إسرائيل تعرض على الفلسطينيين تولي الأمن في «رام الله» خلال أسبوعين وباقي مدن الضفة خلال أشهر

TT

كشف مسؤولون اسرائيليون ان الحكومة الاسرائيلية ستعرض على الفلسطينيين خلال الايام المقبلة تولي الاشراف الأمني في مدنهم في الضفة الغربية وشمال قطاع غزة بعد انتخاب محمود عباس رئيسا للسلطة الفلسطينية، موضحين ان العرض يتضمن ان تتولى اجهزة الأمن الفلسطينية الاشراف على مدينة رام الله خلال اسبوعين، ثم تدريجيا في الاشهر المقبلة تتولى الأمن في مدن بيت لحم واريحا وطولكرم وقلقيلية ونابلس وجنين في الضفة الغربية. وفيما اجرى رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون مكالمة هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتهنئته، قالت مصادر فلسطينية واسرائيلية ان الجانبين يجريان مشاورات من اجل اجراء قمة بين شارون وابو مازن لاستئناف عملية السلام. وذكر مسؤولون اسرائيليون ان حكومة شارون لا ترى سببا للبقاء في المدن الفلسطينية، وانها تخطط للانسحاب مع الاحتفاظ لنفسها بحق الاغارة على المدن لمنع الهجمات «اذا لم تجد خيارا اخر». وقالت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية امس ان الحكومة ترى ان منح الفلسطينيين السيطرة الأمنية على مدنهم ضروري من اجل بدء تنفيذ «فك الارتباط»، اذ انه يعطي للسلطة الفلسطينية دورا في ضبط الأمن الى جانب اسرائيل.

الى ذلك، أعلن مكتب محمود عباس ان شارون اتصل صباح امس به لتهنئته بفوزه في الانتخابات. وقال مسؤول في مكتب الرئيس الفلسطيني ان «شارون اتصل بأبو مازن ليهنئه بانتخابه ويتمنى له النجاح في مهامه». وذكر المصدر ان المكالمة استغرقت دقيقتين.

