جيران العراق يتجاوبون مع مطلب بغداد بتأييد إجراء الانتخابات والالتزام بمنع تنقل الإرهابيين أو تقديم تسهيلات لهم

سورية وإيران اعترضتا على نص في البيان الختامي دعا إلى عدم التدخل في الشؤون العراقية

TT

تجاوب وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق ومصر والبحرين مع مطلب بغداد في التأكيد على اهمية تنظيم الانتخابات المقررة في نهاية الشهر الحالي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق والتنديد بقوة بأعمال الارهاب الجارية فيه.

واجرى وزراء خارجية العراق والاردن والكويت والسعودية وسورية وتركيا ومصر والبحرين والامين العام لوزارة الخارجية الايرانية سلسلة من الاجتماعات الثنائية في اجنحتهم في الفندق الذي اقاموا فيه في عمان، وذلك قبل ان يستقبلهم العاهل الاردني الملك عبد الله في غداء عمل ركز على العراق واجراء الانتخابات، وفقا لمصدر في الديوان الملكي.

ودعا البيان الختامي للاجتماع الى عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية ووجه نداء الى العراقيين من شتى الطوائف والمناطق للمشاركة بكثافة في الانتخابات المرتقبة في البلاد في الثلاثين من الشهر الحالي.

وتضمن البيان الختامي الذي تبناه الوزراء في ختام اجتماع مغلق استمر حوالى اربع ساعات في فندق فخم في عمان عشر نقاط ركزت على «اعادة التاكيد على احترام سيادة العراق واستقلاله ووحدة وسلامة اراضيه ووحدته الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول».

وأكدوا «حق الشعب العراقي في حياة آمنة ومستقرة وفي تقرير مستقبله بحرية بالوسائل الديمقراطية وممارسة السيطرة الكاملة على موارده الطبيعية والمالية وعلى التزامهم بدعمه لتحقيق هذه الغايات».

وحث المجتمعون «الشعب العراقي بكافة اطيافه على اداء واجبه في الانتخابات المقبلة والاسهام بالتالي في صياغة مستقبله حيث ان الانتخابات تمثل الفرصة الوحيدة المتاحة على طريق الديمقراطية والحرية وبما يمكن العراق من العيش بسلام مع جيرانه.

وشدد البيان على «الدور الرئيس للامم المتحدة في مساندة العملية السياسية بالعراق»، داعيا الى «توفير الحماية اللازمة لموظفي الامم المتحدة في العراق».

ودان البيان الختامي «كافة اعمال الارهاب ضد المدنيين والاماكن المقدسة في العراق وفي المنطقة والدعوة للوقف الفوري لها» كما اعرب المجتمعون عن دعمهم «لجهود الحكومة العراقية المؤقتة للتعامل بحزم مع التواجد الارهابي والانشطة الارهابية التي تجري في العراق او منه والتي تهدد أمن دول الجوار».

كما دان البيان «اعمال الخطف والاغتيال بما فيها تلك التي يتعرض لها المدنيون العاملون في مجال النقل وفي المؤسسات المحلية والاجنبية العاملة في مجال اعادة الاعمار العراق».

وشدد البيان على «اعادة تاكيد التزامات الدول الاعضاء في الامم المتحدة بما يتعلق بمنع تنقل الارهابيين الى العراق ومنه وتزويدهم بالسلاح او التمويل».

وقرر المجتمعون الموافقة على دعوة تركيا لاستضافة اجتماع مقبل لدول جوار العراق في اسطنبول بعد الانتخابات العراقية.

كما اكد البيان على «اهمية تقديم اعضاء النظام العراقي السابق الذين ارتكبوا جرائم حرب ضد ايران والكويت وجرائم ضد الانسانية وضد الشعب العراقي للمحاكمة».

وقال وزير الخارجية الاردني هاني الملقي ان البيان «توافقي» وانه لم يتم تعديل اي بند فيه خلال الاجتماع المغلق المطول امس سوى اضافة عبارة «حسبما يقرره الشعب العراقي» الى تعريف العراق بانه «دولة متحدة تقوم على الديمقراطية والتعددية بهيكلية فيدرالية».

وأفاد مصدر مقرب من الاجتماع بان الصيغة النهائية لبيان عمان خضعت في الاجتماع الوزاري الذي استمر اكثر من ثلاث ساعات الى اكثر من تعديل خاصة ان سورية طالبت بتضمين البيان الشكر الى دول الجوار على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق كذلك طالب الاردن بحث السنة في العراق على المشاركة في الانتخابات حيث واجهه اعتراض ايراني بتصويب الفقرة بحث جميع العراقيين بكافة اطيافه للمشاركة في الانتخابات.

وكانت مسودة البيان الختامي للاجتماع التي نوقشت اول من امس في اجتماع لمندوبين عن العراق ودول الجوار الست ومصر قد دعت الى «عدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق بما في ذلك العملية الانتخابية» حسبما اكد احد المندوبين، ولكن، بعد اعتراض المندوبين الايراني والسوري، تم الاتفاق اخيرا على الاكتفاء بالدعوة الى «عدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق» والتأكيد على «سيادة ووحدة» العراق واراضيه في البيان الختامي.

