نصر الله: الانتخابات النيابية مصيرية للمستقبل ونريد قانونا عادلا على قياس الوطن والشعب

السجال الانتخابي في لبنان بين مداولات بكركي وموقف «حزب الله»

TT

أضفى «حزب الله» أمس زخماً جديداً إلى السجال الدائر حول المعركة الانتخابية في لبنان المقررة الربيع المقبل، وطالب الأمين العام للحزب الشيخ حسن نصر الله بأن تجرى الانتخابات وفق «قانون عادل ومنصف». وقال مخاطباً الفرقاء السياسيين «تعالوا لنضع قانون انتخابات على قياس الوطن والشعب اللبناني وليس على قياس حزب أو شخص أو مرجعية».

واعتبر نصر الله، في كلمة ألقاها أمس: «أن الخيار المنطقي هو في أن يحتكم اللبنانيون إلى الانتخابات الآتية في تحديد مواقفهم من القضايا المطروحة»، مشيراً إلى أن الانتخابات النيابية «هي المعركة السياسية المصيرية التي تحدد مستقبل لبنان لأربع سنوات مقبلة».

استهل نصر الله كلمته داعياً «كل لبناني إلى تحمل مسؤولياته تجاه البلد ومستقبله» داعياً الذين يقرأون متغيرات المنطقة ويرتبون عليها مواقفهم السياسية، إلى القراءة بعقل وليس بعاطفة. وقال: «مشتبه من يعتقد أن المنطقة دخلت في العصر الأميركي وفي الهيمنة والسيطرة الأميركية (...)، نحن نقرأ الأمور بشكل مغاير. ونقول لقد بدأ زمن إنهيار الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على منطقتنا».

واعتبر نصر الله «أن لبنان لا يتحمل المغامرات»، وتوجه إلى «بعض اللبنانيين» قائلاً: «كفى مغامرات، فقد عانى البلد وشعبه الحروب والتقاتل والخصومات والعداوات والأحقاد خلال عشرات السنين الماضية. ولا يجوز لأحد، في أي إطار أو أية حسابات، أن يغامر بلبنان ومستقبله وأمنه واستقرار شعبه».

وقال: «عندما يكون هناك نزاع أو خلاف حول شأن من الشؤون العامة لا يجوز لأحد أن يفرض رأيه أو قناعته أو حساباته بشكل مستبد (...)، وعندما نختلف على قضايا مصيرية وأساسية كما هو مطروح الآن في موضوع قانون الانتخابات وموضوع النظام وموضوع الوجود السوري في لبنان، هل يحتاج الأمر إلى عقد مؤتمر وطني؟ تفضلوا! لكن المؤتمر الوطني يجب أن يعقد في لبنان وليس في باريس أو أي مكان في العالم».

وأردف نصر الله: «أنا أعرف أن فكرة الاستفتاء مرفوضة وفكرة الاعتماد على استطلاعات الرأي مرفوضة (...)، وبالتأكيد نحن نطالب ونصر على قانون عادل منصف، ولا أتحدث عن المساواة. البعض في لبنان يشتبه عندما يتحدث عن المساواة (...) صعب الوصول إلى قانون انتخابات يعتمد مساواة، والذين يتحدثون عن مساواة من موقع الأقلية ليس من مصلحتهم أن يكون هناك قانون يعتمد المساواة. لذلك نحن نتحدث عن قانون عادل نسبياً، قانون منصف ومريح ويجد غالبية اللبنانيين الساحقة انهم يتمكنون من خلال هذا القانون من ممارسة حقهم الانتخابي».

وأكد نصر الله: «حزب الله لا مشكلة لديه في القضاء أو في الدائرة الوسطى أو في المحافظة أو في الدائرة الصغرى الأقل من القضاء أو لبنان دائرة واحدة أو الأكثري أو النسبي، ولكن تعالوا لنضع قانون انتخابات على قياس الوطن وعلى قياس الشعب اللبناني وليس على قياس حزب أو شخص أو زعامة أو مرجعية معينة وإنما على قياس الوطن ليشعر اللبنانيون معه بشكل عام انهم مرتاحون لهذا القانون وانهم ليسوا في موقع المصادرة من قبل القانون».

