تفاقم الصراعات بشأن «خطة الفصل».. شارون يتهم قادة المستوطنين اليهود بتدمير الأسس التي تقوم عليها إسرائيل

TT

مع تفاقم الصراع بين اليمين المتطرف وبين سلطة القانون الاسرائيلية، على خلفية تطبيق «خطة الفصل» (الانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية وازالة المستوطنات وإخلاء المستوطنين منهما)، هاجم رئيس الوزراء، ارييل شارون، قادة المستوطنين اليهود في المناطق الفلسطينية المحتلة واتهمهم بتهديد الأسس التي تقوم عليها اسرائيل، ألا وهي الحصانة القومية الداخلية ووحدة الجيش.

وقال شارون، في تصريحات هي الأولى من نوعها في كل تاريخه مع المستوطنين، والذين كانوا يعتبرون أبناءه وجنوده في معاركه السياسية والحزبية، انهم تجاوزوا كل الخطوط الحمراء وكل قواعد النشاط السياسي عندما رفعوا أيديهم على جنود الجيش الاسرائيلي ـ «عندما شاهدت الشريط التلفزيوني عن هجومهم على الجنود. تزعزع بدني وقلت لنفسي: الى هنا. تصرفاتهم لم تعد تحتمل. انهم أقلية ضئيلة في المجتمع الاسرائيلي، لكنهم يحاولون فرض ارادتهم ومواقفهم على الأكثرية بشتى الوسائل اللا أخلاقية ـ يكذبون، يتلونون، يخادعون، يحرّضون. وبتصرفاتهم هذه يصلون الى المحرّمات. الى زعزعة وحدة الجيش الاسرائيلي وحصانته الداخلية. وهذا لن اسمح به بأي شكل من الاشكال». وعلم ان شارون دعا الى مكتبه، ليوم غد الأحد جميع العاملين في مجال تطبيق القانون في الحكومة: وزيرة القضاء، تسيبي لفنة، والمستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، والمستشارين القضائيين في الجيش والشرطة وفي وزارة الدفاع وغيرهم ليبحث معهم سبل تطبيق القانون ضد المستوطنين. وحسب أحد المقربين منه فانه سيطلب اجراء محاكمات سريعة لكل من يخالف القانون، بدءا بالضباط الذين وقعوا على عرائض رفض الخدمة العسكرية بسبب قرار إخلاء المستوطنات وحتى المستوطنين والمستوطنات الذين اعتدوا على الجنود لدى محاولة اخلائهم من مبنيين في مستعمرة «يتسهار» قرب نابلس، مطلع الاسبوع.

وكان وزير الدفاع، شاؤول موفاز، قد دعا هو ايضا، أمس، قادة الجهاز القضائي الى التحرك وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي ازاء خرق القانون من طرف المستوطنين ومن يقف معهم في اليمين المتطرف. وقال «ان اسرائيل تقف في مفترق طرق تاريخي بالنسبة لسلطة القانون. ويجب على هذا الجهاز ان يبث الأمان لكل مواطن بأن سلطة القانون هي فوق كل شيء». وأضاف موفاز، الذي تكلم أمام قادة الوزارة والجيش الذين اجتمعوا للبحث في ظاهرة التحريض على رفض الخدمة العسكرية : ان الدعوات التي يطلقها بعض الشخصيات الجماهيرية لرفض تطبيق القانون لأسباب سياسية، هي دعوة للحرب الأهلية. والدعوات التي تطلق ضد الحكومة، وكأنها بموضوع «خطة الفصل» تقوم بعمل غير شرعي، هي تشبه الخيانة في الجيش. ولهذا ينبغي علينا ان نستنفد مع تلك القوى كل الإجراءات القانونية اللازمة ومن دون تردد.

وبنفس هذه الروح التي تكلم فيها شارون وموفاز ضد المستوطنين، بدأت تنطلق حملات جماهيرية في اسرائيل. ومن أبرزها حركة تجند في اليسار للحلول محل ضباط الجيش المتمردين عندما يحين موعد اخلاء المستوطنات. وقد بادر الى اقامة هذه الحركة عدد من الضباط في جيش الاحتياط، أنصار السلام وأعضاء الكيبوتسات (التعاونيات الزراعية والصناعية في اسرائيل المعروفة بنهجها الاشتراكي الجديد من جهة وبالأعداد الكبيرة من شبانها في الوحدات العسكرية القتالية في الجيش الاسرائيلي).

وقد فوجئ المستوطنون بهذه الهجمة عليهم وبان عليهم التلبك في الرد عليها وراح يتكلم باسمهم رجال القانون من محامي الدفاع الملازمين لهم، فقالوا انهم يخشون من هجمة دكتاتورية ضدهم. وأعادوا الى الأذهان ان رئيس الوزراء الاسرائيلي الأكثر يمينية، اسحق شامير، كان قد أعرب عن خشيته من ان يقوم شارون، وزير الاسكان آنذاك، بانقلاب عسكري عليه.