الحكومة السودانية تتعهد ببسط الحريات للجميع وصيانة حقوق الإنسان وترفض مجددا المؤتمر الدستوري

الخرطوم تكشف لأول مرة عن ملامح بروتوكولي وقف إطلاق النار الدائم وآليات تنفيذ اتفاق السلام

TT

تعهدت الحكومة السودانية في اعلى مستوياتها ببسط الحريات للجميع وصيانة حقوق الانسان، وكررت رفضها القاطع لفكرة المؤتمر الدستوري، قائلة «لا حاجة له»، بعد 3 ايام من توقيع آخر بروتوكولين للسلام بينها وبين الحركة الشعبية لتحرير السودان في نيفاشا الكينية، وهما «وقف اطلاق النار الدائم، وآليات تنفيذ اتفاق السلام» على وقف اطلاق النار الشامل خلال 72 ساعة من التوقيع الرسمي المقرر له الاحد المقبل بنيروبي، ويقع البروتوكولان في 200 صفحة. وواصلت الحكومة السودانية احتفالاتها امس بمناسبة الذكرى الـ 49 لاستقال البلاد الذي يصادف الاول من يناير، وتوقيع البروتوكولين كآخر مرحلة لعملية السلام عبر التفاوض. وقال علي عثمان محمد طه النائب الاول للرئيس عمر البشير في احتفال اقيم في مبنى مجلس الوزراء امس «ان تحقق قفزات نوعية في تحسين الاوضاع وتوفير فرص الحياة الكريمة وحفظ حقوق الناس في كل انحاء الوطن كانوا من الحكومة او ضدها معارضين، سنحفظ لهم كأساس ان يقولوا رأيهم وان يعبروا عن ذواتهم وان يشاركوا كل في موقعه في صنع السودان والاضافة إليه وتطوير المراقي التي نرتضي بها جميعاً الى معركتنا المقبلة».

واكد طه ان الخطة الاستراتيجية المقبلة هي تعزيز السلام وتوظيفه للانتاج والبناء والتطوير العلمي والعملي. واضاف ان «الخدمة ستكون في مواقع الانتاج والورش والمزارع ومدارج العلم ومؤتمرات البحث ودوائر الاحصاء.. ستكون هي ادوات قتالنا للمعركة الثانية، ستكون الكفاءة المهنية والدراسة والخبرة». ووجه حديثه الى الحضور قائلا ان «المعركة المقبلة وانتم ستكونون كتيبة الصدام الاولى ليس صداما بين اجزاء الوطن، اذ اننا شعبه، ولكن ضد التخلف والمرض والجهل وسط العيش».

وكان الرئيس البشير دعا في خطابه بمناسبة ذكرى الاستقلال من داخل البرلمان ليل اول من امس ابناء السودان في الداخل والخارج الى الدخول في السلم كافة واعلاء قيمة الحوار واعلانه سبيلاً أوحد لعلاج كل المشاكل. ووجه البشير الاجهزة السياسية والتنفيذية والعدلية، برد الحقوق الى اهلها ورفع الظلم وإزالة الضرر وتحقيق العدل والالتزام بالشورى والشفافية وكفالة الحريات العامة وحفظ حقوق الانسان، وحرية التعبير والعمل من اجل الوحدة الوطنية. وجدد الرئيس السوداني التزام الحكومة القاطع بتنفيذ اتفاقيات نيفاشا وفاء بالعقود والعهود، وقال ان السلام صنعته ايد سودانية. واعلن البشير الاول من يناير من كل عام عيداً للسلام.

وفى تصريحات صحافية امس، جدد الدكتور نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي ونائب الامين العام لحزب المؤتمر الوطني الحاكم رفض حكومته لفكرة المؤتمر الدستوري التي تطرحها القوى السياسية المعارضة في البلاد، وقال ان المؤتمر الدستوري لم يطرح حتى الآن بشكل رسمي في اي منبر من المنابر التفاوضية، واضاف انه «لا يعدو ان يكون حتى الآن شعارات تطرحها بعض القوى». وقال «لا حاجة لنا اصلا للمؤتمر الدستوري»، وحول رفض القوى السياسية لحصتها في المشاركة كما ورد في اتفاق نيفاشا، قال نافع ان الانتخابات التي ستقام بعد 3 سنوات من الفترة الانتقالية هي التي تحدد «القوى الكبيرة من الصغيرة».

