية المعنية الا انه شدد على ان «الصحف كتبت اشياء فظيعة اثارت استغرابنا». وفي ما يلي نص الحوار.

* انضممتم في الآونة الاخيرة الى الاتفاقية الاميركية الخاصة بتفتيش الحاويات المتجهة من ميناء جبل علي الى موانئ الولايات المتحدة. إلى أي مدى ستؤثر هذه الاتفاقية على موضوع السيادة خاصة وانها تتطلب نشر مفتشين اميركيين في موانئكم؟ ـ المعروف ان هذه الاتفاقية تشمل جميع الدول التي ترسل سفن حاويات الى الولايات المتحدة والتي تنشر بدورها مفتشين للتأكد من سلامة الحاويات المتجهة الى الولايات المتحدة. اما السفن التي تتجه لأميركا من مكان لا يوجد فيه مفتشون فإنها تخضع لتفتيش صارم ولا تدخل أي ميناء اميركي بسهولة. كما ان دولا تنافسنا مثل سنغافورة وهونغ كونغ وهولندا (نوتردام) دخلت في هذه الاتفاقية وأصبحت لها افضلية، ورأينا ان هذا يؤثر على مركزنا التنافسي في مجال الشحن البحري. أصبحنا جزءا من الاتفاقية لأن في ذلك مصلحة لنا اولا ويسهل حركة التجارة الدولية. كما ان موضوع التفتيش ليس سابقة في الامارات، فخلال مرحلة الاستقلال (للامارات) كان مفتشو الجمارك الكويتيون موجودين في عرض الميناء لتفتيش الحاويات المتجهة الى الكويت، كما كان لنا تعاون مماثل مع الايرانيين والعراقيين (ابان حرب الخليج الاولى).

* افادت تقارير ان مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية عثروا في دبي على مكونات تدخل في صناعة الاسلحة النووية. ما مدى صحة هذا الكلام؟

ـ الكلام عن العثور على مكونات ذرية او مواد عليها آثار اشعاعية في دبي غير صحيح وخارج نطاق المنطق. لم يأت احد الينا ليقول لنا انهم وجدوا مثل هذه المكونات او غيرها.

* لكنهم في فيينا قالوا إنهم لقوا من السلطات الاماراتية كل تعاون دون ان يذكروا اسم بلدكم. ـ نعم هناك تعاون مع الانتربول ومع جميع الهيئات (المعنية). فإذا كانت لديهم شكوك فليأتوا وليفتشوا; لكن الى اليوم لم يكتشف احد وجود مكونات ذرية في دبي.

* تقصدون ان المفتشين جاؤوا وفتشوا ولم يجدوا شيئا؟ ـ لا لم يأت احد ولم يفتش احد. هم يستفسرون وهذه امور تحصل دائما. ربما على المستوى الامني حصل شيء، لكن كجمارك لم يصلنا شيء. وفضلا عن ذلك، لدينا نحن اجهزة للكشف عن أية اشعاعات وكثير من هذه الاشعاعات تستخدم في تطبيقات سلمية. فشركات النفط مثلا تستخدم اقطابا مشعة للكشف عن الشقوق في منشآت النفط.

* ولكن ماذا عن شبكة العالم الباكستاني عبد القدير خان وغيره من الذين اتهموا بالمتاجرة بالاسرار النووية من مقار لهم في دبي؟ ـ المواد التي مرت من دبي هي ذات استخدام مزدوج، أي انها تستخدم في تطبيقات سلمية وعسكرية، وهي مواد من الصعب جدا اكتشافها، وهي كلها مواد خراطة. الكثير من ورش الحدادة في دبي تصنع قطع غيار لماكينات وآلات مختلفة. المسألة كلها عبارة عن مواد صنعت في مخارط وقالوا انه من الممكن ان تستخدم لصنع القنابل. كيف تمسك هذه المواد؟. والاهم من ذلك، هل تحدث مسؤول رسمي اميركي عن هذا الامر؟ طبعا لا! الصحف الاميركية تطرقت الى الموضوع وقالت كلاما غير منطقي ابدا حيث وصفت دبي بأنها بؤرة للتهريب (النووي) وغسيل الاموال. عندما تكون ناجحا يكون حسادك كثيرين. و(المسؤولون) الاميركيون يعرفون تماما ان هذه المواد هي ذات استخدام مزدوج واننا لا نقوم بتصنيعها. فإذا كانت دولة ما تصنعها وتصدرها فعلى هذه الدولة ان تعرف من يستعمل مثل هذه المواد. وهناك ايضا اتفاق يقضي بقيامنا بالابلاغ عن اية مواد من هذه الطبيعة المزدوجة اذا صدرت من دبي.

* اذن، لماذا بقيتم صامتين حيال الاتهامات التي اشارت الى دبي باعتبارها مركزا للتهريب النووي؟

ـ الصحف كتبت اشياء فظيعة عندما نراها نستغرب. وهناك تعاون كبير (من جانبنا) في مجالات مكافحة الارهاب وتهريب المخدرات واشياء كثيرة لا نتكلم عنها لأنها تحبط جهودنا.

