زيباري: الخلافات بين الياور وعلاوي لم تصل إلى حد الانقسام وسببها توزيع الصلاحيات

وزير الخارجية العراقي: السنة ضد مبدأ الانتخابات وعليهم أن يدركوا أن عصر صدام انتهى

TT

أكد هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي، ان الانتخابات العراقية تشكل نقطة مفصلية في تاريخ العراق، وقال إن السنة ضد مبدأ الانتخابات وطروحاتهم تسعى للاستحواذ بدور طليعي في العراق وقيادي ومتميز، ولكن عليهم أن يقبلوا المشاركة بالتآلف والتوافق العراقي لأن عصر صدام انتهى وانتهت معه فكرة هيمنة فئة وتهميش الفئات الأخرى». واشار الى ان الخلافات بين الرئيس العراقي غازي الياور ورئيس الوزراء اياد علاوي لم تصل إلى حد الانقسام وسببها توزيع الصلاحيات. واعتبر زيباري في حوار مع «الشرق الأوسط» ان ما يتردد حول وجود أطماع إيرانية ومخططات لإقامة هلال شيعي يمتد من طهران الى بيروت مرورا ببغداد ودمشق، بأنها مخاوف مبالغ فيها وفي غير موقعها، وقال «لم نسمع بمثل هذا التوجه أو بوجود خطة للم شمل الشيعة» في هذه البلدان.

* ألا ترى أن عدم مشاركة الجميع في الانتخابات يشكك في شرعيتها ومصداقيتها؟

ـ يجب أن تكون الانتخابات شمولية بحيث تجري في جميع محافظات العراق الـ18، وأعتقد انه ستكون هناك مشاركة شعبية جيدة وان نسبة المشاركة لا بد أن تزيد على 50 في المائة، وأنا أتوقع أن تصل نسبة المصوتين العراقيين من 70 الى 80 في المائة. شاهدنا جميعا الانتخابات الفلسطينية وكانت نسبة المشاركة 44 في المائة ورغم ذلك وصفت بالشفافية وبالشرعية.

* لكن السنة سيقاطعون الانتخابات؟

ـ هذا كلام غير دقيق، السنة في قناعتي هم رهائن في يد المجموعات المسلحة خاضعين للتهديد والابتزاز، ورغم ذلك السنة سيشاركون، واذا قاطعوا ولم يشاركوا في الانتخابات فهم الخاسرون، لأنهم سيفقدون دورهم وموقفهم من رسم الملامح المستقبلية لدولة العراق الجديد. واذا كان لهم (في السابق) دور ريادي وقيادي ومتميز في الدولة العراقية فان هذه المقولة انتهت وعليهم ان يقبلوا بالمشاركة وبالتآلف والتوافق الوطني، وعندما نقول ان عراق صدام حسين انتهى فمعنى ذلك انه انتهت فكرة هيمنة فئة وتهميش الفئات الأخرى. السنة ضد مبدأ الانتخابات وبعض طروحاتهم تسعى للاستحواذ بدور طليعي.

* ما سبب الخلافات بين الرئيس الياور ورئيس الحكومة علاوي؟

ـ سبب الخلافات هو توزيع الصلاحيات، ورئيس الحكومة لدينا لديه صلاحيات أكثر، لكن لا بد في النهاية من التنسيق فيما بينهما وان تكون التوجهات مشتركة والخلافات لا تصل لدرجة الانقسام أو تعطيل العمل.

* لكن ألا تعتقد أن ما جرى في الفلوجة (الحملة العسكرية) جعل السنة يحجمون عن المشاركة في الانتخابات؟

ـ لا ليس صحيحا، السنة في الفلوجة مغلوبون على أمرهم والحملة العسكرية هناك كانت ضرورية لفرض سلطة وهيمنة الدولة خاصة ان الحكومة أمام استحقاق انتخابي ولا بد أن تثبت انه بإمكان كل العراقيين المشاركة في هذه الانتخابات، فمن غير المعقول أو المنطقي ترك مناطق معينة تتحدى سلطة الدولة، والسنة بإمكانهم المشاركة في الانتخابات من خلال عدد من القوائم حتى لو لم يكن لهم قوائمهم الخاصة، فهناك العديد من القيادات السياسية والوجوه المعروفة في المجتمع العراقي يمكن لهم أن تعكس موقف السنة.

