أسترالي مصري المولد يقول إنه أرسل إلى مصر حيث تعرض للتعذيب قبل نقله إلى غوانتانامو

الجيش الأميركي يحقق في مزاعم الانتهاكات بحق معتقلي الإرهاب

TT

أفادت وثائق قضائية ان استراليا من اصل مصري، معتقلا حالياً في قاعدة غوانتانامو بكوبا، قال انه تعرض للتعذيب خلال استجوابه في مصر. وحسب دعوى قضائية رفعت باسمه تطالب بوقف خطة اميركية لترحيله الى مصر، فان السلطات الاميركية نقلت في اواخر عام 2001، ممدوح حبيب، الى مصر التي قال انه تعرض فيها الى التعذيب طيلة 6 اشهر قبل اعادته الى القاعدة الجوية الاميركية في كوبا.

وادعى حبيب الذي القي القبض عليه في باكستان في اكتوبر (تشرين الاول) 2001 باعتباره مدربا لدى تنظيم «القاعدة»، انه خلال وجوده رهن الاعتقال في مصر جرى تعليقه من ذراعيه وتعرض لصدمات كهربائية متكررة، وكاد ان يغرق وضرب بوحشية، وذكر ان القوانين الاميركية والدولية تحظر اعادته الى مصر.

وحالة حبيب هي الثانية التي تصف ممارسة سرية يطلق عليها «التسليم»، وقد بعثت بمقتضاها وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. ايه) اشخاصاً يشتبه في علاقتهم بالارهاب الى بلدان اخرى للتحقيق معهم. لكن ليس واضحاً الجهة الاميركية التي ارسلت حبيب الى مصر.

وقضية حبيب هي الاولى التي تتحدى قانونية تلك الممارسة ويمكن ان تكون لها ردود فعل على خطط اميركية بإرسال عدد كبير من المعتقلين في غوانتانامو الى مصر واليمن والسعودية وغيرها من البلدان.

وقد اعترفت وكالة (سي. آي. ايه) انها مارست عمليات «التسليم»، الا ان المسؤولين في ادارة الرئيس جورج بوش قالوا انهم لم يقصدوا ابدا تعريض المعتقلين للتعذيب، وانهم في الواقع، طالبوا الحكومات الاجنبية المعنية بتعهدات بمعاملة المعتقلين بطريقة انسانية.

ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية التعليق على اتهامات حبيب التي تقدم بها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ولكن كشف عنها اول من امس فقط بعد ان اعلن القاضي انها لا تحتوي على معلومات سرية. ولم ترد وزارة العدل الاميركية على اتهامات بأنه ارسل الى مصر. وقال مسؤول مصري انه لا يمكنه التعليق على اتهامات حبيب لكنه اعتبر ان «الاتهام بأننا نعذب الناس يبدو خرافياً».

كذلك، نشر اتحاد الحريات المدنية الاميركي وثائق جديدة تظهر ان 26 من عناصر مكتب المباحث الفيدرالي (اف. بي. آي) قالوا انهم شاهدوا سوء معاملة للمعتقلين في غوانتانامو، مما يشير الى نموذج اكثر اتساعا لسوء المعاملة مقارنة بما ذكر سابقاً.

كما اظهرت السجلات، التي تم الحصول عليها في اطار قضية مرفوعة من قبل الاتحاد، ان كبير المحامين في مكتب المباحث قرر ان 17 من الحوادث «هي وسائل تحقيق اقرتها وزارة الدفاع». وتبين، طبقا للوثائق، ان مكتب المباحث لم يشارك في التحقيقات.

ونشرت وثائق اتحاد الحريات المدنية تفاصيل سوء المعاملة التي شاهدها عناصر مكتب المباحث الذين يخدمون في افغانستان والعراق وغوانتانامو، بما في ذلك بعض الحوادث الذي امسك فيها المحققون العسكريون الاعضاء التناسلية للمعتقلين وثنوا اصابعهم للخلف، وفي احدى الحالات، وضع شريط لاصق على فم سجين لتلاوته آيات قرآنية.

