غولدسميث لـ«الشرق الاوسط» : إذا كان لدى رجال الأعمال الخليجيين قلق فليتصلوا بنا.. وأؤيد حماية المسلمين ضد الكراهية

المدعي العام البريطاني يؤكد أن بلاده لن تكون ممثلة في محاكمات صدام وأعوانه

TT

أعرب المدعي العام البريطاني اللورد بيتر غولدسميث، وهو أرفع مسؤول قانوني في البلاد، عن حرصه على تبديد أي قلق يشعر به رجال الأعمال الخليجيون أو غيرهم بشأن الاستثمار في بلاده، وقال إن التشريعات المقترحة لمكافحة التحريض على الكراهية ستوفر الحماية للمسلمين، موضحاً عدم وجوب شمولهم بقوانين الحماية من الالحاد. وكشف عن أن بريطانيا لن توفد قضاة أو محامين لحضور محاكمات الرئيس العراقي السابق صدام حسين وأركان نظامه. وجاء ذلك في مقابلة خص بها «الشرق الأوسط» أمس على هامش مؤتمر في لندن حول التشريعات الجديدة التي ستؤدي إلى إقامة هيئة بريطانية على شاكلة مكتب المباحث الفيدرالية الأميركي.

وفي رد على سؤال حول تفشي القلق في أوساط رجال الأعمال الخليجيين الذين باتوا أكثر تردداً في الاستثمار ببريطانيا وايداع أموالهم في بنوكها، لأنهم يخافون أن تجمد هذه الأصول لأسباب خاطئة قد لا تتعدى تقديمهم تبرعات لجمعية خيرية ما، أعرب اللورد غولدسميث عن حرصه على تبديد هذه المخاوف، وقال «لم أكن على علم بشعورهم هذا بالقلق، وأنا متأكد من أنه إذا كان لدى ممولين معينين شعور محدد بالقلق فإن عليهم أن يبادروا إلى الاتصال بالموظفين المختصين في هذه البلاد الذين سيطمئنونهم مجدداً». وأضاف «لكن دعني أقول شيئاً عاماً لطمأنة الناس، وهو اننا في هذه البلاد نتبّع النظام نفسه المتبع في كل الدول التي تلتزم بتطبيق قرارات الأمم المتحدة». وزاد إن هذه القرارت تتعلق بـ«البحث عن الأصول التي تملكها مجموعات لها صلة بالإرهاب وتجميدها، لكن ماعدا ذلك فإننا (الحكومة بما فيها الجهاز القانوني الذي يرأسه) نؤيد بقوة الاستثمار في هذه البلاد وكلنا نؤيد بقوة الحركة الحرة لرؤوس الأموال». وسألته ما إذا كان من المجدي شمل المسلمين البريطانيين بقوانين الحماية من الالحاد الموجودة سلفاً بدلاً من سن تشريعات مكافحة التحريض على العداء والتمييز ضدهم، أجاب المدعي العام بأن لا فائدة حقيقة من تمكينهم من الاستفادة من قوانين الحماية من الالحاد القديمة. وقال «لا أعتقد أنه ينبغي بنا أن نشمل أياً كان بقوانين الحماية من الالحاد، التي أرى أن الزمن قد عفا عليها سلفاً». ويُشار إلى أن قوانين الحماية من الالحاد توفر الحماية لأتباع الكنيسة الانغليكانية الرسمية الذين يعتزم بعضهم على اللجوء اليها لمقاضاة هيئة الإذاعة البريطانية (البي بي سي) بسبب بثها شريطاً اعتبروه «إلحادياً». ويُذكر ان المسلمين البريطانيين طالبوا بشملهم بقوانين الحماية من الالحاد هذه منذ اندلاع أزمة كتاب سلمان رشدي أواخر الثمانينات. وهل يعتزم إلغاء قوانين الحماية من الالحاد هذه طالما أن الزمن قد عفا عليها؟ قال كبير المسؤولين القانونيين في بريطانيا إنه لم يقصد الإشارة إلى ضرورة شطب قوانين موجودة. وأضاف «لكن ما أراه هو اننا في هذا العصر الحديث، عصر التسامح والمجتمعات التعددية، لا أعتقد شخصياً أنه ينبغي بنا توسيع نطاق قوانين الحماية من الالحاد، بل المهم هو حماية الناس من الكراهية التي قد يتعرضون لها بسبب معتقداتهم، تماماً كما نحميهم (من الكراهية) بسبب لون بشرتهم أو خلفيتهم الدينية». وجدير بالذكر أن الحكومة تأمل في أن تؤدي التشريعات المقترحة إلى معاملة المسلمين على قدم المساواة مع مجموعات دينية أخرى، فالمؤمل أن تقدم تشريعات مكافحة التحريض على الكراهية للمسلمين والمسيحيين الذين لا يعتبر كل منهما مجموعة عرقية متجانسة، نفس الحماية التي يتمتع بها اليهود أو السيخ بموجب قوانين مكافحة التحريض ضد العداء على أساس عرقي. واعتبر المدعي العام أن «من المهم أن نشمل المسلمين بالحماية التي نوفرها للناس ضد الكراهية، وفي الوقت الحالي فإن مجموعات معينة تتمتع بالحماية ضد التحريض على الكراهية». وعزا عدم توفر هذه الحماية إلى مجموعات أخرى بينها المسلمون بـ«الطريقة التي تعمل بها تشريعاتنا». وشدد على ايمانه «بوجوب نيل المسلمين أيضاً هذا الحق، ولذلك فإنني أؤيد هذه القوانيين»، المطروحة على مجلس العموم لاقرارها بحيث يمكن وضعها موضع التطبيق. ولدى سؤاله عما إذا بريطانيا ستوفد قضاة أو محامين لحضور محاكمات الرئيس العراقي السابق صدام حسين وأركان نظامه، أوضح اللورد غولدسميث أن بلاده لن تشارك في هذه المحاكمات، وقال «بريطانيا لن تكون ممثلة في هذه المحاكمات ونحن نقدم المعونة من حيث تدريب القضاة حول (تشريعات) حقوق الإنسان والمعايير الدولية ( القانونية)». وأضاف «ان الأمر أمر تطبيق القضاء العراقي من قبل عراقيين وللعراقيين». وزاد «وأعتقد أن هذا أمر مهم للغاية». وعما إذا كان مطمئناً إلى أن هذه المحاكمات ستستوفي المعايير القانونية الدولية التي تم تدريب القضاة العراقيين على أصولها هنا في بريطانيا، أشار كبير المسؤولين القانونيين في البلاد، إلى ثقته بذلك. وأبدى ارتياحه لما سمعه من نائب رئيس الوزراء العراقي الدكتور برهم صالح قبل أسابيع عن الأسلوب الذي ستجرى فيه هذه المحاكمات، وقال «أعتقد ان هذا أمر في غاية الأهمية». وأضاف «كنت سعيداً لأن نائب رئيس الوزراء كان بوسعه أن يؤكد خلال اجتماعنا بأن الفرصة اتيحت لجميع المعتقلين بالاتصال بمحامين، وهذا مبدأ مهم (في إطار استيفاء معايير القانون الدولي)». ولفت إلى أن أنظار العالم ستتركز على هذه المحاكمات، الأمر الذي يستوجب تنفيذها بصورة متقنة ونزيهة. ورأى أن «من الواضح أن العالم سيكون معنياً برؤية عدالة هذه المحاكمات حين تجرى في الوقت المناسب». وأردف ان محاكمات الرئيس السابق ومساعديه ستنطوي على مفارقة كبيرة لأنها ستتمتع بالنزاهة «التي حرم صدام حسين نفسه أبناء العراق من التمتع بها». وتساءلت «الشرق الأوسط» عن سبب تشبث اللورد غولدسميث برفض الكشف عن ظروف وضع النصيحة القانونية التي قدمها للحكومة قبيل شن الحرب على العراق، إذا كانت هذه النصيحة سليمة، وأجاب المدعي العام «ليس من المناسب في الحقيقة الخوض بهذه الظروف والحديث عنها». بيد أنه اردف «لقد كنت على الداوم واضحاً بهذا الشأن، بأن الأمور التي تتمتع بالأهمية القصوى هي أولاً ان الحرب كانت مبررة بموجب قرارت مجلس الأمن، كما أرى ويرى آخرون. وثانياً، كانت تلك وجهة نظري الحقيقية المستقلة التي توصلت إليها، وأنا كنت وما أزال مقتنعاً بسلامتها».