* الى أي مدى يمكن اعتبار الامن في موانئ دبي كابوسا يوميا خاصة بعد احداث 11 سبتمبر (ايلول) وفي ظل قربكم الجغرافي من بعض المناطق الساخنة؟ ـ بالرغم من مرورنا بتجارب آنية خطيرة (في السابق) فإن ما نراه اليوم يعتبر لا شيء تقريبا. فخلال الحرب العراقية ـ الايرانية كانت هناك فوضى امنية في المنطقة: دولتان كبيرتان بتعداد سكاني كبير وترسانة اسلحة هائلة وقدرة على زج دول أخرى في المنطقة في الحرب. دول المنطقة نجت من دخول هذا الصراع. وبعد غزو الكويت حصل الشيء نفسه. وأعتقد أن هذين الحدثين كانا من أخطر ما مرت به المنطقة في تاريخها وما ستمر به، ولا أعتقد ان شيئا يوازيهما سيحدث في هذه المنطقة. كل شيء (حدث) في اعقاب ذلك يعتبر هينا. وخلال تلك المرحلة استمرت الحركة في دبي بالرغم من الضغوط التي تعرضنا اليها من الطرفين العراقي والايراني لكننا قلنا لهم اننا دولة مسالمة تتعامل مع الجميع. اما مسألة قربنا من المناطق الساخنة فليس لدينا تاريخ في الارهاب والتفجيرات وشعبنا مسالم. أما الذي يأتي من الخارج (من الارهابيين) فنحن كفيلون بردعه ولدينا القدرة على ذلك، ونرحب بالمسالم.

* لديكم اهتمام خاص بالفرص المتاحة في العراق وساعدتم بعد الحرب الاخيرة في انشاء شركات اوفشور عراقية في دبي وانتم شخصيا جرى اختياركم رئيسا فخريا لغرفة التجارة الاميركية ـ العراقية، فهل اتخذتم خطوات عملية لادارة موانئ عراقية مثلا؟

ـ يعود اهتمامنا بسوق العراق وموانئه الى عام 1988. من المهم جدا تطوير تلك الموانئ لتقوم بتريغ وشحن الحمولات بسرعة. وعلاقتنا مع العراق قوية، فاليوم يوجد اكثر من 400 شركة عراقية تعمل تحت مظلة التسهيلات التي تقدمها مؤسسة الموانىء بدبي. ونحن مؤسسة تنظر في الفرص المجدية والجاهزة وحالما يجهز الوضع في العراق فسنكون مستعدين.

* لكن يقال انكم ساعدتم في تشغيل ميناء ام قصر العراقي بعد الحرب او انكم تديرونه حاليا. ـ حاليا لم نقم بأي شيء وهم (العراقيون) طلبوا عروضا من شركات، نحن منها، وحالما يجهز الوضع هناك سنكون اول الناس المستعدين.

* أثرتم ضجة عالمية مؤخرا بشرائكم اصول شركة سيلاند للملاحة الاميركية بأكثر من مليار دولار، فما هي مدلولات عملية الشراء هذه؟

ـ نحن نخطط منذ زمن لدخول الصين التي تشهد نموا هائلا وكذلك الهند التي تعد اكبر سوق استهلاكية. وبالنسبة الينا فإن اوروبا تشبعت والقارة الاميركية ليست فيها صناعات ضخمة، فالصين هي المركز الصناعي والهند هي السوق الاستهلاكي. في الهند نجحنا في اختراق السوق وحصلنا على عدة موانئ، منها ميناء كوتشن. وبالنسبة للصين فقد حاولنا الدخول اليها من قبل لكننا لم نجد فيها مواقع جاهزة بسكك الحديد وشبكات الطرق والخدمات الرديفة الاخرى فكل المواقع كانت مشغولة. ولو أردنا دخول الصين اليوم فربما نحتاج لعشر سنوات حتى يبدأ الميناء الذي نديره بالعمل. هذه الصفقة مكنتنا من دخول الصين حيث كانت سيلاند تعمل هناك وفي كوريا الجنوبية منذ عشر سنوات. والشركة قامت بشراء اراض وجهزت البنية التحتية، وبالتالي كان كل شيء مواتياً لنا فدخلنا بقوة. منافسانا على الصفقة من هونغ كونغ وسنغافورة لم يحسبا لنا حسابا فكان دخولنا مفاجئا لهما.

* هل يعني ذلك انكم أخذتم قرار الشراء بسرعة؟ ـ لا. نحن عرفنا بالموضوع ودرسناه ماليا. الا ان الامر كان يشبه دخول مقاول صغير في مشروع مناقصة وسط مقاولين عمالقة. قمنا نحن بوضع عدة اعتبارات للسعر الذي حددناه، وعرفنا اولا اقصى حد لقيمة الصفقة ولم نتخط الحد الاقصى لأن البنوك التي مولتنا لن توافق على ذلك. في هذه الصفقة اشترينا ايضا السوق المستقبلي. فميناء بوسان الضخم في كوريا مثلا يفتتح في عام 2006 . واشترينا ميناء قائما في هونغ كونغ، وفي الصين لنا ميناءان قائمان وميناء مستقبلي.

* هل كانت المنافسة حادة من ناحية العرض المالي؟ ـ ماليا كنا افضل من منافسينا الا ان المنافسة كانت قريبة جدا وكنا رافضين لرفع السعر.

* وهل ستقومون بتسديد قيمة الصفقة على مراحل؟ ـ لا. الدفع نقدي، والصفقة الآن تحتاج لاجراءات رسمية لأن الشركة المالكة اميركية وهم يحتاجون للحصول على اذن الحكومة لتمرير الاتفاق والحكومة تحتاج الى دراسة مدى شفافية الصفقة، وبالتالي من المقرر ان نتسلم الموانئ فعليا في مارس (آذار) 2005 .

* في مجسم لمشروع جزيرة النخلة بالجميرا شاهدنا برجا شاهقا يبدو ان ارتفاعه يصل الى 500 متر. هل تتحمل دبي برجين شاهقين؟ ـ نعم هناك مشروع لبناء ناطحة سحاب، لكنه لا يزال طور الدراسة.