وخلص إلى القول: «المجلس النيابي المقبل قادر أن يعمل نقاشاً ومؤتمراً وطنياً. والمجلس النيابي المقبل يقدر أن يحسم النزاع حول مسائل أساسية. ولنعتبر أن المعركة السياسية المصيرية التي تحدد مستقبل لبنان لأربع سنوات مقبلة هي معركة الانتخابات النياببية، وأي طريق آخر هو مغامرة وهو لعب بمصير لبنان وبمستقبل لبنان».

وفي بكركي، كانت المداولات الانتخابية محور استقبالات البطريرك الماروني نصر الله صفير أمس، وقد استقبل وفداً من «لقاء قرنة شهوان» المعارض ضم النائب فارس سعيد وسمير فرنجية وانطوان الخواجا، كما استقبل البطريرك وفداً من قيادة الحزب الشيوعي برئاسة أمينه العام خالد حدادة الذي حمَّل «من تولى المسؤولية منذ 12 سنة على الأقل مسؤولية الانقسامات والتوتر الأهلي»، معتبراً «أن ما ساهم في زراعة بذور هذا الانقسام عدم تطبيق اتفاق الطائف بكافة بنوده التي لها علاقة بتنظيم الوجود السوري في لبنان».

واعتبر «أن تطبيق الطائف يبدأ بقانون انتخاب ينتج نسيماً موحداً للبنان، ونحن نعتقد أن النظام الأكثري هو الذي يعيد إنتاج الانقسام الطائفي والمناطقي والعشائري، لذلك ركزنا على أهمية النظام النسبي، ليس فقط كآلية للانتخاب إنما كأداة للإصلاح السياسي». وقال: «إن الحزب الشيوعي يسعى لأن يكون للبنان قانون انتخاب يمثل حقيقة الشعب اللبناني ويفتح الآفاق لإقامة وطن بديل عن التجمعات والمزارع الطائفية».

وزير المهجرين طلال أرسلان استقبل أمس وفداً من «اللقاء الوطني» الذي دعا لعقد مؤتمر يوم الثلاثاء المقبل في فندق «السفير» في بيروت لعرض مشروعه لقانون الانتخاب. وبعد اللقاء تحدث فرنجية باسم الوفد قائلاً: «في ما يتعلق بموضوع الانتخابات، نحن لم نأت لاقناعه (أرسلان) بالنسبية، فهو وحزبه على رأس من قال بالنسبية أي نظام الاقتراع النسبي، بل جئنا وتفاهمنا وتوافقنا على الحضور الكثيف والسياسي في اللقاء الوطني الثلاثاء المقبل. ونطلب من كل القوى التي تقول بالنسبية، أن تحضر ويكون حضورها سياسياً كبيراً من أجل دعم النظام النسبي».

وتعقد لجنة المتابعة المنبثقة من «لقاء البريستول» الذي يضم قوى المعارضة اجتماعاً ثالثاً خلال الساعات القليلة المقبلة، لاستكمال ورقة عمل تحرك المعارضة التي ترتكز على ثلاث نقاط، بحسب ما أكد عضو اللجنة الياس عطا الله لوكالة «الأنباء المركزية» اللبنانية غيرالرسمية أمس، موضحاً «أن النقطة الأولى درس سبل المواجهة مع الاحتمال المرتقب والمرجح بصدور قانون انتخابات يستند إلى الاستنسابية. والنقطة الثانية إجراء اتصالات من أجل توسيع صفوف المعارضة تشمل التكتل الطرابلسي، وندوة العمل الوطني التي يرأسها رئيس الحكومة السابق سليم الحص، والتيار الوطني الحر، والحزب الشيوعي، والجماعة الإسلامية وحزب الله. والنقطة الثالثة تنظيم أطر عمل المعارضة كتشكيل لجان للعمل النقابي والمهن الحرة والطلاب والإعلام والنشاط السياسي والاغتراب».