لكن لا يمكن اغفال أن هذه الجماعات المتمردة على الحكومة تحظى بدعم ومساندة وحماية شعبية؟ اذا كان لهذه الجماعات جاذبية وشعبية في الشارع العراقي فبإمكانهم أن يجربوا حظهم في صناديق الاقتراع، واذا اختارهم الشعب العراقي فسنقبل، بل وسنرحب بهم، لكن هؤلاء ضد فكرة الانتخابات وضد فكرة أن تحظى الحكومة العراقية الجديدة بأي شرعية، وذلك عن طريق التهديد والوعيد بالقتل وبعمليات اجرامية، لذلك أرى أن السنة مغلوبون على أمرهم ولا أحد يتهمهم بأنهم راضون عن تلك الجماعات، فهم رهائن بيد هذه الجماعات لا حول لهم ولا قوة.

* ما نتيجة الوساطات التي قمتم بها لدى مصر وبعض دول الخليج والتي تهدف لإقناع السنة بالمشاركة في الانتخابات؟

ـ هي ليست وساطات بل دعوات. فنحن لا نحتاج الى وساطات لبناء مستقبلنا. هذا شأن عراقي، نحن أجرينا اتصالات مع بعض الدول العربية من أجل الحصول على دعم عربي واقليمي واسلامي لاجراء الانتخابات، وطلبنا من هذه الدول توجيه رسائل سياسية واضحة الى جميع فئات الشعب العراقي تحثهم على المشاركة حتى لا يتوهم البعض بأن المحيط العربي والاقليمي يعارض مسألة الانتخابات ويؤيد عدم المشاركة بها. باختصار حتى لا يكون هناك أي عذر أو مبرر لمقاطعة الانتخابات، ثم أن جميع الدول العربية بشكل مباشر أو غير مباشر لها تأثير على قيادات وشخصيات عراقية من خلال علاقات تاريخية أو سياسية تربطها معهم، وبامكانها ـ هذه الدول العربية ـ ان تستخدم نفوذها مع هؤلاء لحثهم وتشجيعهم على الذهاب لصناديق الانتخابات.

* اعتبر البعض اغلاق جسور الموصل نذيرا ببدء حملة عسكرية واسعة في المدينة. فهل السيناريو الذي حدث في الفلوجة يمكن أن يتكرر في الموصل؟

ـ لا، ليس بالضرورة، بل ربما بطرق أخرى، لكن اريد أن أؤكد ان أي حكومة تحترم نفسها لا يمكن أن تقبل بقيام أي مجموعة مسلحة بالعبث بأمن وسلامة البلاد، فمهمة الحكومة الأولى هي حفظ الأمن للشعب وما حدث في الفلوجة سببه ضعف الأداء الأمني للقوات العراقية وخاصة الشرطة، ومن هنا استطاعت بعض المجموعات السيطرة على الساحل الأيمن للمدينة، فالعمليات يخطط لها في هذا الجانب والهجوم يحدث في الجانب الأيسر.

* ألا تخشون من أن تنال هذه الحملات العسكرية من شعبية الحكومة وتشكك في وطنيتها لدى الأهالي؟

ـ الحكومة العراقية أمامها خيارات صعبة وتحديات أشد وتضطر في كثير من الأحيان الى اتخاذ قرارات مؤلمة، فمثلا الفلوجة تحولت الى منطقة قتل مجاني والى قاعدة تحتمي فيها العصابات والمجموعات الإرهابية وتنطلق منها، والفكرة كانت القضاء على أي قاعدة خارجة عن سلطة الدولة وحرمان هذه المجموعات من الاستقرار في أي بقعة، والهدف الاساسي من عملية الفلوجة لم يكن القضاء على هذه المجموعات بقدر ما كان تدمير أي قاعدة لهم ومنعهم مستقبلا من تأسيس قاعدة أخرى لعلمهم مسبقا ان مصيرهم سيكون الهلاك؟

* ما سبب الخلافات بين الرئيس الياور ورئيس الحكومة علاوي؟

ـ سبب الخلافات هو توزيع الصلاحيات ورئيس الحكومة لدينا لديه صلاحيات أكثر، لكن لا بد في النهاية من التنسيق فيما بينهما وان تكون التوجهات مشتركة والخلافات لا تصل لدرجة الانقسام أو تعطيل العمل.

* بالمناسبة لماذا لم يتم محاكمة من قبض عليهم في الفلوجة؟

ـ هناك تحقيقات تجري حاليا مع المعتقلين وسيقدمون الى محاكم عن جميع التهم الموجهة اليهم.

