الأمم المتحدة: إعادة إعمار المناطق المنكوبة في آسيا قد تستغرق عشر سنوات والعدد الحقيقى للضحايا «قد لا يعرف أبدا»

مليونا شخص سيحتاجون إلى مساعدات غذائية يومية لعدة أشهر مقبلة

TT

حذر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، من أن إعادة إعمار الدول التي ضربها المد البحري الناجم عن زلزال سومطرة شمال إندونيسيا في جنوب وجنوب شرق آسيا وأفريقيا سيستغرق نحو عشر سنوات وسيكلف مليارات الدولارات، موضحا أنها «أكبر كارثة» تديرها المنظمة الدولية. ويأتى ذلك فيما قدرت الأمم المتحدة أن عدد الضحايا قد يصل إلى 150 ألفا، غير أنها اعترفت بأن «عدد الضحايا الحقيقي والنهائي» قد لا يعرف أبدا. ورغم التضامن الدولي غير المسبوق، يشهد نقل المساعدات إلى المناطق المنكوبة صعوبات شديدة بسبب الأمطار المدارية الشديدة التي تساقطت على إندونيسيا وسري لانكا وكثرة المناطق النائية التي ينبغي مساعدتها. وقدرت الأمم المتحدة عدد الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية يومية لعدة أشهر مقبلة بأكثر من مليون شخص في إندونيسيا وأكثر من 700 ألف في سري لانكا.

وقال أنان في حديث لشبكة التلفزيون الأميركية «ايه بي سي»، إن «إعادة الإعمار ستتطلب مليارات الدولارات، وتستغرق بين خمس وعشر سنوات، حسب حالة الدول. وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة، في المقابلة التي نشرت المحطة نصها مسبقا، أن «الأضرار هائلة، وهناك عمل كبير من أجل إعادة الإعمار بعد انتهاء مرحلة الطوارئ». وأكد الأمين العام للمنظمة الدولية أنه «يجب الآن تغطية بعض الاحتياجات»، موضحا أن «الناس بحاجة إلى مأوى ومواد غذائية وعناية طبية وأنظمة صحية ومياه للشرب». وأضاف «بالتأكيد بعد ذلك تجب إعادة إعمار كل شيء وليس فقط البيوت، بل البنى التحتية والمدارس وكل ما دمر». ولتنسيق المساعدة الدولية، أعلن أنان أنه سيتوجه الخميس إلى إندونيسيا حيث تعقد قمة دولية للدول المانحة لرابطة دول جنوب شرق آسيا، ستوسع لتشمل بلدانا أخرى.

وذكرت الأمم المتحدة أول من أمس، أن القيمة الإجمالية لوعود المساعدات العامة بلغت حتى الآن حوالى ملياري دولار، بعد أن تعهدت اليابان وحدها بتسديد ربع هذا المبلغ. من جهتها، وعدت الولايات المتحدة بتقديم 350 مليون دولار، وهو مبلغ أكبر بعشر مرات من المبلغ الذي تعهدت بتقديمه أولا، وكان 35 مليون دولار، وقد وجهت انتقادات بسبب ضآلته.

إلى ذلك، أعلنت منظمات خيرية أن السويديين قدموا نحو 400 مليون كورون (3.44 مليون يورو) من الهبات المخصصة لضحايا المد البحري، الذي ضرب آسيا في السادس والعشرين من الشهر الماضي، وهو رقم قياسي في هذا البلد الصغير نسبيا الذي سقط له في الكارثة نفسها 59 قتيلا ولا يزال نحو 3500 آخرين في عداد المفقودين. كما رفعت الكويت أمس قيمة مساعداتها إلى الضحايا إلى عشرة ملايين دولار، بعد أن كانت مليوني دولار، وفق ما أفاد مصدر رسمي. أيضا نقلت وكالة كيودو اليابانية للأنباء عن مصادر حكومية قولها أمس إن اليابان تعتزم إرسال فرق من قوات الدفاع عن النفس البحرية والبرية والجوية لتايلاند للمساعدة في جهود الإنقاذ من كارثة موجات المد بالتعاون مع القوات الأميركية. كما وجهت منظمة المؤتمر الإسلامي أمس نداء عاجلا للدول الأعضاء فيها والمنظمات الإنسانية التابعة لها لإغاثة متضرري الكارثة الآسيوية. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن المنظمة، التي تضم 57 عضوا، وجهت «نداء عاجلا إلى جميع الدول الأعضاء والمنظمات الإنسانية على مستوى العالم الإسلامي والمؤسسات والأجهزة التابعة للمنظمة لإغاثة المتضررين والمحتاجين في جميع البلدان المنكوبة». وفيما تسابق فرق الإغاثة الدولية الزمن لمساعدة الناجين، عرقلت الأمطار الغزيرة والفيضانات الجديدة أمس تسليم مساعدات الإغاثة للقرى الآسيوية، وذلك مع بدء عملية نقل 400 طن من المساعدات في إطار عملية إغاثة تكاليفها مليارا دولار لإنقاذ ملايين يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة. وعرقلت الأمطار المدارية في إقليم اتشيه الواقع في شمال إندونيسيا، حيث قتل أكثر من نصف 127 ألف شخص، تأكد وفاتهم بالإضافة إلى الفيضانات على طول ساحل سري لانكا المنخفض بعض عمليات توصيل إمدادات الإغاثة. وقال مايكل المكويست رئيس عملية الأمم المتحدة للإغاثة في إندونيسيا «نعتمد على نظام المروحيات لأنها الطريقة الوحيدة التي نستطيع بها الوصول إلى أكثر المناطق عزلة». وأردف قائلا لرويترز «الأمر قد يستغرق أسبوعين قبل إصلاح شبكة الطرق حتى تستطيع الشاحنات الوصول لتلك المناطق. لا استبعد احتمال ألا تحصل مناطق على مساعدات قبل أسبوعين». ويتم خلال عملية الإغاثة التي تستمر ثلاثة أيام وتشمل ست رحلات، تسليم ألفي خيمة تتسع الخيمة الواحدة لأسرة، ومائة ألف غطاء، و20 ألف قطعة بلاستيك، و20 ألف طقم مطبخ وهي مواد تكفي لإيواء نحو مائة ألف شخص. وترزح المطارات الآسيوية تحت وطأة مئات الرحلات لنقل أدوية وأغذية ومآوي وامتلأت المخازن سريعا حتى أن سنغافورة، التي لم تتأثر بموجات المد فتحت قواعدها العسكرية لتخزين المساعدات. ومن المتوقع ألا تتمكن فرق الإغاثة من الوصول برا إلى مناطق ساحلية واسعة غرب طرف سومطرة قبل ثلاثة أسابيع على أقل تقدير، ومن ضمن هذه المناطق مدينة مولابو.

من جهته، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في سري لانكا كان تون «إن هدفنا الرئيسي هو منع الأوبئة»، موضحا أن «أولى الأولويات تأمين طرق التخلص من النفايات، والثانية هي توفير عدد كاف من الحمامات، والثالثة تأمين الوصول إلى المياه النظيفة». وفي هذا البلد حيث يشكل السمك الوجبة الرئيسية، لم يعد أحد يتناول أيا من نتاج البحر خوفا من الجثث المطمورة في المياه. وأبدت وزارة الصحة التايلاندية مخاوفها من ظهور أمراض تنفسية معدية والملاريا والكوليرا والتيفوئيد بين الناجين وسكان إقليم فانغ نغا.