وقد امرت السلطات العسكرية الاميركية باجراء تحقيق في مزاعم تعرض سجناء بغوانتانامو الى معاملة سيئة، وكلفت جنرالاً للاشراف على التحقيق. وافادت رسائل الكترونية لموظفين في مكتب المباحث ان السجناء في غوانتانامو قيدوا من الايدي والاقدام في وضع قاتل وتركوا على الارض لمدة تراوحت بين 18 الى 24 ساعة ليتبولوا ويتبرزوا على انفسهم.

وفي أواخر عام 2002، روى احد موظفي مكتب (اف. بي. آي) ان واحداً من المعتقلين في غوانتانامو قد اخضع الى «عزلة مكثفة» لفترة زادت على الثلاثة اشهر وان هذه الزنزانة كانت تسلط عليها الاضواء باستمرار. وأشار الموظف الى ان «السجين كان يظهر سلوكا يتسم بالصدمة السيكولوجية الشديدة»، بما في ذلك سماع أصوات والانزواء في زاوية لساعات والتحدث مع اشخاص خياليين.

ووفقا لما اوردته رسائل الكترونية، حاول المحققون العسكريون في غوانتانامو اخفاء بعض نشاطاتهم عن موظفي مكتب (اف. بي. آي) بما في ذلك تفريغ مرهم تدليك لمحققة امرأة على سجين خلال شهر رمضان، وهو أسلوب مؤذ بالنسبة لرجل مسلم متمسك بدينه.

وقد نقل حبيب الى غوانتانامو في مايو (ايار) 2002. وقال ثلاثة بريطانيين أطلق سراحهم من غوانتانامو، هم روهيل احمد وآصف اقبال وشفيق رسول، ان حبيب كان في «وضع كارثي» عندما وصل. واضافوا ان معظم أظافر اصابعه كانت مقتلعة وكان الدم ينزف من أنفه وفمه وأذنيه اثناء نومه، وقد حرمه المسؤولون الأميركيون من العلاج، حسبما قال السجناء السابقون.

وقال جوزيف مارغوليس محامي حبيب ان موكله كان قد انتقل الى أستراليا في الثمانينات لكنه قرر لاحقاً نقل عائلته الى باكستان. وكان في أواخر عام 2001 بباكستان يبحث عن بيت وعن مدرسة لأطفاله. ويتهم المسؤولون الأميركيون حبيب بالتدريب وجمع الأموال لـ «القاعدة»، ويقولون ان لديه معرفة مسبقة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001. وأشارت وسائل الاعلام الأسترالية الى أن السلطات الاسترالية برأته من تهمة الصلات الارهابية عام 2001 . وفي الخامس من أكتوبر 2001 اعتقلت السلطات الباكستانية حبيب، وخلال ثلاثة اسابيع استجوبه ثلاثة اميركيين، حسبما قال في مذكرة موجودة في ملفات محكمة دائرة كولومبيا الأميركية.

وتقول المذكرة انه أخذ الى مهبط طائرات حيث تعرض، الى الضرب على يد اشخاص عدة كانوا يتحدثون الانجليزية بلكنة أميركية. ومزق الرجال ملابسه ووضع احدهم قدمه فوق رقبته «بينما كان آخر يلتقط الصور»، وفقا لما ورد في الوثيقة. ثم نقل جوا الى مصر وقضى ستة أشهر في الاحتجاز في زنزانة بطول 8 اقدام وعرض 6 اقدام، حيث كان ينام على أرضية اسمنتية بدون بطانية. وخلال عمليات الاستجواب كان حبيب «يعلق على الجدران» ويتعرض للركل واللكم والضرب بالعصا والصعق الكهربائي وصب الماء البارد عليه عندما ينام بصورة متكررة، وفق ما جاء في المذكرة.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»