* اتهمتم السوريين بأنهم يحمون بقايا البعث البائد الذين هم وراء تصعيد الهجمات بينما أكدت سورية عدة مرات على أنها تعمل على ضبط حدودها وتمنع التسلل الى العراق؟

ـ نحن لدينا معلومات ولدينا قرائن.

* هل ما زال هناك من يخطط للعودة الى السلطة من بقايا النظام البائد؟

ـ نعم بكل تأكيد لكن طريقتهم الوحيدة من خلال الفوضى لأنهم لا يستطيعون العودة عن طريق الاقتراع ومن خلال دولة ذات مؤسسات ونظام معتدل، لذلك يستخدمون العنف ضد الآخرين لفرض أنفسهم، لكن هذا العراق انتهى ولن يعود مرة ثانية.

* وهل سورية تدعم هؤلاء وتريدهم ان يعودوا ثانية للحكم؟

ـ نحن لا نتهم أحدا، لكن المعطيات والمعلومات بأن هذه القيادات والمجموعات تنشط في سورية وتتحرك عبر الحدود خاصة، لذلك نحن طلبنا من هذه الدول مساعدتنا ولا نريد أن نعلق مشاكلنا على دول الجوار، لكن نأمل من دول الجوار في سورية وايران خاصة أن تبدي قدرا أكبر من المسؤولية ازاء ما يحدث، لأن قضية التدخلات هذه سيف ذو حدين، ودفع الشعب العراقي الى حافة اليأس فيما يتعلق بمصيرهم ومصالحهم وحياتهم أمر ضار للغاية، نحن في اتصال مستمر مع دول الجوار ونحاول ألا نستعدي أي دولة لان ذلك ليس بمنأى عن العواقب في حالة تدهور الأوضاع.

* ما صحة ما يتردد حول وجود أطماع ايرانية تسعى لإقامة هلال يمتد من طهران الى بيروت مرورا ببغداد ودمشق؟

ـ حقيقة هذه مخاوف في العراق وفي لبنان وفي باكستان، لكننا لم نسمع بوجود توجه أو خطة للم شمل الشيعة، بالعكس اعتقد ان الشيعة كانوا في العصر البائد مهمشين ومضطهدين وأمامهم فرصة حاليا لممارسة حقهم الطبيعي في من يمثلهم ومن يدافع عن مصالحهم، لذلك نحن غير متخوفين بتاتا من سيطرة الشيعة أو سيطرة الاكثرية على مقاليد الامور واقصاء وتهميش الآخرين لان هذا حقيقة غير مطروح.

* لكن وزير الدفاع حازم الشعلان شن حملة عدائية ضد ايران متهما إياها بالتآمر على العراق وهددها محملا إياها مسؤولية أفعالها؟

ـ هذه التصريحات غير مفيدة لنا ولقد بحثنا هذا الأمر في اجتماعات مجلس الوزراء الأخير ونبهنا الى أن التصريحات التي تتعلق بعلاقة العراق مع الدول المجاورة والدول الاخرى هي من اختصاص وزارة الخارجية. فنحن فقط الجهة المخولة والتي تعكس وتعبر عن السياسة الرسمية للحكومة العراقية، لكن في خضم هذه الاجواء الانتقالية والانتخابية والصعبة تصدر تصريحات من بعض جهات هنا أو هناك، نحن لا ننكر أن هناك تدخلات من بعض الدول لكن اسلوب طرحها والتعاطي معها ومعالجتها لا يجوز ان يتم عبر وسائل الإعلام والفضائيات، فهناك قنوات دبلوماسية وسياسية وأمنية من خلالها فقط تتم معالجة هذه القضايا.

* ما مصير صدام حسين؟ البعض يعتبر أن هناك لغزاً وطلاسم تحيط بمحاكمته؟

ـ لا أتوقع ان تجري محاكمة صدام إلا بعد انتخابات المجلس الوطني وتشكيل الحكومة الجديدة التي ستتصدى لهذه المسألة، وقد كنت من مؤيدي محاكمة صدام وأعوانه بشكل عاجل لأن هذا برأيي جزء من المصالحة الوطنية، لكن بسبب إجراءات وتعقيدات قانونية تأخرت المحاكمة بشكل زائد على الحد، وآمل أن تجرى في أسرع وقت ممكن في شفافية وعدالة بحيث يكون لصدام وأعوانه الحق في الدفاع عن أنفسهم.