باول ذهل عندما شاهد كارثة الزلزال على الطبيعة.. وسباق التعهدات يقترب من تجاوز الـ 3 مليارات دولار

أوروبا صمتت 3 دقائق حدادا على الضحايا... والجامعة العربية تفتح حسابا خاصا للتبرعات

TT

فيما اقترب سباق التبرعات بين دول ومنظمات العالم من كسر حاجز الثلاثة مليارات، أعرب كولن باول وزير الخارجية عن ذهوله من هول ما رأى خلال جولته بالمنطقة المنكوبة بالزلزال والطوفان الناجم عنه وقال إنه لم ير مثل هذه الكارثة في حياته. أما الاوروبيون فقد عبروا عن حزنهم وتعاطفهم مع الضحايا والمشردين بالصمت ثلاث دقائق أمس.

وقد عبر باول عن تأثره بعد تحليق طائرته فوق المناطق المدمرة نتيجة المد البحري في اقليم آتشيه الاندونيسي، مؤكدا انه لم ير «شيئا مماثلا» في حياته.

وقال «بالنظر الى كل ما رأيته في حياتي المهنية، وقد خضت حروبا ورأيت أعاصير وعواصف وعمليات إغاثة اخرى، الا انني لم ار شيئا مماثلا».

ومر باول، وهو جنرال أميركي سابق، بالطائرة فوق الساحل الشمالي الغربي لاتشيه في جزيرة سومطرة الاندونيسية حيث قتل 94200 شخص بسبب المد البحري، بحسب الاحصاءات الرسمية.

وقال «عندما نحلق فوق بندا اتشيه ونرى كيف اجتاحت الامواج الساحل جارفة كل شيء في طريقها، السيارات والسفن المقلوبة... لتتوقف في النهاية، بالكاد يمكنني ان اتخيل المآسي التي عاشتها العائلات والاشخاص الذين سمعوا الضجة تقترب منهم والذين جرفت الامواج حياتهم أيضا».

وأضاف أن «قوة هذه الامواج التي دمرت جسورا ومصانع ومواسم زراعية، كما دمرت كل شيء في طريقها، مذهلة. ولم نقم الا برحلة قصيرة حول بندا اتشيه، الا اننا سنرى الشيء نفسه اذا حلقنا على مسافة 160 كيلومترا جنوبا او اذا حلقنا فوق الشاطىء باتجاه الشرق».

وقال وزير الخارجية الاميركي «افهم الآن بشكل افضل الجهود التي يجب بذلها من اجل اعادة التأهيل ومن اجل مساعدة هؤلاء الناس على اعادة بناء منازلهم وحياتهم ومؤسساتهم».

وذكر بأن الولايات المتحدة اتخذت تدابير مهمة لدعم الاندونيسيين مدعومة بسفن ومروحيات و13 الف عنصر. وقال «اننا نتجاوب مع الطلبات التي تقدمها السلطات الاندونيسية في مجال الملاجىء والمعدات والغذاء».

وتابع ان الولايات المتحدة تعمل بشكل يؤدي الى زيادة عدد الرحلات التي تنقل مساعدات انسانية الى بندا اتشيه.

وكان باول قد وصل مساء أول من أمس الى جاكرتا في اطار جولة بالدول المنكوبة.

وسيشارك باول اليوم في العاصمة الاندونيسية في قمة تجمع قادة خمس عشرة دولة في المنطقة وممثلين عن الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي.

من ناحية أخرى، بلغ إجمالى حجم التبرعات والمساعدات المالية التي تعهدت بها حكومات الدول والبنك الدولي لمساعدة دول المحيط الهندي المتضررة من كارثة الزلزال حوالي ثلاثة مليارات دولار و700 مليون دولار حتى الآن. وقد تصدرت أستراليا قائمة المتبرعين بـ765مليون دولار. وتعهد رئيس الوزراء الاسترالي جون هاوارد أمس بتقديم المعونات على مدار خمس سنوات لاندونيسيا للمساعدة في عملية اعادة الاعمار والتنمية بعد كارثة موجات المد.

وتبرعت ألمانيا بـ 680 مليون دولار، واليابان بـ 500 مليون دولار. وبلغ حجم تبرعات البنك الدولي 250 مليونا، والولايات المتحدة 350 مليونا والاتحاد الأوروبي 31 مليونا, وكندا 66 مليون أولاء. ومن بين الدول العربية، بلغت تبرعات السعودية 30 مليون دولار والإمارات العربية المتحدة 20 مليونا، وقطر 25 مليونا وليبيا مليونين ومثلها من كل من الجزائر والبحرين. وأكد الأمين العام لجامعة العربية عمرو موسى أن الدول العربية أعلنت عن تقديم معونات عاجلة وفورية لمتضرري الزلازل في شرق اسيا نافيا الاتهامات للدول العربية بالتقصير في تقديم المساعدات.

وقال موسى في تصريحات صحافية أمس أن اتصالاته مع عدد من وزراء الخارجية تشير إلى تقديم عدة دول مثل السعودية والكويت والامارات والبحرين وقطر ومصر وغيرها مساعدات، مشيرا إلى أن بعض تلك الدول أعلنت أنها ستضاعف حجم مساعداتها.

