أردوغان يزور المغرب الشهر المقبل والاقتصاد يتصدر المباحثات

TT

يقوم رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي بزيارة الى المغرب في غضون شهر فبراير (شباط) المقبل، بهدف تعزيز اواصر التعاون التركي ـ المغربي في مختلف المجالات وخاصة الاقتصادية.

وتأتي زيارة رئيس الحكومة التركية الى المغرب تتويجا لتقارب متسارع في العلاقات تشهده الرباط وأنقرة، أسفر في شهر ابريل (نيسان) الماضي عن توقيع اتفاق التبادل الحر بين البلدين، كما ان المبادلات التجارية بين البلدين سجلت نموا ملحوظا خلال السنة الماضية اذ تجاوزت 300 مليون دولار، وهي مرشحة للنمو أكثر في المستقبل، اذ يلاحظ عرض عدد من المنتوجات التركية في الأسواق المغربية وبأثمان مغرية.

وستكون زيارة أردوغان ذات طابع اقتصادي في المقام الاول، اذ سيصحبه وفد هام من رجال الاعمال يمثل مختلف القطاعات الاقتصادية في بلاده، من دون ان يعني ذلك خلو الزيارة من البعد السياسي، اذ يلاحظ ان الحكومة التركية التي يرأسها حزب العدالة والتنمية، الذي له شبيه في الاسم بالمغرب، ما انفكت تنفتح على فضاءات سياسية مختلفة، ولم تعد تركيا، تلك الدولة المنكمشة على نفسها الواقعة تحت إكراهات المصالح الاستراتيجية الغربية ولا سيما الولايات المتحدة، لذلك جددت أواصرها بالعالم العربي، وسوت خلافاتها التاريخية مع سورية، واستطاعت الإفلات من المأزق العراقي بمهارة دبلوماسية مشهودة، كما خففت من درجة ارتباطها العسكري مع اسرائيل، لاعبة ما يشبه دور الوسيط بين تلك الاخيرة والسلطة الفلسطينية، وهو دور لا يزال مستمرا بدليل زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية عبد الله غول الى تل أبيب حاليا.

وتقف وراء التحركات التركية نحو الفضاءات المتباعدة، رغبتها وطموحها في الوجود في الاسواق والترويج لمنتوجاتها القادرة على المنافسة.

الى ذلك، نجحت الحكومة التي يقودها مسلمون معتدلون في التوفيق بين معادلات صعبة، فقد تعايشت مع القوات المسلحة ذات التأثير القوي في صياغة القرارات السياسية الكبرى، باعتبارها حامية العلمانية والتراث الكمالي (كمال اتاتورك)، ولم يعد العالم يسمع بالمماحكات السابقة بين الجيش في تركيا والمدنيين، مثلما كان الحال في عهد رئيس الوزراء الاسبق مهدي أربكان، الذي ينتسب فكريا وآيديولوجيا الى نفس المبادئ التي يقوم عليها حزب العدالة والتنمية.

لكن النصر المعنوي الاكبر الذي حققه فريق اردوغان، هو اقناع الاتحاد الأوروبي بفتح المفاوضات في افق انضمام الدولة التي اسسها كمال اتاتورك على انقاض الامبراطورية العثمانية الى الحضن الاوروبي. وعلى الرغم من ان المسافة الزمنية ما زالت بعيدة، فان حزب العدالة والتنمية التركي، أحيا آمالا كبيرة لدى المواطنين الاتراك. وهذا معطى لا يمكن ان يغيب عن المحادثات التي سيجريها اردوغان في المغرب، الذي حاول بدوره طرق الابواب الاوروبية من دون ان يصغي لنداءاته. ومن المفارقات ان النقاش الواسع الذي اثاره موضوع انضمام تركيا او عدمه في العواصم الاوروبية، اعاد الى الاذهان المطلب المغربي بالالتحاق بالنادي الأوروبي.

يذكر ان جهات اعلامية حاولت في وقت سابق من السنة الماضية التشويش على العلاقات بين الرباط وانقرة، حينما روجت خبر إقدام تركيا على الاعتراف بـ «الجمهورية الصحراوية»، الأمر الذي سارع الى نفيه بسرعة، السفير التركي في المغرب، وأكده لاحقا مسؤولون اتراك، مثل وزير التجارة الذي حضر الى المغرب لافتتاح معرض المنتوجات التركية في الدار البيضاء، تلاها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي اعلان شركة النقل الجوي التركية «تورك هافا بولاري» فتح خط جوي مباشر بين الدار البيضاء واسطنبول.

تجدر الاشارة الى ان تركيا، تسلمت من المغرب أمانة منظمة المؤتمر الإسلامي، التي تولاها عبد الواحد بلقزيز وزير الخارجية الأسبق وانتهت مع نهاية العام الماضي.