الانتخابات تقسم العراقيين في الأردن: المؤيدون يرونها مدخلا للاستقرار والمعارضون يشككون في ظروف إجرائها

TT

مع بدء تسجيل الناخبين العراقيين في الخارج، انقسم العراقيون في الاردن بين مؤيد ومعارض للانتخابات المزمع اجراؤها نهاية الشهر الحالي، فمنهم من يرى انها مدخل للاستقرار، ومنهم من يشكك في ظروف اجرائها، ويشترطون وجود الأمن والعدالة لخوضها بعيدا عن التزوير والتلاعب.

ومع وجود اكثر من 500 الف عراقي في الاردن ـ حسب ارقام غير رسمية ـ بينهم 200 ألف يحق لهم الاقتراع بحسب المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، يرى معظم العراقيين الذين استطلعت اراءهم «الشرق الأوسط» «أن مسألة الانتخابات امر ليس سهلاً في ظل الحالة الأمنية المتدهورة واستمرار وجود الاحتلال».

ووسط عمان حيث يتجمع مئات العراقيين في الساحة الهاشمية، خصوصا في المساء بعد عودتهم من اعمالهم وقضاء الساعات في الحديث عن الامور في بلادهم في جو يشوبه الحزن، الذي يظهر جليا بسبب رفض معظمهم لفكرة الاحتلال، قال جمع منهم لـ«الشرق الأوسط»: عن اي انتخابات يتحدثون، وبلادنا محتلة ومن سيحكم العراق في المستقبل نحن أم الولايات المتحدة؟

ولدى سؤالهم عن تسجيلهم للانتخابات، الذي اعلن عنه سابقا وفي 9 مناطق في الاردن ما بين 17 الى 23 يناير (كانون الثاني) الجاري للمشاركة في الانتخابات نهاية الشهر قالوا: لا لن ننتخب احدا.

ووسط نشاط ملحوظ لقيادات تجمعات عراقية واحزاب تعقد اجتماعات مكثفة في العاصمة الاردنية عمان تساءل كمال القبيسي وهو اقتصادي عراقي يقيم في الاردن عن الضمانات الممنوحة من قبل المرشحين بزوال الاحتلال، وما اذا كان هناك برنامج زمني محدد مع عدم توقيع اتفاقيات طويلة المدى بين الحكومة المقبلة وقوات الاحتلال تكون ملزمة عسكريا واقتصاديا واجتماعيا. يقول القبيسي «الحكومة المؤقتة تم افراغ سيادتها وجعلها الاحتلال سلطة لا صلاحيات لها». واضاف «ان القوات الاميركية منذ دخولها العراق، بطريقة خرجت عن الشرعية الدولية، سيطرت سيطرة شاملة على كافة مؤسسات الدولة ونصبت حكومة مؤقتة، اعضاؤها من الوافدين من الخارج وذوي ولاءات معلنة ومؤكدة لصالح المحتل، في الوقت الذي غيبت فيه الاحزاب الوطنية والقيادات السابقة فكيف نضمن عدم استمرار ذلك؟».

واقترح القبيسي أن تعلن كافة الاحزاب والجماعات في العراق عن برنامج وطني واحد يتضمن الثوابت الرئيسية، وابرزها برنامج تحديد موعد لانسحاب القوات الاجنبية من العراق، وأن تعمل الحكومة بهذا وتكون ملزمة به وعدم توقيعها اتفاقيات طويلة مستقبلية واعلان رفضها التام لقيام دولة طائفية او عرقية والتأكيد على الهوية العراقية التأريخية، ملمحا الى أن البرامج الانتخابية غير واضحة ومبهمة ولم تتح لها فرصة أن تناقش على المستوى الوطني.

اما هدف كاظم فيرى ان اجراء الانتخابات انتصار للعقل والمنطق على عمليات الاجرام والارهاب التي تمارس على ارض العراق، لبناء العراق الديمقراطي، داعياً العراقيين للمشاركة في الانتخابات لأنها شكل ديمقراطي يمكن ان يعيد للدولة سلطتها على شعبها ومكانتها الدولية. ويرفض مال الله، عراقي يقيم في الاردن منذ 6 سنوات، فكرة الانتخابات ويقول «المرشحون للانتخابات لا نعرفهم وهم من خارج العراق وكان من الاولى ترشيح أشخاص معروفين لدى الشعب العراقي حتى ان كانوا من رجالات النظام السابق والشعب سيختار المناسب».

ولمح مال الله الى أن حركة الوفاق الوطني التي يقودها رئيس الحكومة العراقية المؤقتة اياد علاوي، استطاعت ان تستقطب الكثيرين وبطرق مختلفة بدءا من التعيينات في الدولة واعطاء هبات مالية والتركيز على الجانب الاعلامي في ذلك.

عدنان الجبوري، الذي يعمل في تجارة السيارات ويزور العراق كل اسبوعين، بدت عليه الدهشة لدى سؤاله عن التسجيل للانتخابات وقال «انتخب من؟ بلادنا محتلة ولا يمكن اجراء الانتخابات. والايام التي ستتم فيها الانتخابات ستشهد اضطرابات وحالة انفلات أمني غير مسبوق».

المنظمة الدولية للهجرة (IOM) وهي الجهة المنظمة للانتخابات خارج العراق أعلنت عن تعيين 840 موظفا عراقيا في عمان لتنظيم عمليات التسجيل والاقتراع، بينما تعهد الأردن، بموجب مذكرة تفاهم أبرمها مع المنظمة آخر الشهر الماضي، بتقديم كافة المساعدات والتعاون في سبيل إنجاح الانتخابات العراقية.

احمد السيد الموجود في بغداد وفي اتصال هاتفي معه من عمان قال: انهم يشترون الاصوات بمائة دولار، وأكد أن الانتخابات ستكون مزيفة. واضاف احمد الذي كان يقيم في الاردن لمدة 9 سنوات وغادرها عقب احتلال بغداد: ان حركة الوفاق الوطني تسيطر على الامر وفرصة اياد علاوي كبيرة، رغم وجود منافسة بين كافة الاحزاب سنية كانت ام شيعية، ويتابع «كل حزب يسيطر على وزارة ما وتستغل تلك الوزارات في الحملات الدعائية بتوفير فرص عمل لمن يؤيد الحزب المرشح».

عضو اتحاد رجال الأعمال العراقيين اسماعيل الربيعي، الذي يقيم في الاردن حاليا، اعتبر المشاركة في الانتخابات امراً ضرورياً، لكنه ابدى مخاوف من السير بالعملية بمجملها بالشكل الصحيح وقال «لنكن واقعيين كيف يمكن اجراء انتخابات وهناك احتلال، الى جانب الانفلات الأمني الذي يخلف عشرات القتلى والجرحى يوميا؟».

وقال ناطق عبد الحسين أن الانتخابات العراقية هي المدخل الوحيد للأمن والاستقرار، مؤكدا أنها السبيل الوحيد للوصول الى عراق مستقل. واشار الى أن العراقيين مطالبون جميعا بالاقتراع، ومن الضروري افراز فئة تحكم البلاد وتكون منتخبة للسير بإجراءات اعادة بناء مؤسسات الدولة العراقية.