نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم لـ «الشرق الأوسط» : لا توجه جديدا للتعاطي مع لبنان ولن نتدخل في قانون الانتخاب

TT

في اول حديث له بعد تعيينه نائباً لوزير الخارجية السوري فاروق الشرع وتكليفه متابعة ملف العلاقات اللبنانية ـ السورية، اكد وليد المعلم لـ «الشرق الاوسط» انه لا يوجد توجه جديد للتعاطي السوري مع لبنان انما شرح للتوجه الحقيقي لما تكنه سورية للبنان، كاشفاً ان المرحلة المقبلة ستشهد تطوراً في العلاقات اللبنانية ـ السورية.

وقال المعلم، الذي زار بيروت اول من امس والتقى وزير الخارجية اللبناني محمود حمود، ان سورية لن تدخل في التفاصيل اللبنانية ولن تتدخل في قانون الانتخاب او الانتخابات النيابية المقبلة، لافتاً الى ان لا علاقة لسورية بأي ممارسة خاطئة ارتكبت في لبنان باسم سورية.

وفيما رفض المعلم الدخول في سجال مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، تساءل اذا كانت للانتقادات الموجهة من اطراف المعارضة ضد سورية ارضية ام انها مسألة مبالغ فيها. ونوه بحديث صحافي ادلى به اخيراً النائب اللبناني المعارض نسيب لحود.

ورفض نائب وزير الخارجية السوري القول ان التمديد للرئيس لحود كان وراء صدور القرار 1559 او ان سورية نادمة على دعم هذا الخيار، مشيراً الى ان التداول في مجلس الأمن لاصدار القرار بدأ قبل الحديث عن التمديد.

ورداً على سؤال عن احتمال حصول عملية اعادة انتشار للقوات السورية العاملة في لبنان تنفيذاً لاتفاق الطائف قبل اصدار الامين العام للامم المتحدة كوفي انان تقريره بشأن تنفيذ القرار1559، اوضح المعلم ان هذه المسألة تقررها اللجنة العسكرية السورية ـ اللبنانية المشتركة.

وفيما يلي الحوار مع المعلم:

* تزامنت زيارتك الاولى الى لبنان اول من امس بعد تعيينك نائباً لوزير الخارجية السوري فاروق الشرع مع الحديث عن وجود توجه سوري جديد للتعاطي مع لبنان ما هي حقيقة الامر؟

ـ اولاً، الموضوع ليس موضوع توجه جديد انما هو شرح للتوجه الحقيقي لما تكنه سورية للبنان فسورية تعترف بسيادة واستقلال لبنان بدليل ان الرئيس الراحل حافظ الاسد وقع معاهدة اخوة وتنسيق وتعاون مع الرئيس اللبناني. وهذه المعاهدات قمة الاعتراف السوري بالسيادة اللبنانية.

ثانياً، حين نقول علاقات مميزة فيجب ان تكون لهذه العلاقة مرتسمات على الارض. هناك اتفاقات عديدة موقعة بين البلدين يجب تفعيلها. مثلاً هناك تعاون قائم بين وزارتي الطاقة والكهرباء ينبغي تفعيلها من خلال زيارات متبادلة للوصول الى مذكرات تفاهم للمضي بها قدماً حتى يشعر المواطن في سورية وفي لبنان ان له مصلحة حقيقية في هذه العلاقات.

* ماذا تقول في الانتقادات والشكاوى التي تتحدث عن تدخلات سورية في شؤون داخلية لبنانية كتعيين هذا المدير او ذاك، او حتى التدخل لاخراج مستأجر منزل او متجر؟

ـ انت تتحدث عن تاريخ قديم. اما انا فأستطيع ان اؤكد لك ان لا علاقة لسورية بهذا الامر. اما اذا كان يمارس باسم سورية فهذا خطأ. سورية لن تدخل في هذه التفاصيل ابداً، حتى في قانون الانتخاب الذي يجري اعداده وفي الانتخابات النيابية المنوي اجراؤها في مايو (ايار) المقبل اقول واؤكد اننا لا نتدخل، فهذا شأن لبناني بحت.

* كيف يمكن التأكد من صحة هذا التوجه؟

ـ لبنان بلد شقيق وشفاف. وهناك من ادوات الديمقراطية الكثير مثل الاعلام والاحزاب والمعارضة وانصار الحكم ومعارضيه. والجميع يراقب. وثمة حوار داخل لبنان حول قانون الانتخاب. تأكد لو انهم لمسوا تدخلاً سورياً لقالوا ذلك.

* لكن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط كرر اول من امس وبعد زيارتك لبيروت انتقاداته لعنجر (مركز جهاز الأمن والاستطلاع في القوات العربية السورية العاملة في لبنان) وطالب بافتتاح سورية سفارة لها في لبنان؟

ـ لا اريد الدخول في تصريح وتعليق على التصريح. بالنسبة الى سورية لا يوجد شيء اسمه الملف اللبناني. يوجد في سورية ملف العلاقات السورية ـ اللبنانية. وهذه العلاقات ترعاها وزارتا الخارجية في البلدين. ولهذا كان توجيه السيد الرئيس بشار الاسد بأن اتوجه، بعد يوم من تعييني نائباً لوزير الخارجية، للاجتماع مع معالي وزير الخارجية اللبناني محمود حمود. ويمكنني القول ان المرحلة المقبلة ستشهد تطوراً في العلاقات الثنائية في مختلف المجالات. والتنسيق القائم بين وزارتي الخارجية في سورية ولبنان نموذج لان تحتذي به الوزارات الاخرى، لا سيما ان العلاقات اللبنانية ـ السورية نموذج يحتذى في العلاقات العربية. واشير هنا الى انني سأجتمع مع امين عام المجلس الاعلى اللبناني ـ السوري نصري خوري للحصول على خطة عمل تفعِّل ما تم الاتفاق عليه بين البلدين في مختلف المجالات.

