بري يعتبر الدوائر الصغرى «إسفينا» للعيش المشترك والمطارنة الموارنة يتخوفون من الرشوة في الانتخابات

TT

بقي قانون الانتخاب الذي تعمل الحكومة على إقراره منتصف الشهر الحالي محور اللقاءات والتحركات السياسية في لبنان. وكان البارز في هذا الاطار تحذير رئيس مجلس النواب نبيه بري من خطورة استسهال فكرة الدوائر الصغرى «بحيث تأنس فيها كل طائفة لأبناء جلدتها»، معتبراً ان ذلك «سيكون إسفينا في مستقبل العيش المشترك»، فيما اثار مجلس المطارنة الموارنة الذي عقد اجتماعه الشهري امس برئاسة البطريرك نصر الله صفير موضوع الرشوة في الانتخابات والدعايات المغرضة التي تقوم بها بعض وسائل الإعلام في المعركة الانتخابية، معلناً انه يحبذ اعتماد الدائرة الصغرى «لأنها تبقى الأفضل لاختيار واع حر».

وفي الاطار نفسه ايضاً، نقل زوار رئيس الجمهورية اميل لحود امس عنه دعوته الى ضرورة الإسراع في انجاز الصيغة الجديدة لمشروع قانون الانتخابات وإحالتها وفق الاصول الى مجلس الوزراء لدرسها واقرارها، ثم احالتها الى مجلس النواب، على ان يكون مشروع القانون ذا معايير واحدة تطبق في المناطق اللبنانية كافة من دون استثناء او تمييز. وكرر رئيس مجلس الوزراء عمر كرامي التأكيد على ان قانون الانتخاب سيرسل في موعده الى مجلس النواب.

وكان الرئيس بري قد تطرق الى موضوع قانون الانتخاب خلال لقائه الأسبوعي المعتاد أمس مع النواب فأشار الى قناعته بأن «كل الضجيج الذي يرافق حركة السفراء تحت عنوان القرار 1559 والانتخابات النيابية والدور السوري يراد منه تشجيع اللبنانيين وإغراقهم للانزلاق نحو الفتنة». وحول الدوائر الانتخابية وموعد صدور قانون الانتخابات، تمنى الرئيس بري «ان يتسنى للحكومة انجاز مشروع القانون في أسرع وقت ليبقى امام المجلس النيابي متسع من الوقت لمناقشته قبل الدخول في الاستحقاق».

أما عن حجم الدوائر، فكرر الرئيس بري التحذير من «خطورة استسهال فكرة الدوائر الصغرى، وما توحيه من اغراءات الغيتوات والكانتونات في زمن تطل فيه علينا مشاريع التقسيم في العراق»، ودعا بري الحكومة الى «ان تأخذ في الاعتبار، في وضع مشروع القانون، مسؤوليتها عن حماية الوحدة الوطنية من خلال منع ولادة دوائر انتخابية تأنس فيها كل طائفة لأبناء جلدتها لأن ذلك سيكون إسفيناً في مستقبل العيش المشترك».

من جهته، رأى مجلس المطارنة الموارنة في بيانه «ان حديث الانتخابات النيابية طغى في هذه الايام على كل ما عداه. وهو يتناول القانون وتقسيمات الدوائر الانتخابية وحرية الانتخاب. ولكنه قلما تناول الرشوة والدعايات المغرضة التي تقوم بها بعض وسائل الاعلام، من صحف واذاعات وتلفزيونات. وهي دعايات تتوافر على انواعها لبعضهم، وتنتفي كلياً بالنسبة الى بعضهم الآخر. وهذا ما ينفي تكافؤ الفرص لكل المرشحين، وهو شرط لا بد منه لصحة الانتخاب». واضاف: «لقد كثرت الاقتراحات المتعلقة بقانون الانتخاب في هذه الايام. وهي تأتي من جهات مختلفة الاتجاهات حتى بات الناخب يضيع في ايها افضل». ولفت الى «ان تأخر المسؤولين في اعلان القانون المعتمد يفقد المرشح امكان اختيار الدائرة التي سيترشح فيها واختيار الحلفاء والاتصال بالناخبين الى ما سوى ذلك مما لا بد منه لانتخاب واع، حر، مسؤول. ولا نعتقد ان هناك بلداً في العالم يختار كل اربع سنوات قانوناً انتخاباً خاصاً ليبقي الناخبين فيه في حيرة وارتباك. ولا حاجة الى القول ان الدائرة المصغرة تبقى الافضل لاختيار واع، حر».

