الأمن الكويتي يطارد أصوليين يشتبه في ارتباطهم بـ «القاعدة» والسفارة الأميركية تطلق تحذيرا ثانيا من هجمات ضد الأجانب

البحث عن اثنين أو ثلاثة مطلوبين فروا في سيارة بيضاء بعد الاشتباك المسلح أول من أمس

TT

تشن السلطات الأمنية الكويتية حملة لملاحقة أصوليين يشتبه في انهم على علاقة بتنظيم «القاعدة»، غداة اشتباك دام في الكويت حيث جددت السفارة الاميركية التحذير من هجمات تستهدف اجانب، مشيرة الى أن المطلوب الكويتي الذي توفي من اصابات تلقاها في مواجهة أمنية أول من أمس كان ممن تلقت تحذيرا بشأنهم.

وأكد مصدر أمني كويتي أمس ان «السلطات الأمنية تلاحق مجموعة من اثنين الى ثلاثة اشخاص» فروا بسيارة بيضاء بعد تبادل اطلاق النار مساء أول من أمس مع قوات الأمن التي توجهت الى ضاحية حولي جنوب مدينة الكويت لاعتقال شخص مشتبه فيه. وقتل ضابطان كويتيان وأحد المشتبه فيهم خلال الاشتباك. وقال المصدر الأمني ان الاشخاص الفارين «على علاقة مع القاعدة»، مؤكدا «نعرفهم وسنتمكن منهم قريبا جدا».

ووجهت السفارة الاميركية في الكويت أمس تحذيرا في رسالة بثتها على موقعها على شبكة الإنترنت، هي الثانية في اقل من يومين، كشفت فيه أيضا ان فواز طليق العتيبي الذي توفي جراء اصابته برصاص قوات الأمن في مواجهة حولي أول من أمس هو ممن تلقت السفارة تحذيرا بشأنهم من الأمن الكويتي. وحذرت من ان «ارهابيا مفترضا واحدا على الاقل معروفا بأنه مسلح وخطير ما زال طليقا»، موضحة ان«المشبوهين اللذين شاركا في اطلاق النار قد يكونان جزءا من مجموعة اوسع». واضافت «نكرر التوصيات التي تضمنتها رسالتنا السابقة»، مذكرة بأن «اي نشاط مشبوه يجب ان تبلغ به الشرطة فورا، وعلى الرعايا الأميركيين اتخاذ كل الاحتياطات والتزام الحذر».

وكانت السفارة الاميركية في الكويت قد حذرت رعاياها أول من أمس من ان «اشخاصا» يستقلون سيارة سوداء يتجولون في الكويت «ويخططون لشن هجمات عشوائية على الغربيين». ويعيش في الكويت عدد كبير من الاميركيين حيث تعرضت القوات الاميركية ومدنيون اميركيون لهجمات اسفرت عن مقتل شخصين. وينتشر قرابة 25 الف جندي أميركي في الكويت التي تشكل نقطة عبور للقوات الاميركية والقوات المتحالفة معها الى العراق. ويعيش نحو 12 الف مدني أميركي في الكويت بالاضافة الى 9 آلاف أوروبي ونحو الف استرالي.

الى ذلك، نفى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الكويتي الشيخ نواف الأحمد الصباح أثناء خروجه من اجتماع له مع لجنة الشؤون الداخلية والدفاع في البرلمان أمس أن تكون الوزارة اتخذت إجراءات أمنية استثنائية اثر حادثة حولي. وقال في تصريح «إن الداخلية لم تتخذ أية إجراءات أمنية استثنائية، وإن الإجراءات المتخذة في الأماكن الحساسة هي نفسها»، مؤكدا أنه حتى الآن لم يتم القبض على أي من مرتكبي الحادثة. ورفض الشيخ نواف الأحمد اتهام أية جهة بالمسؤولية، مشيرا إلى أنه لا توجد أية معلومات تؤكد اتهام أي جهة وأن التحقيقات بهذا الموضوع ما زالت جارية. وردا على سؤال عما إن كان الحادث فرديا أم منظما قال «لا يوجد إلى الآن اتهام موجه إلى تنظيم معين كي أجيب عن ذلك، فنحن إلى الآن لم نعتقل أي شخص لنعلن انتماءه لجهة معينة». وحول ربط ما حدث مع ما يجري في المنطقة من ارتفاع موجة العنف، قال وزير الداخلية الكويتي «لا توجد معلومات محددة حتى نستطيع الحكم على وجود ارتباط من عدمه». وكان الشيخ نواف الأحمد قد عقد اثر اطلاق النار أول من أمس اجتماعا استثنائيا مع مسؤولين أمنيين كبار، طلب خلاله التصرف بحزم مع الإرهابيين. وقال الوزير ان المشتبه فيه القتيل وكذلك الهاربين كويتيون. غير انه رفض تأكيد وجود صلة بين المشبوهين وتنظيم «القاعدة»، موضحا انه يفضل انتظار نتائج التحقيق.

