باريس تستقبل الياور اليوم وتؤكد دعمها لـ«العملية الانتقالية» في العراق

TT

يصل الرئيس العراقي غازي الياور الى باريس ظهر اليوم في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها الى فرنسا. وتتم هذه الزيارة، أخيرا، بعد أن أجلت مرتين، المرة الأولى في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بسبب اختطاف الصحافيين الفرنسيين جورج مالبرونو وكريستيان شينو، والمرة الثانية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بسبب اختلاف روزنامة عمل شيراك والياور وانعقاد مؤتمر شرم الشيخ الدولي حول العراق.

ويستقبل شيراك الياور في قصر الأليزيه ظهر غد كما يجتمع الرئيس العراقي مع رئيس الجمعية الوطنية جان لوزي دوبريه و مع وزير الخارجية ميشال بارنيه. وقالت الخارجية الفرنسية امس إن باريس «عازمة على تطوير الحوار مع السلطات العراقية» واعتبرت زيارة الياور «فرصة» لكي تؤكد فرنسا «استمرار وقوفها الى جانب الشعب العراقي ودعمها للعملية الإنتقالية (السياسية) الجارية من أجل أن يستعيد الشعب العراقي التحكم بمصيره». وقالت الناطقة المساعدة باسم الخارجية الفرنسية أن باريس «تأمل» في أن تساهم الانتخابات العامة العراقية المقررة نهاية الشهر الجاري في «تثبيت استقرار» العراق.

وكان الرئيس شيراك قد أكد الأسبوع الماضي أن بلاده «تدعم المسار السياسي» في العراق وترغب في أن تؤول الانتخابات المنتظرة الى «قيام حكومة ديمقراطية شرعية» مطالبا في أن تمثل كل «مكونات» المجتمع العراقي «تمثيلا عادلا» كل في المؤسسات العراقية التي ستنبع من الإنتخابات. ورأى شيراك أن الإنتخابات هي «الوسيلة الوحيد» التي يمكن أن توفر السلم الأهلي و وحدة العراق و استقلاله. وترى فرنسا التي عارضت بقوة الحرب الأميركية في العراق أن الانتخابات» يجب أن تتم و يمكن أن تتم» رغم الأوضاع الأمنية المضطربة التي يعرفها العراق و التي وصفها رئيس الوزراء جان بيار رافاران أول من أمس بـ«الفوضى العارمة». وقال وزير الخارجية ميشال بارنيه يوم الجمعة الماضي إن الإنتخابات «محطة مهمة وستليها محطات أخرى و تحديدا انسحاب القوات الأجنبية نهاية العام 2005». والحقيقة أن زيارة الياور تتم في «أجواء «فرنسية جديدة. ذلك أن باريس لا ترى بديلا عن العملية الانتخابية وترى مصادرها أن فشل المسار الجاري في العراق حاليا، رغم تحفظات باريس عليه، ستترتب عليه نتاج «كارثية» تصيب العراق وكل المنطقة.

وبالإضافة الى هذا العامل، ترغب باريس في فتح صفحة «جديدة» مع الولايات المتحدة الأميركية التي ستمثل زيارة شيراك الى واشنطن المحطة الأهم فيها. وترى المصادر الفرنسية أنه يتعين على الديبلوماسية الفرنسية أن «تتأقلم» مع المعطى الجديد أي مع وجود الرئيس بوش في البيت الأبيض لأربع سنوات إضافية. وقال وزير الخارجية الفرنسي أول من أمس إن فرنسا والولايات المتحدة الأميركية تحتاجان لتعميق حوارهما السياسي متمنيا قيام «علاقات جديدة» بين البلدين. وأكثرت باريس من «الإشارات» التي تصب كلها في هذا الإتجاه. فباريس قبلت خفض الديون العراقية المترتبة لنادي باريس بنسبة 80 بالمائة بعد أن كانت ترفض الذهاب أبعد من 60 بالمائة. وإذا كانت رفضت باستمرار أن ترسل جنودها الى العراق للمساهمة في تأهيل القوات العراقية في إطار الحلف الأطلسي أو لتشكيل قوة أمنية تتولى حراسة المدربين الأطلسيين، إلا أنها وعدت بتدريب قوة الدرك خارج الأراضي العراقية والأرجح في الإمارات العربية المتحدة. ويلتزم الفرنسيون حاليا موقف المترقب بقولهم إنهم ينتظرون أن تتقدم السلطات العراقية رسميا بتصور لما تريده من فرنسا. وربما كانت زيارة الياور فرصة لتقديم مثل هذا التصور.

وفي أي حال، لجمت عملية احتجاز الصحافيين شينو ومالبرونو طيلة أربعة أشهر تحرك الديبلوماسية العراقية. وها هي باريس تجد نفسها مجددا إزاء عملية خطف جديدة تتمثل في اختفاء الصحافية فلورنس أوبناس التي فقد أثرها ومرافقها العراقي حسين حنون السعدي منذ الأربعاء الماضي.