وأكد وزير الاعلام ايلي الفرزلي خلال زيارته مقر نقابة محرري الصحافة اللبنانية امس ولقائه النقيب ملحم كرم واعضاء النقابة ان الحكومة منصرفة لإعداد قانون انتخاب يأخذ في الاعتبار المعيار الواحد، رافضاً ما يقال من ان هدف القانون اسقاط رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومشدداً على انه «لا توجد لدى الحكومة اي خلفية، لا من قريب او من بعيد، بمسألة التفكير بقوانين تلغي هذا او ذاك، جنبلاط او الحريري او غيرهما من القوى...».

واعتبر النائب غطاس خوري (عضو كتلة قرار بيروت التي يرأسها الحريري) ان قانون الانتخاب «يركب وفق معايير تضمن استمرارية النظام الأمني القائم في البلد. فما اختراع الدوائر الوسطى سوى محاولة للتلاعب بنتائج الانتخابات». واشار الى «ان الرئيس الحريري لا يعارض اعتماد القضاء دائرة انتخابية رغم تفضيله المحافظة لاعتمادها في الطائف».

وحذر النائب قبلان عيسى الخوري على مسمع من الرئيس بري من فصل مسقط رأسه بشري (شمال لبنان) عن عكار ـ الضنية في الشمال ايضاً. وقال بحسرة «ان ذلك قد يؤدي الى وصول الدم الى الركب». واعتبر زيارة جنبلاط لمنزل قائد «القوات اللبنانية» المنحلة تصب في الاطار الانتخابي، متسائلاً «هل اصبح جنبلاط زعيماً مارونياً؟».

وقال نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم «ان موقف الحزب من قانون الانتخاب هو نفسه الموقف السابق، اي وفق الدائرة الوسطى او المحافظة على قاعدة النسبية».

واعتبر النائب اكرم شهيب، عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي يرأسها النائب وليد جنبلاط، في حديث اذاعي ان دخول الرئيس الحريري الى المعارضة «يشكل قوة تساعد على خوض المعركة». ولفت الى «المصالحة الحقيقية» التي تمت مع «القوات اللبنانية». وقال: «ان هذا كان ضرورياً. ونأمل ان ينضم تيار العماد ميشال عون (القائد السابق للجيش اللبناني) الى هذا الاطار». ورد شهيب على ما قاله رئيس الحكومة عمر كرامي من ان لعبة الأمن لعبة خطيرة بالقول: «انها خطيرة علينا وعلى الدولة»، داعياً الحكومة الى الرحيل «اذا لم نعد قادرين على اقرار قانون انتخاب في لبنان».

وعلمت «الشرق الأوسط» ان اللقاء الاسبوعي الذي عقده رئيس الجمهورية اميل لحود مع رئيس مجلس النواب نبيه بري صباحا أمس، انضم اليه رئيس مجلس الوزراء عمر كرامي وبقي بعيدا عن الاضواء. وقد استغرق الاجتماع الثلاثي اكثر من ساعة واقتصر فيه الحديث على قانون الانتخاب، حيث شدد لحود على ضرورة اسراع الحكومة باعداد القانون وارساله الى مجلس النواب حتى يتم سحب تداوله من الشارع، مع ما يرافق ذلك من سجالات وانتقادات بلغت الذروة، لافتا الى ان المجلس سيد نفسه وبامكانه اقرار القانون الذي تتفق عليه الاكثرية.