وكشف في الخرطوم لاول مرة منذ التوقيع يوم الجمعة عن ملامح بروتوكولي «وقف اطلاق النار الدائم، وآليات تنفيذ اتفاق السلام» اللذين وقعت عليهما الحكومة والحركة الشعبية بنيفاشا، وينص بروتوكول وقف اطلاق النار على وقف اطلاق النار الشامل خلال 72 ساعة من التوقيع الرسمي المقرر له الاحد المقبل بنيروبى، ويشمل الجنوب حسب البروتوكولين مديرياته الثلاث القديمة (أعالي النيل، وبحر الغزال، والاستوائية)، وجبال النوبة، وأبيي، والنيل الازرق، والشرق. ويسري وقف اطلاق النار الدائم طوال الفترة الانتقالية المحددة بست سنوات، بالاضافة الى 6 اشهر اخرى بعد انقضاء الفترة الانتقالية وظهور نتيجة الاستفتاء.

وينص بروتوكول وقف اطلاق النار على انه في حال انتصار خيار الوحدة تستمر الاجراءات لتكوين الجيش القومي، وفي حال الانفصال تلغى الوحدات المشتركة. وحدد البروتوكول مهام القوات المسلحة والوحدات المشتركة بين الحكومة والحركة ومهام مجلس الدفاع المشترك الذي يضطلع بمهمة التنسيق بين الطرفين، وحوى جدولاً لاعادة الانتشار وتخفيض القوات ومراحل انسحاب الجيش من الجنوب.

وتقرر تخفيض الجيش في الجنوب بنسبة 17% بعد ستة اشهر من التوقيع، و14% خلال السنة الاولى، و19% خلال 18 شهراً و22% خلال 24 شهراً، على ان يكتمل انسحاب الجيش خلال 30 شهراً ويستعاض عنه بالقوات المشتركة في كل مناطق العمليات.

وتسحب الحركة الشعبية 30% من قواتها خلال 4 اشهر وتكمل انسحابها في غضون ثمانية اشهر، على ان تخفض قواتها الزائدة في النيل الازرق وجنوب كردفان خلال ستة اشهر، والتزمت الحكومة بتمويل جيشها والوحدات المشتركة، مقابل تمويل الحركة لقواتها، على ان ينظر البرلمان المنتخب في تمويل مجمل قوات الطرفين بما يجعل الوحدة خياراً جاذباً. ونص البروتوكول على تكوين لجنة مشتركة للنظر في استيعاب المجموعات المسلحة الاخرى وكيفية التعامل معها. ويعطي البروتوكول هذه القوات حرية الاختيار للانضمام لقوات الحكومة أو الحركة في مدة لا تتجاوز عاماً واحداً، ولا يسمح البروتوكول بوجود اكثر من جيشين، وتقرر تكوين لجان عسكرية وسياسية من الحكومة والحركة تشارك فيها الامم المتحدة والمجتمع الدولي للتحقق ومراقبة وقف اطلاق النار ورفع الشكاوى للجهات المعنية. وترفع حالة الطوارئ من جميع انحاء البلاد إلا في المناطق التي تقتضي بقاءها. وحدد البروتوكول الثاني مهام رئيس الجمهورية ونوابه، والتعيينات التي تتطلب التوافق بين الرئيس ونائبه الأول، وكيفية تكوين لجنة الانتخابات وتمويلها ومقرها ومهامها.

ونص على الالتزام بالديمقراطية والحكم الرشيد واشراك الآخرين وحرية التنقل والافكار. وابقى البروتوكول على النسب المحددة للحكومة والحركة وبقية القوى السياسية الاخرى في الاجهزة التنفيذية والتشريعية بواقع 52% للمؤتمر الوطني، و28% للحركة الشعبية، و14% للقوى الشمالية الاخرى، و6% للقوى الجنوبية الاخرى. وتقرر احالة مسألة العفو العام الى الحكومة الانتقالية.