بريطانيا: الحزب الحاكم يسعى إلى إخماد صراع «الإخوة الأعداء» بلير وبراون

كبار الوزراء يجهدون للظهور بمظهر القوي المتحد قبل الانتخابات

TT

سعى كبار أعضاء الحكومة البريطانية العمالية أمس الى الظهور بمظهر الفريق الموحد المستعد لمواجهة خصومه في الانتخابات المقبلة التي يتردد انها باتت على الابواب. ووقف الصديقان «اللدودان» وزير الخزانة غوردون براون، ووزير دوقة لانكستر المكلف ادارة الحملة الانتخابية آلان ميلبورن، أمس جنباً الى جنب امام عدسات المصورين، مؤكدين انهما في وئام تام. لكن الصور الودية والتصريحات التي رافقتها، لم تكن كافية لتبديد التكهنات التي راجى بقوة منذ ايام قليلة بأن الخلافات بين رئيس الوزراء توني بلير وخليفته غير المتوج براون وصلت الى نقطة اللاعودة. وكانت الازمة المتجددة حول وراثة براون المنتظرة لبلير، قد اثيرت مجدداً الاحد الماضي، إذ نشرت صحيفة «ذي صنداي تلغراف» فصلاً من كتاب ذكر مؤلفه ان براون قال لرئيس الوزراء إنه لم يعد يثق به نهائياً. أما السبب استناداً الى الكتاب فهو تراجع بلير عن وعد كان قد قطعه على نفسه بالتنحي عن الزعامة قبل موعد الانتخابات المقبلة التي يرجح ان تجرى في الصيف المقبل. وترددت انباء شبه مؤكدة مفادها ان براون، أو أحد انصاره الكثيرين، اطلعوا المؤلف على هذا السر مباشرة بقصد تفجير ازمة احتجاجاً على رفض بلير الوفاء بوعده.

وعندما سلط الاعلام الضوء مجدداً على المعركة الخفية، سارع المسؤولان الى اطلاق تصريحات تجنبا فيها الخوض مباشرة في قضية التوتر الذي بلغ حداً غير مسبوق بينهما. ودأبا على تأكيد حرصهما على إبقاء الحزب موحداً قوياً، غير ان ممثلي الحزب الحاكم في مجلس العموم لم يتمتعوا ببرودة الاعصاب ذاتها. فبين النواب الذين يزيد عددهم عن 400، اشخاص يتمتعون في دوائرهم الانتخابية بغالبية ضئيلة، الامر الذي يجعلهم معرضين للهزيمة إذا شعر الناخب ان حزبهم يشهد «حرباً اهلية». وتردد ان الخصمين اللذين حضرا اجتماعاً مغلقاً مع نواب حزبهما مساء اول من أمس تعرضا لبعض التوبيخ بسبب خلافاتهما التي تهدد وحدة الحزب وفرصه بتحقيق فوز انتخابي ثالث بعد اشهر، إلا ان حدة خلافاتهما لم تصل الى المستوى الذي بلغته قبل ايام. والحال أن الازمة التي تفجرت الاحد الماضي ولاتزال تتأجج، كانت تتفاقم تدريجياً منذ قرر بلير إعادة ميلبورن، وهو وزير صحة سابق، الى الوزارة في الصيف الماضي وتسليمه إدارة الحملة الانتخابية التي أشرف عليها براون في المرتين الماضيتين. كما بدا من الواضح ان بلير كان يعد الوزير الجديد الذي يعتبر من أقطاب التيار «البليري» في الحزب، لخلافته بدلاً من وزير الخزانة القوي. والمفارقة ان ميلبورن عمل لحوالي سنتين في نهاية التسعينات نائباً لبراون، وهو منصب يؤهل صاحبه لعضوية مجلس الوزراء. وفيما نفى بلير مرة اثر اخرى وجود «الصفقة»، تجنب براون تأكيدها او نفيها، الا ان الطرفين خاضا منذ نهاية التسعينات «حرب» الكلمات بالواسطة عن طريق انصارهما. معسكر وزير الخزانة اتهم دوماً رئيس الوزراء بالمماطلة والايعاز لأركان فريقه بتسريب انباء القصد منها تشويه سمعة براون. أما «الخصوم» فاكدوا باستمرار ان بلير ضحية لحملة ينفذها انصار بلير. ويرجح مراقبون ونواب في الحزب الحاكم، ان الطرفين مذنبان بشكل او آخر.