وقال هذا المندوب طالبا عدم الكشف عن هويته ان سورية وايران عارضتا تضمين البيان الختامي اشارة الى عدم التدخل في الانتخابات «باعتبار ان اشارة من هذا النوع تعني ضمنيا وجود تدخل في هذا الشأن. الا ان الاردن والكويت اعتبرا ان هذه الاشارة يجب ان تؤخذ على انها «رسالة الى العراقيين الذين يتوقعون تدخل بعض الدول في الانتخابات بأن ذلك لن يحصل»، حسب المصدر نفسه الذي اضاف «انها بالفعل رسالة الى ايران من اجل عدم التدخل في الانتخابات العراقية».

وكانت هذه المسألة اثارت ازمة دبلوماسية بين ايران والاردن بعد تصريحات العاهل الاردني الشهر الماضي والتي اتهم فيها ايران بمحاولة التأثير على الانتخابات في العراق من اجل تشكيل «هلال شيعي» في المنطقة يضم ايران والعراق وسورية ولبنان.

ورفضت ايران التي تؤكد دائما انها لا تتدخل في شؤون العراق هذه الاتهامات وقرر وزير خارجيتها كمال خرازي عدم المشاركة في اجتماع عمان حيث مثل ايران في الاجتماع مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية غلام علي خسرو.

وفي الكلمة التي افتتح بها الاجتماع دعا وزير الخارجية الاردني هاني الملقي العراقيين لاستغلال «الفرصة الذهبية السانحة» للمشاركة في الانتخابات العراقية وذلك في افتتاح اجتماع دول الجوار في عمان.

وأكد الملقي «أهمية هذه الفرصة الذهبية السانحة لكل عراقي وعراقية لوضع العراق على الطريق القويم (...) لبناء دولة القانون والتعجيل في تمكين العراق من الإمساك بزمام أموره». وقال «ادعو من هذا المنبر كل فئات الشعب العراقي للتوجه لصناديق الاقتراع لاختيار من يرون اهلا لتمثيلهم».

وخاطب الملقي الشعب العراقي مشددا على «التزامنا الواضح والاكيد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق».

وحذر رئيس الدبلوماسية الاردنية من ان الدعوات المتكررة من فئات عديدة من الشعب العراقي وبخاصة السنة لمقاطعة الانتخابات ستمهد الطريق امام التدخل الخارجي في شؤون العراق. واشار الى «اهمية مساهمة كل العراقيين (...) لان التقاعس سيترك الباب مفتوحا لغيرهم لاتخاذ القرار نيابة عنهم».

ونبه الوزير الاردني العراق والدول المجاورة له الى «ضرورة اخذ الحيطة والحذر من الوقوع في فخ تسييس الدين» حيث ان «الاسلام قد صبغ ثقافتنا وميزها بالتسامح بغض النظر عن اللون والعرق او الدين»، مضيفا ان «تسييس الدين سيدخله في جدلية سياسية».

وقال ان هذا الاجتماع يهدف الى «تمكين العراق من تحقيق طموحه المشروع في الأمن والاستقرار وفي بناء عراق موحد ينعم بالحرية والديمقراطية وسيادة القانون ورفاه الاقتصاد (...) والاجتماع في ظل حكومة منتخبة تعمل ضمن اطار ولاية واضحة يمنحها العراقيون لها بموجب دستور جديد يختاره الشعب العراقي ليلبي تطلعات كل ابنائه وبناته».

واوضح ان «طموحاتنا ان يتمكن العراقيون من كل ذلك ليس لان فيه خيرا للعراقيين فحسب بل لاننا نتوسم في هذا الخير لبلادنا ولشعوبنا».

ومن جانبه اكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان رسالة العراق الى جيرانه هي ضرورة الامتناع عن اي تدخل في العراق من شأنه ان يؤثر على نتائج الانتخابات.

وقال زيباري للصحافيين قبيل الاجتماع «رسالتنا الى الاجتماع هي دعوة هذه الدول الى الامتناع عن اي تدخل من شأنه ان يؤثر على الانتخابات في العراق التي ستكون حاسمة». ودعا ايران الى مساعدة العراق عبر «دعم الانتخابات». وقال «ايران دولة مهمة لها تأثير داخل العراق الا ان الانتخابات شأن عراقي بحث لا يعني سوى العراقيين وحدهم».

وشدد زيباري على وجود «تدخلات اقليمية في الشؤون الداخلية للعراق» قائلا «نريد التوصل الى آلية مع جيراننا كي يحترموا مبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين».

واوضح زيباري انه يتوقع ان يشكل الاجتماع «رسالة واضحة لا لبس فيها لدعم الانتخابات العراقية واجرائها في موعدها المحدد في الثلاثين من الشهر والمساعدة من اجل خلق اجواء مناسبة تتيح لكل العراقيين المشاركة فيها ان كانوا شيعة او سنة او اكرادا».

وبعد ان أكد ان الحكومة العراقية «في حوار مستمر» مع سورية حول مسألة تسلل «الارهابيين» وسبل معالجة القضية، قال زيباري ان العراق «يريد من سورية وغيرها من الدول أعمالا وليس اقوالا».

وقد تم تضمين البيان الختامي اشارات اخرى الى الانتخابات العامة بينها «دعوة العراقيين الى تقرير مستقبلهم عبر التوجه الى الصناديق» و«تبني العراقيين دستورهم بأنفسهم».