مذكرة عمانية تسبق اجتماع وزراء الخارجية العرب تعترض على محكمة العدل وتسريع وتيرة الإصلاح بدون دراسة متأنية

TT

وسط خلافات مكتومة وتباين في الرؤى التي طرحتها حتى الآن سبع دول عربية حول إصلاح وتطوير منظومة العمل العربي المشترك، يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعا رسميا على مدى جلستين اعتبارا من الساعة العاشرة من صباح غد الخميس للنظر في المشاريع المطروحة من الأمانة العامة للجامعة العربية وبعض دولها الأعضاء بشأن تطوير منظومة العمل العربي المشترك وإصلاح الهياكل الإدارية والمالية للجامعة العربية.

وبسبب تأخر عدد من وزراء الخارجية العرب في الوصول إلي القاهرة فقد تم إلغاء الاجتماع التشاوري الذي كان مفترضا أن يعقدوه في الساعة الثامنة من مساء أمس، بينما سيجري عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية مشاورات ولقاءات مع الوزراء الذين وصلوا بالفعل. ويسبق هذا الاجتماع انعقاد لجنة المتابعة والتحرك العربية المنبثقة عن القمة العربية.

وفيما قدمت مصر والجزائر وليبيا والسعودية وقطر والسودان واليمن مشروعات محددة وأوراق عمل رسمية في إطار تطوير منظومة العمل العربي المشترك فان دولا أخرى مثل سلطنة عمان والأردن قدمت مقترحات وأفكارا إضافية لتعديل ميثاق الجامعة العربية المعمول به منذ إنشائها عام 1945 .

وتداولت أروقة الجامعة العربية أمس مذكرة رسمية تقدمت بها سلطنة عمان تسجل فيها وبشكل مفاجئ اعتراض السلطنة على تسريع وتيرة الإصلاح بشكل متعجل ودون روية أو دراسة متأنية وكافية لكل ما يتعلق بعملية الإصلاح والتطوير.

كما أبدت السلطنة تحفظها على الملاحق المقترح إضافتها إلى ميثاق الجامعة بشأن إنشاء محكمة العدل العربية ومجلس الأمن العربي وقاعدة التصويت وآلية الالتزام بتنفيذ القرارات.

ووصفت المذكرة العمانية الملاحق المقترحة بأنها تتضمن بنودا ذات توجهات نظرية وتحتوي على تقليد لبعض المنظمات الإقليمية التي أثبتت عدم فعاليتها في ظروف الواقع العملي، مشيرة إلي أن هذه الملاحق وإن كانت قد أرسلت إلى جميع الدول العربية عبر مندوبياتها الدائمة لدى الجامعة العربية إلا أنها لم تتعرض لأية دراسات موضوعية من قبل وزراء الخارجية العرب على غرار ما جرى بشأن وثيقة العهد في آخر قمة عربية عقدت العام الماضي في تونس. وبعدما اعتبرت أن هذه الملاحق صالحة لتكون مادة للنقاش بين الجميع, فإنها شددت على أن يحكم النقاش الزمن وليس العكس كما هو حاصل الآن.

ووجهت المذكرة العمانية سلسلة من الانتقادات الحادة للتعديلات المزمع إجراؤها في ميثاق الجامعة العربية، منوهة إلي أن هذه المرحلة الدقيقة تتطلب ما وصفته بتنظيم المصالح الوطنية بالتوافق مع المصالح القومية، من خلال تبني نظام للتحكيم في إطار جامعة الدول العربية بدلا من إنشاء محكمة عدل لا يمكن في هذه المرحلة أن تقبل قراراتها أو ولايتها أو أن يسعى أحد إلى الاحتكام إليها.

وشرحت أن تكوين المحكمة المقترحة من قضاة يسبقون حدوث الاختلافات هو بمثابة دعوة حقيقية إلى الاختلاف على تعيينهم بين الدول الأعضاء على اعتبار أن كل دولة سترغب في أن يكون لها نصيب في هذه الوظيفة في محكمة العدل العربية.

وتوقعت أن يخلق إنشاء هذه المحكمة أجواء سلبية عديدة على العمل العربي المشترك, منوهة إلي أنه في حالات عديدة التي تم خلالها عرض قضايا عربية على محكمة العدل الدولية وكان من بين قضاتها عرب، فان العلاقات توترت بين بعض الدول العربية بشكل سلبي ملحوظ وشككت المذكرة العمانية في جدوى إنشاء مجلس أمن عربي على الرغم من أنها سلمت جدلا بأنه مستحب في هذه الظروف العصيبة من الناحية القومية للإحساس بأننا قد أوجدنا هيكلا جديدا في هياكل الجامعة العربية، لكنها تساءلت: «هل هذا الهيكل سيكون قادرا على حمل الأثقال المتوقعة».

ودعت إلي تجنب اتخاذ القرار بأغلبية ثلثي الأعضاء معتبرة أن التوجه إلى الاعتماد على النسب المئوية في اتخاذ القرارات مهما كان شأنها، يضعف العمل العربي المشترك ولا يقويه.

وتحدثت مصادر دبلوماسية عربية عن أن هناك شبه إجماع على تأجيل الموافقة على مشروع محكمة العدل العربية «نظرا لوجود تحفظات صريحة من بعض الدول وملاحظات من دول أخرى».

وأوضحت أن مشروع المحكمة يعد اكثر المشاريع المرشحة للتأجيل وعدم قبولها، مشيرة إلي أن المشروع الأكثر قبولا للموافقة هو مشروع إنشاء البرلمان العربي.

واعترض الاردن على مشروع انشاء هيئة متابعة تنفيذ قرارات الجامعة العربية الذي يتضمن عقوبات تصل الى الفصل من عضوية الجامعة.

كما اثار اقتراح تعديل الية التصويت في الجامعة لكي تكون بـ«التوافق» بدلا من الاجماع خلافات عديدة. واعتبر الاردن ان النص المقترح «لا يرقى الى مضامين الاصلاح والتطوير التي دعت اليها قمة تونس» العام الماضي مطالبا باعتماد قرارات الجامعة بالاغلبية البسيطة.

كما طالب الاردن بمراجعة المشروع مع ربطه بالاقتراح الخاص بفرض عقوبات على الدول التي لا تلتزم بقرارات الجامعة اذ ان المقترح الخاص بتعديل آلية التصويت لا يلزم أي دولة بتنفيذ اي قرار لم توافق عليه ولا يفرض عليها اي عقوبات في حين انه يعاقب الدول التي «توافق بحسن نية على قرارات الجامعة» في حالة مخالفتها لأي سبب من الأسباب.