نظيف : مصر لديها حق امتلاك برنامج نووي للطاقة لو ثبتت جدواه الاقتصادية

«اندهاش بالغ» بالوكالة الدولية للتسريبات وتأكيدات على التزام القاهرة

TT

في الوقت الذي تثير فيه التقارير بشأن أنشطة مصرية نووية مزعومة ردود فعل دولية متواصلة، أبدت مصادر وثيقة الإطلاع بالوكالة الدولية للطاقة الذرية «دهشة بالغة» إزاء ما أطلق عليه تسريبات حول تحقيقات الوكالة في الملف النووي المصري، في حين شنت جهات مصرية مسؤولة وشبه مسؤولة حملة مضادة تؤكد فيها أن القاهرة لا تملك أية برامج نووية عسكرية، وأن من حقها امتلاك برامج نووية لأسباب اقتصادية مثل توليد الطاقة. وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» قال مصدر مطلع بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، رفض الإفصاح عن إسمه، ان أي ربط بين ما يثار عن الأنشطة النووية المصرية، وترشيح الدكتور محمد البرادعي لفترة ثالثة مديرا للوكالة، ليس له معنى. وقال المصدر «لا ندري من أين تأتي التقارير الإعلامية بهذه المعلومات حول ملف مصر النووي». وأكد على أنه لا توجد لدى الوكالة حتى اللحظة أي معلومات أو شواهد أو تقارير رسمية علمية نووية تشير لأي خروفات لالتزامات مصر النووية». وأشار المصدر إلى أن سياسة الوكالة، في عهد البرادعى، تطبق ذات المعايير على كل الدول. وأشاد بالتعاون المصري في مسألة التفتيش عندما تطلبه الوكالة. في الوقت نفسه، أكد مسؤولون مصريون بارزون أمس مجددا أن برنامج مصر النووي ليس عسكريا وان الغرض منه هو توليد الطاقة وتحلية المياه.

ونقلت صحيفة «الاهرام» شبه الرسمية عن أحمد نظيف، رئيس الوزراء المصري، قوله «مصر لديها برنامج سلمي للطاقة النووية موجه بشكل اساسي الى توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه في اطار هيئة مصرية للطاقة النووية».

وأوضح ان مصر، ويبلغ تعداد سكانها 70 مليونا، تحتفظ بحقها في بناء محطات نووية باعتبارها بديلا يمكن اللجوء اليه اذا ثبتت جدواه الاقتصادية وحاجة المحطات اليه.

ومن ناحية أخرى، نقلت «وكالة انباء الشرق الاوسط» المصرية عن مصدر مسؤول قوله ان «توقيت اثارة هذه المزاعم ربما يتعلق بموضوع ترشيح السيد محمد البرادعي مديرا للوكالة الدولية للطاقة النووية». وكان البرادعي قد رشح نفسه لمنصب مدير الوكالة الدولية لولاية ثالثة.

وتعارض واشنطن التي ترى ان موقف البرادعي من ايران كان لينا، وتعلل ذلك بان تولي المناصب القيادية في وكالات الامم المتحدة يجب الا يتجاوز ولايتين متتاليتين. ويذكر أنه توالى على إدارة الوكالة، قبل البرادعي، ثلاثة مديرين هم الأميركي ستيرلنج كول، أول مدير للوكالة، ولمدة اربع سنوات في الفترة بين عامي 1957 و1961. أما المدير الثاني فهو العالم السويدي سيجوارد أيكلوند، لمدة عشرين عاما بين عامي 1961 و1981 . وأخير السويدي هانز بليكس، لمدة 16 عاما بين عامي 1981 و1997. وتجدر الإشارة إلى أنه حسب مصادر الوكالة الدولية للطاقة النووية فقد أغلق باب الترشيح لمنصب المدير من دون ان يتقدم اي منافس للبرادعي وينتظر ان تجرى عملية الاقتراع في يونيو (حزيران) القادم.

وليتم التمديد للبرادعي يتعين عليه الحصول على ثلثي اصوات مجلس محافظي الوكالة والا فان باب الترشيح للمنصب يفتح مجددا.

من ناحيتها، شددت غالبية الصحف المصرية أمس على أن الصحف «الاميركية والاسرائيلية» هي التي تردد المعلومات عن برنامج مصري سري لتطوير السلاح النووي.

وذكرت صحيفة «الاهرام» الحكومية ان صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية نشرت «هذه الادعاءات التي رددتها أخيرا صحف اسرائيلية.

وكان دبلوماسيون في فيينا ـ مقر الوكالة الدولية، قد قالوا أول من أمس لفرانس برس إن الوكالة «تحقق في اجراء مصر تجارب نووية صغيرة».

واكد دبلوماسي ان تلك التجارب تتضمن انتاج معدن اليورانيوم الذي يمكن استخدامه في اسلحة تعمل بالبلوتونيوم كما انها تقوم بالخطوات الاولى لتخصيب اليورانيوم بانتاج «يورانيوم تترافلورايد».

غير ان دبلوماسيا اخر مقربا من الوكالة اكد انه لم يتم تخصيب اليورانيوم الذي يمكن ان يستخدم حسب درجات تخصيبه لغايات مدنية او عسكرية.

واكد الدبلوماسي ان التجارب «صغيرة، بل لا شيء وتعود الى الخمسينات». واشار الى ان معظم تلك التجارب تمت على ما يبدو قبل عام 1982 عندما وقعت مصر اتفاقا مع الوكالة الدولية فتحت بموجبه ابوابها امام عمليات التفتيش.

ووقعت مصر في 1983 على معاهدة منع الانتشار النووي ووافقت في 1996 على التمديد اللانهائي لها بعد معركة دبلوماسية طويلة حاولت خلالها من دون جدوى، حمل المجتمع الدولي على ممارسة ضغوط على اسرائيل لتنضم الي المعاهدة اسوة بكل الدول العربية.

واوقفت مصر في نهاية الثمانينات برنامجا للاستخدام السلمي للطاقة النووية خصوصا في مجال توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر تحت ضغط الولايات المتحدة وبعد حادث تشرنوبيل.

لكن القاهرة احتفظت ببرنامج بحثي محض في مجال الطاقة النووية. وبموجب الاتفاقات الموقعة بين مصر والوكالة الدولية تقوم الاخيرة بالتفتيش على اربعة مواقع من بينها مفاعلان بحثيان صغيران في منطقة انشاص (شمال شرقي القاهرة).

كما تقوم الوكالة، وفق المصادر نفسها، بتفتيش موقعين اخرين احدهما مصنع صغير لانتاج الوقود اللازم للمفاعل والثاني معمل لبحوث الوقود.

وقال رئيس الوزراء احمد نظيف في تصريح للتلفزيون المصري ان مصر تواصل الابحاث في مجال الطاقة النووية لانها «تحتفظ ببديل اقامة المحطات النووية لتوليد الكهرباء اذا ثبت جدواه الاقتصادية».