ووقع اشتباك أول من أمس عندما وصلت قوة أمنية لاعتقال المطلوب العتيبي. وقالت المصادر الأمنية ان العتيبي اطلق النار على رجال الأمن وهرب الى الخارج حيث كانت في انتظاره سيارة بها مجموعة من زملائه. وأطلق من كانوا في السيارة النار فقتلوا ضابطين واصابوا اثنين آخرين بجروح. وأصيب العتيبي في اطلاق النار والقي القبض عليه لكنه توفي متأثرا بجروحه. الى ذلك ، كشف رئيس لجنة شؤون الداخلية والدفاع في البرلمان الكويتي النائب راشد الهبيدة أن حادثة تبادل إطلاق النار بدأت عبر بلاغ تقدم به ذوو العتيبي إلى الأجهزة الأمنية بسبب تغيب ابنهم، وبالتالي اتخاذ الإجراءات الأمنية لمراقبته بحسن نية. وقال في تصريح صحافي عقب انتهاء اجتماع لجنة الداخلية والدفاع «المراقبة كانت بحسن نية ولم يكن رجال الأمن يعتقدون بأنه ومن معه مسلحون»، مبينا أنه وأثناء محاصرة مكان وجوده فوجئوا بإطلاق النار من سيارة أخرى غير سيارة المشتبه فيه، وبالتالي حدث تبادل لإطلاق النار. واستنكر رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم الخرافي الحادث وقال في بيان «إننا نستنكر وندين العمل الذي أقدمت عليه الفئة الضالة التي أعماها فكرها الإجرامي المنحرف من إطلاق النار على رجال الأمن وهم يؤدون واجبهم الوطني في الدفاع عن أمن وسلامة الكويت وأهلها». وأكد البيان أن الكويت بلد ديمقراطي يتيح الطرق المشروعة لإبداء الرأي، مشددا على أن شعب الكويت بكل فئاته وتوجهاته الفكرية والسياسية يرفض بصورة قاطعة العنف والجنوح إلى الإرهاب بجميع أشكاله وصوره.

أما وزير الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور محمد الصباح فقد قال إن القيادة والشعب الكويتي مستهدفون من القوى التي لا تريد الخير للمنطقة بشكل عام، مؤكدا أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي مستهدفة وأنهم في قارب واحد، لذلك لا بد أن يبادر مجلس الأمة ويسرع في إقرار اتفاقية مكافحة الإرهاب التي وقعتها دول مجلس التعاون أخيرا لتفادي مخطط الشر المرسوم لدول الخليج. من جانبه شدد وزير الطاقة الكويتي الشيخ أحمد الفهد على رفض المجتمع الكويتي للحادثة الإرهابية. وقال في تصريح للصحافيين صباح أمس على هامش جلسة مجلس الأمة «للأسف أن يكون هذا الحادث في الكويت، وهو بداية انتشار الفكر التكفيري الذي لا يمت لديننا وشريعتنا الإسلامية ولا لأعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا بصلة»، مؤكدا رفض المجتمع الكويتي والقيادة الكويتية والمجتمع الدولي لمثل هذا الفكر الغريب على المجتمع الكويتي والعربي والإسلامي. وطالب الشيخ أحمد الفهد فقهاء الدين والشريعة التأكيد على أن هذا الفكر التكفيري ما هو إلا دمار للمجتمعات، نافيا أن يكون لذلك مردود ايجابي على بناء واستقرار المجتمعات، وقال «كلنا ثقة بأن مثل هذا النوع من التفكير لم يكن في يوم من الأيام هو المسيطر أو القادر على الوصول إلى تحقيق أهدافه وأن الضرر يبقى على المجتمع وعلى الوطن في مثل هذه الظروف»، مستشهدا بتجارب الكثير من الدول الشقيقة والصديقة.

كما شجبت الحركة الدستورية الإسلامية، أبرز الحركات الإسلامية السنية في الكويت، الاعتداء معتبرة انه «حادث ارهابي غير مسبوق وغريب على مجتمعنا الكويتي». وقال النائب الإسلامي وليد الطبطبائي إن «هذا العمل مرفوض شرعا وخلقا ويهدم صرح الاستقرار والأمن في البلد»، مضيفا أن «من يقبل بمثل هذا النهج الإرهابي هم أفراد معزولون لا يمثلون أحدا».