ومن جهته اعترف شارون بأنه بات يواجه أزمة كبرى في ائتلافه الحكومي الحالي مع حزب العمل والتحالف الديني «يهودت هتوراه»، وأبلغ شريكه الجديد ونائبه الأول، شيمعون بيريس، بأنه مضطر إلى محاولة توسيع الائتلاف مرة أخرى، وانه سيحاول فعل ذلك مع حزب اليهود المتدينين الشرقيين «شاس»، أو مع حزب «شينوي» العلماني، وإلا فقد يلجأ بالتالي إلى تقديم موعد الانتخابات. وقد توصل شارون إلى هذا الاستنتاج بعد ان فاجأه 13 نائبا من نواب الليكود في الكنيست، المعارضين لـ «خطة الفصل»، بالتصويت ضد ضم حزب العمل إلى الحكومة في جلسة الكنيست أول من أمس. ويذكر أن حكومة شارون عبرت امتحان الكنيست (البرلمان)، إذ حصلت على تأييد 58 نائبا، فيما عارضها 56 نائبا وامتنع ستة عن التصويت. ولكن هذه النتيجة تحققت ليس بفضل نوابه بل بفضل شكل تصويت كتلتين من المعارضة الراديكالية، وهما حزب «ياحد»، اليساري الاشتراكي الديمقراطي بزعامة يوسي بيلين، وله 6 نواب، خمسة منهم صوتوا مع الحكومة وواحد هو يوسي سريد، امتنع عن التصويت، والقائمة العربية المتحدة، التي تضم الحركة الاسلامية في إسرائيل والحزب الديمقراطي العربي، ولها نائبان هما عبد المالك دهامشة وطلب الصانع، وقد امتنعا عن التصويت مؤكدين انهما يفعلان ذلك لأن ضمير كل منهما لا يسمح له بالتصويت ضد حكومة تعلن ان هدفها الأساسي هو الانسحاب من أرض فلسطينية وإزالة المستوطنات الاستعمارية منها واخلاء المستعمرين اليهود. ولولا هذا الموقف من القائمتين لكانت حكومة شارون الجديدة قد سقطت و«خطة الفصل» قد شلّت. وقد صوت ضد هذه الخطة نواب المعارضة من غلاة المتطرفين مثل «الاتحاد القومي»، 7 نواب، وحزب «المفدال»، 6 نواب، ومعهما حزب «شينوي»، اليميني الليبرالي، 14 نائبا، وكان الحزب قد أكد انه سيصوت في المستقبل مع «خطة الفصل»، وحزب «شاس» وله 11 نائبا، والنواب العرب من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة بقيادة محمد بركة، والتجمع الوطني الديمقراطي بقيادة عزمي بشارة، ولكل منهما 3 نواب، وقد بررا هذا التصويت انه ضد مجمل سياسة شارون بما في ذلك «خطة الفصل»، لأنها جاءت بهدف تكثيف الاستيطان وتعزيز الاحتلال في الضفة الغربية. لكن الضربة الكبرى لشارون جاءته من 13 نائبا من نواب حزبه الليكود، فقد اجتمعوا قبل ساعات قليلة من موعد التصويت وقرروا ان يقفوا ضد الحكومة. وحتى عندما قال شارون للكنيست إن هذا التصويت يعتبر بمثابة منح ثقة في الحكومة، مما يعني أن التصويت ضدها يعني نزع الثقة عن الحكومة، لم يرتدع هؤلاء النواب وتمسكوا بموقفهم، بل أن الناطق باسمهم، النائب عوزي لانداو، الذي كان وزيرا في حكومة شارون وأقاله بسبب تصويته ضد الحكومة على خلفية «خطة الفصل»، ألقى خطابا كان أكثر تطرفا من خطابات المعارضة في الجلسة، وقال إن شارون يواصل الدوس على الديمقراطية ويخون مبادئ اليمين، ولم يعد يمثل الجمهور الذي أرسله الى الكنيست والحكومة. واعتبر ناطقون آخرون باسم المعارضة هذه الحكومة «موقتة وستسقط قبل أن تصل إلى مرحلة تطبيق «خطة الفصل البائسة» و«حكومة اقتلاع اليهود من جذورهم» و«حكومة عرب ويساريين» و«حكومة مركبة على رجلي دجاجة»، وغيرها من الانتقادات الحادة.

وكان حوالي 15 ألفا من المستوطنين اليهود في المناطق الفلسطينية والسورية المحتلة، قد تظاهروا أمام مبنى الكنيست خلال المناقشة، وأقاموا صلاة الحزن والأسى على «أرض اسرائيل التي يفرط بها شارون للعرب»، ورفعوا شعارات تقارن بين سياسة طرد اليهود من بيوتهم بسبب «خطة الفصل»، وطرد اليهود من بيوتهم في زمن النازية الألمانية.

ويشير المراقبون الى أن توقعات شارون في أن يقيم حكومة ثابتة بعد دخول حزب العمل و«يهودت هتوراه» الى الائتلاف، قد تبددت، خصوصا بعد ان أعلن المتمردون في الليكود انهم «سيمرمرون» عيشة هذه الحكومة حتى يسقطوها، وان معارضتهم لها لن تقتصر على موضوع «خطة الفصل» وقد يصوتون ضدها أيضا في موضوع الموازنة العامة لسنة 2005. وفي مثل هذه الحالة لن تصمد الحكومة طويلا، اذ ان هناك قضايا عديدة سيصعب على نواب «ياحد» والقائمة العربية الموحدة ان يصوتوا فيها مع الحكومة، خصوصا الموازنة. وعليه، فان شارون ينوي التوجه الى حزب «شاس»، رغم انه يطرح مطالب كبيرة في موضوع الموازنة، ويطالب بأن تتم «خطة الفصل» فقط بالتنسيق مع الفلسطينيين، بحيث يقدمون مقابلها التزامات وتنازلات ولا يحصلوا على الأراضي في غزة والضفة الغربية مجانا.