* هل لديك نظرة معينة لمعالجة انتقادات واحتجاجات المعارضة على الوجود السوري في لبنان؟

ـ لا ادري ما اذا كانت لهذه الانتقادات ارضية ام انها مسألة مبالغ فيها. على كل حال الابواب مفتوحة للحوار. والحوار يقوم دائماً بين طرفين متساويين وله هدف محدد. فاذا كان الهدف خدمة العلاقات السورية ـ اللبنانية فهذا يعني انه حين يكون لبنان مزدهراً تكون سورية مزدهرة. اليوم المسافات قريبة والتحدي للبلدين واحد هو الاحتلال الاسرائيلي. لذلك لا توجد خلافات جوهرية. قد تحدث ممارسات خاطئة ولكن لا تعني قصد الخطأ. مع ذلك اقول ان العلاقات في جوهرها اعمق بكثير من ممارسة خاطئة.

* هل لديك نظرة معينة لمعالجة الانتقادات التي توجهها المعارضة الى التدخل السوري في لبنان؟

- لا يوجد حتى من قبل المعارضة سوى القلق من القرار 1559. لقد استمعت الى كلمة الرئيس لحود امام السلك الدبلوماسي اول من امس وقرأت حديثاً للنائب المعارض نسيب لحود. يمكن ان اقول في هذا الصدد ان هناك شبه اجماع وطني في لبنان حول خطورة هذا القرار. لذلك لا يوجد خلاف على الجوهر. وطالما لا يوجد مثل هذا الخلاف فمن السهل ردم هذه الفجوة.

* قلت في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقدته اول من امس مع الوزير حمود: اننا لسنا في حرب مع القرار 1559، ولكن من وقف وراء صدور هذا القرار، ونعني بصورة خاصة واشنطن، في حرب معنا ويطالب كلاً من سورية ولبنان بتطبيقه حرفياً. كيف سنواجه ذلك؟

- اذا كانوا يحترمون فعلاً سيادة واستقلال لبنان فيجب الا يعملوا ضد اجماع لبنان. ولو بذلوا الجهد الدولي باتجاه تنفيذ قراري مجلس الأمن 242 و338 لوجدنا ان لا حاجة للقرار 1559، اذ سينفذ تلقائياً لان انسحاب اسرائيل من الجولان ومن الاراضي التي ما زالت تحتلها في لبنان سيؤدي تلقائياً الى تنفيذ القرار 1559. قد تستغرب اذا قلت ان الوزير الوحيد في الامم المتحدة خلال دورتها في سبتمبر (ايلول) الماضي الذي اشاد بهذا القرار (1559) كان وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم. فهل يعقل ان يكون هناك من يروِّج لمصلحة اسرائيل في هذا القرار؟ لا اعتقد ذلك لا، في سورية ولا في لبنان هناك من يريد ان يخدم مصالح اسرائيل. لذلك قلت اننا نحترم قرارات الشرعية الدولية ولكننا نرفض الانتقائية في تنفيذ هذه القرارات. هناك عشرات القرارات التي صدرت، فلو ان هذا الجهد الدولي انصب على تنفيذها لكان وضع المنطقة اكثر استقراراً وأمناً منه اليوم.

* هناك من يعزو صدور القرار 1559 الى مسألة التمديد لرئيس الجمهورية اميل لحود. وثمة من يقول ان سورية اخطأت في دعم هذا التوجه وهي نادمة على ذلك الآن. ما تعليقك على هذا الطرح؟

- الزمن تجاوز مسألة التمديد او عدم التمديد. فلنتعاط مع وقائع. الرئيس لحود رئيس الجمهورية اللبنانية بغالبية اصوات مجلس النواب. كما لا يوجد شيء اسمه ندم. فحين يصوِّت هذا العدد من النواب (86 نائباً من اصل 128 يشكلون مجموع نواب البرلمان اللبناني) مع التمديد فمعنى ذلك استشعارهم المرحلة الخطيرة. الاهم ان مشروع قرار مجلس الأمن بدأ التداول به منذ يونيو (حزيران) الماضي وليس في اغسطس (آب) او سبتمبر (الماضيين). وقد وصلتنا معلومات مؤكدة عن المشاورات التي جرت منذ يونيو (حزيران) الماضي. ولذلك كان هناك سباق محموم بين اصدار القرار والتمديد للرئيس لحود. كانت «الطبخة» جاهزة في مجلس الأمن. ولا علاقة للقرار بالتمديد، بدليل ان فحوى هذا القرار وما تضمنه خطير جداً على الوحدة الوطنية وعلى العلاقة السورية ـ اللبنانية ويعمل لمصلحة اسرائيل.

* كثر الكلام عن قرب حصول عملية اعادة انتشار واسعة للقوات العربية السورية العاملة في لبنان تطبيقاً لاتفاق الطائف الذي نص على تمركز القوات السورية في البقاع وفي اماكن تحددها قيادتا الدولتين، ما صحة ذلك؟

- هذا امر تقرره اللجنة العسكرية اللبنانية ـ السورية المشتركة، فهي الاقدر على معرفة مكامن الاحتياج الأمني لسورية ولبنان.