هذا وأكد حزب «الوطنيين الأحرار» بعد اجتماع عقده أمس برئاسة رئيسه دوري شيمعون، على مطالبه في موضوع استحقاق الانتخابات النيابية «التي طالما شددنا في صددها على توافر عدد من الشروط ولم تتوقف يوماً، شأن أهل السلطة المنهمكين في عمليات الفرز والضم وفي السيناريوات الملائمة، عند العامل الجغرافي في تحديد الدوائر الانتخابية».

وقال الحزب، في بيانه الذي أصدره عقب الاجتماع: «نعود لنؤكد أن الانتخابات، وهي التعبير الأول للديمقراطية، تفرض قبل كل شيء تأمين أجواء الحرية وانتفاء التدخلات الخارجية والسلطوية ولجم عنصري المال والإعلام. إلى ذلك، يفترض فيها ضمان صحة تمثيل المواطنين ليستقيم النظام الديمقراطي البرلماني. وهذا يرتدي طابعاً خاصاً في وطن تعددي كلبنان حيث الارتباط المباشر بين التمثيل والمشاركة والوفاق والعيش المشترك». ولفت إلى «أن قانون الانتخاب تغير في كل دورة انتخابية منذ 1992 في ظل ثابتة التدخل الخارجي، إذ استعمل لتأمين غطاء لبناني للهيمنة السورية».

وفي شمال لبنان، كانت لثلاثة نواب هم: أحمد فتفت وجهاد الصمد ووجيه البعريني مواقف متباينة من موضوع الانتخابات وخريطة التقسيمات الانتخابية.

وقال النائب فتفت (كتلة الرئيس رفيق الحريري): «إن المعارضة تملك مشروعاً سياسياً واقتراحات انتخابية موحدة، وهي تتحدث عن وحدة البلد وعن لبنان الحر الديمقراطي ومنطق العيش الواحد».

وأضاف في لقاء صحافي في بلدة سير الضنية عقد أمس: «أن المعارضة تؤلف اليوم جبهة وطنية للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وهي وطنية بشمولها السياسي والمناطقي».

وأخذ فتفت على الحكومة «ترددها انقسامها» حول التقسيمات الانتخابية. واعتبر أن التأخير في إصدار قانون الانتخاب «يعرض مصداقية ونزاهة الانتخابات للتشكيك من قبل الرأي العام والناخبين والمرشحين». ورفض «المنطق القائل بأن اعتماد القضاء دائرة انتخابية سوف يؤدي إلى أصولية وتطرف في الضنية».

أما النائب البعريني فدعا إلى «السير في قانون انتخابات يفسح في المجال أمام التمثيل الحقيقي للفئات المختلفة ويؤمن التوازن والديمقراطية ويقطع الطريق على مشاريع (السفير الأميركي) جيفري فيلتمان وسواه من المتدخلين» في الشؤون اللبنانية.

وعقد النائب الصمد ندوة صحافية في منزله في طرابلس. وانتقد في بيان تحرك السفير الأميركي، الذي وصفه بـ«رامبو»، وقال: «إنه يهدد ويتوعد ظاناً أنه أصبح حاكماً فعلياً، مقدماً لنا نموذجاً فعلياً عما تريد المعارضات أخذنا إليه».

وعن قانون الانتخابات، قال: «أنا ضد أن يكون القضاء دائرة انتخابية. أنا أؤيد توسيع الدائرة إلى أوسع نطاق ممكن. وأعتقد أن المحافظة الكبرى هي النموذج الأفضل لانتخاباتنا في الشمال وإلا فالدائرة الوسطى كحد أدنى».