الجيش الإسرائيلي يوبخ القادة المسؤولين عن مقتل الجنود المصريين ويبلغ القاهرة بنتائج التحقيق

TT

بعد تحقيق استغرق نحو أربعين يوما، اكتفت رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي بتوجيه ما وصفته بـ«توبيخ رسمي» للقيادات المسؤولة عن حادث مقتل الجنود المصريين الثلاثة بقذيفة إسرائيلية على الحدود مع رفح يوم الثامن عشر من الشهر الماضي.

وقال الجيش في بيان رسمي أمس إن الجنرال موشيه يعلون رئيس الاركان وجه التوبيخ الذي شمل قائد لواء المنطقة الجنوبية. ووصف الحادث الذي أدى إلى توتر في العلاقات المصرية الإسرائيلية بأنه «فظيع»، مشيرا إلى أنه تبين له وقوع «إخفاق مهني» في عمل الدبابات التي أطلقت القذائف والقيادة المسؤولة عنها. وأشار البيان إلى أن يعلون شدد على القيود المفروضة على استخدام قذائف الدبابات.

إلا أن البيان قال إن التحقيق في الحادث، الذي أودى بحياة ثلاثة جنود شرطة مصريين ولا يزال يثير غضب الرأي العام في مصر، وقع خطأ، اعتقادا من الجنود الإسرائيليين بأن المصريين مقاتلون فلسطينيون يحاولون زرع قنبلة على الحدود بين مصر وقطاع غزة المحتل. وفي الوقت نفسه، أحال يعلون نتائج التحقيق إلى نظيره المصري مشمولا باعتذار عن الحادث. ويذكر أن العلاقات المصرية الإسرائيلية بدأت تتعافى أخيرا من آثار الحادث بعد استجابة القاهرة لمطلب تل أبيب الدائم بإطلاق الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام مقابل الإفراج عن ستة طلاب مصريين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلية في وقت سابق من هذا العام. إلى ذلك، نفت مصادر مصرية وإسرائيلية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» معلومات غير رسمية عن ترشيح عضو الكنيست الاسرائيلى عن حزب الليكود مجلي وهبة سفيرا لإسرائيل في القاهرة خلفا لايلى شاكيد الذي قرر مطلع الشهر الجاري بشكل مفاجئ التقاعد منصبه لأسباب شخصية.

وقالت المصادر إن إسرائيل لم تبلغ مصر رسميا باسم الشخصية المرشحة لشغل المنصب، معتبرة أن الحديث عن تعيين مجلي الذي سبق له القيام بزيارة القاهرة والاجتماع مع عدد من كبار المسؤولين المصريين مجرد تخمينات صحافية غير دقيقة.

وبتقاعد شاكيد يكون مستوى التمثيل الدبلوماسي بين القاهرة وتل أبيب قد وصل إلي أدني مستوياته بعد مرور ربع قرن على توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، حيث لا يوجد سفير مصري في تل أبيب بعد إقدام السلطات المصرية عام 2001 على سحب آخر سفير لها هناك وهو محمد بسيونى بسبب احتجاجها على الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن وزارة الخارجية الإسرائيلية بدأت في إجراء عملية تبديل وإحلال واسعة النطاق في أعضاء بعثتها في القاهرة في إطار التحسن الذي طرأ أخيرا على العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد إطلاق عزام، بالإضافة إلي توقيع اتفاقية إنشاء عدد من المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) بين مصر وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة. وغادر إسرائيل تشيكونسكى المستشار الإعلامي للسفارة الإسرائيلية والناطق الرسمي باسمها القاهرة عائدا على نحو مفاجئ إلي إسرائيل، بينما يستعد عدد من أعضاء البعثة الدبلوماسية البالغ عددها نحو عشرين عضوا إلي المغادرة بشكل نهائي خلال الأسبوع المقبل. من جانبها، قالت مصادر مصرية إن القاهرة لا تزال تنتظر تقريرا بنتائج التحقيق الإسرائيلي.

وأوضحت مصادر بوزارة الخارجية المصرية أن التقرير قد يكون بحوزة المسؤولين المصريين قبل نهاية هذا الأسبوع، مشيرة إلى أنه من السابق لأوانه تحديد ماهية وطبيعة الخطوة المقبلة التي تعتزم السلطات المصرية اتخذاها بعد تسلم هذا التقرير.

لكنها أكدت أن الملف ما زال مفتوحا وأن القاهرة تسعى لضمان عدم تكرار الحادث مستقبلا من دون توضيح ما إذا كانت السلطات المصرية قد طالبت بإنزال عقاب قانوني بحق القادة العسكريين الإسرائيليين المتهمين بالتورط في هذا الحادث. وقال مسؤول مصري بارز لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يمكن تجاهل اهتمام الرأي العام المصري بمتابعة تفاصيل هذه القضية ومن ثم فلا مجال، على حد قول المسؤول، للإقدام على أي خطوة قد يفهم منها أن القاهرة وافقت على طي صفحاتها.

من جهته، قال محمد بسيوني رئيس لجنة الشؤون العربية والأمن القومي بمجلس الشورى المصري أنه ما زال من المبكر الحديث عن رد فعل رسمي عن الحكومة المصرية قبل تسلم تقرير لجنة التحقيق الإسرائيلية.

وأكد بسيوني، وهو آخر سفير لمصر لدى تل أبيب قبل سحبه عام 2001، أن مصر لم تطلب تعويضات مالية لذوي الضحايا وأنها لم تفعل ذلك لأنها ببساطة لا تريد إغلاق هذا الملف ولا تسعى إلى ذلك.