اختفاء صحافية فرنسية ومرافقها في العراق يثير قلق باريس قبل أيام من زيارة الرئيس الياور

شيراك ينصح وسائل الإعلام بعدم إيفاد مبعوثين عنها إلى بغداد

TT

مع اختفاء فلورنس أوبناس، مبعوثة صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية منذ صباح الأربعاء الماضي عقب مغادرتها فندق الرشيد في طريقها مع مرافقها العراقي حسين حنون السعدي الى مدينة بيجي، تجد السلطات الفرنسية نفسها، على الأرجح، في مواجهة أزمة رهائن جديدة، وذلك بعد 17 يوما فقط على إطلاق سراح الصحافيين جورج مالبرونو وكريستيان شينو اللذين أمضيا في الأسر 121 يوما. وهذا ربما ما حمل الرئيس جاك شيراك الى النصح بعدم ايفاد إعلاميين الى العراق.

وحتى أمس، لم تستخدم السلطات الفرنسية تعبير «عملية خطف». غير أنها بالغة التخوف الى درجة أن رئيس الجمهورية جاك شيراك أعرب أمس، في كلمة ألقاها في قصر الإليزيه بحضور الصحافيين الفرنسيين والأجانب المعتمدين في باريس، عن «قلقه» إزاء مصير أوبناس التي وصلت الى العراق في السادس عشر من الشهر الماضي لإجراء مجموعة من التحقيقات بينها موضوع عن أوضاع المرأة في العراق وآخر عن عودة سكان الفلوجة الى مساكنهم. وأكد الرئيس الفرنسي أن باريس «عبأت بطبيعة الحال كل الوسائل من أجل الحصول على المعلومات (بشأن الصحافية المختفية) من أجل العثور عليها». وبحسب شيراك، فإن «سلامة المراسلين الفرنسيين (في العراق) لم تعد مضمونة في الوقت الحاضر»، مذكرا بأن السلطات الفرنسية «تنهي شكليا إرسال صحافيين الى هذا البلد». ودعا شيراك المسؤولين عن وسائل الإعلام الفرنسية الى «التحلي بروح المسؤولية».

وتفهم دعوة شيراك للتحلي بروح المسؤولية على أنها رغبة رسمية في تحاشي تكرار تجربة الرهينتين مالبرونو وشينو الأولى وما رافقها من ارباكات انعكست على تحرك الدبلوماسية الفرنسية إزاء العراق فضلا من اللغط الذي ثار بشأن دور النائب ديديه جوليا ومساعديه فيليب أفنو وفيليب بريت الذي نقل أمام القضاء. وحتى الآن، لم تعرف الظروف الحقيقية التي رافقت إطلاق الصحافيين و«الثمن» الذي دفعته باريس للحصول على إطلاق سراحهما.

ويتضاعف إحراج باريس المترتب على اختفاء فلورنس أوبناس مع اقتراب موعد الزيارة الرسمية التي سيقوم بها الأسبوع المقبل الرئيس العراقي غازي الياور الى فرنسا. وينتظر أن يستقبل شيراك الرئيس العراقي يوم الخميس المقبل. وكانت زيارة الياور قد أجلت مرتين الأولى أوائل شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بطلب من قصر الإليزيه بسبب خطف شينو ومالبرونو في العشرين من أغسطس (آب). ولم تطرح حتى الآن امكانية وجود صلة بين زيارة الياور واختفاء أوبناس ومرافقها العراقي.

وما قاله الرئيس شيراك، أكد عليه وزير الخارجية ميشال بارنيه الذي قال أمس إن العراق «بلد خطير»، داعيا «جميع» الوسائل الإعلامية الى الامتناع عن إرسال مبعوثين الى العراق، فيما دعت وزيرة الدفاع ميشال أليو ـ ماري الى «تحكيم صوت العقل».

ومن المؤكد أن اختفاء أوبناس وتحذيرات السلطات الفرنسية ستحفز شبكات التلفزة الفرنسية والوسائل الإعلامية الأخرى الى الامتناع عن إرسال فرق لتغطية الانتخابات العراقية المنتظرة (حتى الآن) نهاية الشهر الجاري. وتعليقا على اختفاء أوبناس ومرافقها، دعت منظمة «مراسلون بلا حدود» الى «الحذر» وعدم التسرع قبل تناول «مصير» الشخصين المعنيين لأن «ليس ثمة ما يدل على وجود عملية خطف». لكنها بالمقابل دعت الى القيام بـ«تعبئة فورية» لأن مثل هذه التعبئة، كما تبين في حالة مالبرونو وشينو، مفيدة وساهمت في ضمان الإفراج عنهما.