وأعلن موسى أن الدول العربية التي أعلنت تقديم المساعدات ستشارك في مؤتمر جاكرتا الدولي اليوم والذي سينظر في تنسيق المساعدات المقدمة من المجتمع الدولي لضحايا الكارثة.

وشدد موسى على أن الرسالة التي توجهها الجامعة العربية والدول العربية من خلال تقديم المساعدات تتمثل في إبلاغ هذه الدول أن العرب اخوة لهم ويقفون إلى جوارهم.

وأعلن موسى عن فتح حسابات لدى الجامعة العربية اعتبارا من أمس (الأربعاء) لتلقي التبرعات المادية من المواطنين العرب وتحويلها للحسابات الخاصة للدول الآسيوية الصديقة التي تضررت من آثار الزلزال المدمر. وقال إن ذلك يتم على اثر اتصال أعداد من المواطنين بالامانة العامة للجامعة للاستفسار عن كيفية المساهمة في مساعدة المجتمعات المنكوبة.

من ناحية أخرى، حذرت هونج كونج من تناول أطعمة بحرية مستوردة من المناطق التي ضربتها أمواج المد لأنها قد تكون ملوثة لكن خبراء قللوا من شأن هذه المخاوف، قائلين إن تأثير الكارثة على الاسماك سيكون بسيطا. وطلبت السلطات الصحية لهونج كونج أول من أمس من مستوردي الأطعمة البحرية أن يوقفوا بشكل مؤقت الاستيراد من بلدان بجنوب آسيا وقالت إن الأسماك ربما تغذت على معادن ثقيلة تحركت من قاع المحيط الهندي بفعل الزلزال الذي ضرب المنطقة يوم 26 من الشهر الماضي وتسبب في امواج المد المدمرة.

وقال توماس تشونج المدير المساعد لادارة سلامة الغذاء والبيئة في تصريحات صحافية إن تناول أسماك ملوثة يؤثر على صحة الانسان وان كانت الكميات الصغيرة منها لن يكون لها تأثير كبير. لكن خبراء في الصحة قللوا من شأن تلك المخاوف.

وقال لو ونج لوك وهو طبيب من هونج كونج يعمل مع منظمة اوكسفام الخيرية «انه احتمال ضئيل ولن يكون له تأثير على صحة البشر... وعلاوة على ذلك فان الصيادين لن يستطيعوا الخروج الى عرض البحر واصطياد اسماك لتصديرها».

وشكك اخرون في مغزى الخطوة، قائلين إن تلوث الاسماك بمعادن ثقيلة يحدث فقط على المدى البعيد.

وقال كلاروس تشو وهو مسؤول عن الحفاظ على البيئة البحرية في فرع منظمة الصندوق العالمي لحماية البيئة بهونج كونج «تتراكم المعادن الثقيلة على مدار فترة زمنية طويلة. لن يحدث تأثير على المدى القصير».

وفي أنحاء القارة الأوروبية، التزم الاوروبيون الصمت ثلاث دقائق أمس حدادا على عشرات الآلاف من ضحايا كارثة أمواج المد في اسيا وذلك في محطات القطارات المزدحمة والبورصات والمنازل والمكاتب. وبعد عشرة أيام من وقوع الكارثة التزم المواطنون من روتردام الى روما الصمت عند الظهر.

ونكست المباني العامة بدول الاتحاد الاوروبي الاعلام وتوقفت التعاملات في البورصات والحركة في محطات السكك الحديدية وأذاعت محطات التلفزيون والراديو موسيقى جنائزية حدادا على الضحايا.

وفي برلين نكست المباني الحكومية والسفارات الاعلام. وفي هولندا اجتمعت الحكومة مع دبلوماسيين في احتفال صامت في الوقت الذي دعت فيه الحكومات في كل أنحاء أوروبا الى الحداد. وقالت شركة دويتشه بان الالمانية للسكك الحديدية ان القطارات في المحطات ستتوقف دقيقة واحدة كما سيتوقف العاملون عن العمل لمدة ثلاث دقائق. وهناك خطط مماثلة في المطارات. وفي هولندا توقفت القطارات وعربات الترام والحافلات ظهرا.

وقال ديتر يوهانسن روت رئيس مطارات برلين «نحن نعيش على حركة النقل... لذلك علينا أن نتحمل المسؤولية تجاه سكان المنطقة».

ودعت لوكسمبورغ التي تتولى رئاسة الاتحاد الاوروبي حاليا الدول الاعضاء الخمس والعشرين في الاتحاد الى التزام الصمت «لإظهار التضامن والحزن على ضحايا الكارثة».

وهناك أكثر من تسعة الاف سائح أجنبي أغلبهم من الاوروبيين من القتلى أو المفقودين أو مجهولي المصير بعد الكارثة التي هدمت القرى والمنتجعات الساحلية في شمال غربي اندونيسيا وتايلند وسري لانكا. والسويد فيما يبدو هي أكثر الدول الأوروبية تكبدا لخسائر بشرية.

وشارك البابا يوحنا بولس الثاني بابا الفاتيكان في الحداد على أرواح الضحايا وصلى للقتلى وللملايين الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة.

وقال البابا أمام مئات من المصلين الذين اجتمعوا لحضور التجمع الاسبوعي أمس «اليوم مخصص في أوروبا للعديد من ضحايا أمواج المد التي ضربت جنوب شرقي آسيا بشكل مأساوي».