اجتماع مفاجئ لمجلسي الرئاسة والحكومة في البوسنة لإنهاء الأزمة السياسية

رئيس برلمان صرب البوسنة يقترح حكومة جديدة أو انتخابات برلمانية لحل المعضلة

TT

أعلنت سلطات صرب البوسنة تسليم كميات من الوثائق المتعلقة بفترة الحرب البوسنية إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي. وفيما يستمر الغموض في الأزمة السياسية البوسنية بين المجتمع الدولي وصرب البوسنة الرافضين للإصلاحات المطلوبة لقبول البوسنة في الاتحاد الأوروبي، اقترح رئيس برلمان صرب البوسنة ميلينكو ميهائليتسا، تشكيل حكومة جديدة أو إجراء انتخابات برلمانية جديدة لحل الأزمة. وفي غضون ذلك عقد أمس اجتماع لمجلسي الرئاسة ورئاسة الوزراء البوسنيين في محاولة لإنهاء الأزمة السياسية. وأكد رئيس الدورة الحالية لمجلس الرئاسة البوسني، ممثل صرب البوسنة الارثوذكس في المجلس (رئاسة دورية كل 8 أشهر بين الأعضاء الثلاثة في المجلس) بوريسلاف برافاتس، انعقاد اجتماع كل مجلس الرئاسة، الذي يضم إضافة إلى برافاتس، كلا من سليمان تيهيتش، ممثلا عن البوشناق المسلمين، ودراغن تشوفيتش، ممثلا عن كاثوليك البوسنة، ومجلس الوزراء، الذي يمثل الحكومة المركزية في البوسنة، وزعماء الأحزاب التي تمثل الغالبية في البرلمان المركزي البوسني. وقال برافاتس «جئنا لإنهاء الأزمة في الحكومة الصربية وفي الحكومة المركزية بشكل جاد... لا بد من إيجاد الحلول المناسبة لهذه الأزمة، وإنهاء المشاكل، فجميعنا يعرف حقيقة الأوضاع والتطورات الحاصلة». وأكد اجتماع مجلس الرئاسة والحكومة المركزية بحضور الوزراء الذين سبق أن استقالوا، ومن بينهم وزير الخارجية البوسني المستقيل ملادن ايفانيتش. وجاء هذا الإعلان مفاجأة للمراقبين ولعدد كبير من السياسيين الصرب، ويبدو أن صرب البوسنة، بحسب مراقبين، أدركوا أن الطريق الذي سلكوه سيؤدي بهم إلى نهاية مفجعة، فآثروا التراجع خطوات إلى الوراء من خلال تقديم أرشيفهم العسكري إلى محكمة لاهاي، وإعلانهم الرغبة في حل المشاكل القائمة، لكن الغموض ما زال يسود الخطوة الصربية، ولا يعرف ما إذا كانت استراتيجية جديدة تؤيد الإصلاحات، أو تكتيكا سياسيا يهدف للانحناء أمام العاصفة التي آثاروها هم أنفسهم ولم يستطيعوا تخطيها إلا بالتراجع وفق نصائح روسية و يونانية. وكان رئيس الحكومة البوسنية عدنان ترزيتش، أعلن أمس أنه ينتظر اجتماع مجلس الرئاسة البوسني (أعلى سلطة في البلاد) للبت في الأزمة، كما أعرب رئيس برلمان صرب البوسنة ميلينكو ميهائليتسا عن أمله في تشكيل حكومة جديدة في مناطق الحكم الذاتي الصربي قبل نهاية السنة، وقال إنه يفضل مشاركة الأحزاب الصربية الستة فيها «لانهم يمثلون الغالبية في البرلمان». وعن الأزمة في الحكومة البوسنية المركزية قال «يمكن إيجاد حل بتشكيل حكومة جديدة أو اجراء انتخابات برلمانية مبكرة».

وفي تطور لافت، أرسل عبد الرحمن مالكيتش رئيس بلدية سريبرينتسا التي تعرضت لمذابح مروعة في يوليو (تموز) 1995 راح ضحيتها أكثر من 10 آلاف نسمة من المسلمين معظمهم من الأطفال والنساء برسالة إلى المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة في البوسنة والسفارات الأجنبية في سراييفو عن الوضع في مناطق هيمنة صرب البوسنة، أعرب فيها عن مخاوفه من تعرض المهجرين العائدين إلى ديارهم إلى اعتداءات جديدة كالتي حدثت إبان الحرب (1992 ـ 1995)، وقال «إن صرب البوسنة يغمضون أعينهم عن المشاكل التي أحدثوها... وبدلاً من أن يقوموا باعتقال المتورطين في جرائم حرب ويفوا بالتزاماتهم تجاه المجتمع الدولي، يواصلون سياسة شوفينية لا تحسب حسابا لغير الصرب». واتهم السياسيين الصرب الذين استقالوا بالتعاون مع المتهمين بارتكاب جرائم «بل بالضلوع في تلك الجرائم سواء في شكل مباشر أو غير مباشر». إلى ذلك، قال طارق صادوفيتش رئيس نادي حزب العمل الديمقراطي في برلمان صرب البوسنة «إن اتفاق دايتون والدستور البوسني يمنحان المبعوث الدولي صلاحية مساعدة البوسنة عبر الانضمام إلى برنامج حلف شمال الأطلسي والشراكة من أجل السلام، ومراقبة تطبيق اتفاق دايتون الذي يعمل صرب البوسنة على خرقه». وأضاف «موقف الشعب البوسني و المجتمع الدولي هو أنه من دون تفهم الصرب لا يمكن تحقيق الإصلاحات ولذلك فهم يعبثون بمفتاح المستقبل بالنسبة إلى لبوسنة». وعن الحكومة الصربية المقبلة قال «إذا تم تشكيل حكومة صربية صرفة في مناطق الحكم الذاتي الصربي، فهي لن تكون حكومة خلاص طائفي بل حكومة احتباس سياسي». من جهة أخرى، أعلنت وزارة داخلية صرب البوسنة أمس عن تسليمها 1500 كيلوغرام من الوثائق المتعلقة بفترة الحرب البوسنية (1992 ـ 1995) إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي، وهي الوثائق التي سبق للمحكمة الدولية أن طلبتها من وزارة دفاع صرب البوسنة. وأوضحت الوزارة إن الوثائق أرسلت في 16 صندوقا خشبيا،، وتضم أكثر من ألف وثيقة عسكرية تعود لفترة الحرب في البوسنة، إلا أنه لا يعرف ما اذا كانت الوثائق تضم أسرارا مهمة يمكن أن تمثل إدانات للقادة الصرب، أم مجرد وثائق عادية كالتي تصدرها الثكنات عن الأعمال اليومية الروتينية، لكن المراقبين يعتقدون بأن محكمة لاهاي ليست من الغباء إلى درجة القبول بأي شيء يقدم لها. وكانت وزارتا الدفاع و الداخلية الصربيتين في البوسنة، قد قامتا بتحقيقات واسعة اكتملت منتصف الشهر الجاري في الأنشطة العسكرية لصرب البوسنة أثناء الحرب، أسفرت عن جمع كمية كبيرة هائلة من الوثائق والمستندات، وسلمت الشرطة الصربية الوثائق إلى مكتب المحكمة الدولية في مدينة بنيالوكا (شمال البوسنة).