رايس تنتقد روسيا وتهدد إيران وكوبا وكوريا الشمالية في جلسة تعيينها أمام مجلس الشيوخ

قالت إن أولوياتها هي العمل مع الديمقراطيات من أجل مواجهة الإرهاب وتركت أسئلة مفتوحة وتناقضات

TT

التزمت كوندوليزا رايس بسياسة خارجية اميركية متشددة عندما لخصت أهداف الولاية الثانية للرئيس الاميركي جورج بوش خلال جلسة تأكيد تعيينها كأول امرأة سوداء في منصب وزيرة الخارجية الاميركية. وقالت رايس، التي تتولى وزارة الخارجية الاميركية في الوقت الذي تتعرض له السياسة الاميركية لهجوم متزايد من الشرق والغرب، أمام مجلس الشيوخ في جلسة التصديق على تعيينها أمس «لا بد أن نستعين بالدبلوماسية الاميركية للمساعدة في احداث توازن للقوى التي تؤيد الحرية في العالم. وقت الدبلوماسية حان الآن». كما اعلنت انها ترغب في العمل مع الدول الديمقراطية من اجل مكافحة الارهاب، مشيرة الى ان «زمن الدبلوماسية قد حان». وأضافت «تفاعلنا مع بقية العالم يجب ان تقوم على الحوار لا على الكلام من جانب واحد». واثار خطاب رايس الكثير من التساؤلات حول النهج الاميركى في الادارة المقبلة، مشيرين الى ان كلمتها جاءت مليئة بالتناقضات، فهى تريد اصلاح ديمقراطى، فيما تهدد دول اخرى تختلف مع واشنطن. كما انها تدعو الى الحوار مع الحلفاء فيما تضع نفس الاجندة والافكار التي قسمت العالم قبل اربع سنوات. وتوقع المراقبون ان تكون الولاية الثانية اكثر صرامة في تنفيذ سياساتها.

وأكدت رايس انه سيكون على الدبلوماسيين الاميركيين في العالم ان يكونوا ناشطين من اجل تشجيع الديمقراطية ومكافحة الارهاب وتخفيف الفقر والقيام بما يلزم من اجل حماية الارض الاميركية». وكان لافتا تبني رايس لنفس الالفاظ والافكار الكبيرة التي رددتها الادارة في الفترة الرئاسية الاولى وخصوصا في حديثها عن الدول العربية والاسلامية فتحدثت بتكرار عن «الطواغيت» «ومسيرة الحرية» و«تقديم الديمقراطية للعالم الاسلامي» و«عمليات الاصلاح». كما اشارت في كلمتها التي كتبتها بنفسها الى «الفاشية» و«الشيوعية».

وقالت رايس ان العالم الان يواجه «آيديولوجية» مشابهة للشيوعية والفاشية. وتابعت «ان التحديات التي نواجهها اليوم ليست اقل. ان أميركا والعالم الحر مرة اخرى مشتركان في صراع طويل المدة ضد آيديولوجية من الكراهية والطغيان والارهاب وانعدام الامل. ويجب علينا ان نواجه هذه التحديات بنفس الشجاعة والقوة التي سيطرت في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية».

وقالت رايس ان خطتها في العمل ستعتمد على «نشر الديمقراطية حول العالم. واستشهدت رايس بناتان شرانسكي احد اشد المتطرفين اليهود في اسرائيل الذي يشغل منصب وزير الاسكان المسؤول عن توسيع المستوطنات الاسرائيلية على الاراضي العربية. وكان شارانسكي قد اقترح استراتيجية اميركية لفرض الديمقراطية بخبرة سوفياتية ويقول ان نشر نمط الحياة الغربي هو اكثر الدفاعات فاعلية التي يمكن للغرب تبنيها.

وعن فلسطين وعن الدور الجديد لأميركا بعد الانتخابات الفلسطينية وفرص انخراط واشنطن في المنطقة، قالت «اننا نعتقد ان لدينا فرصة جيدة جديدة» بعد انتخاب محمود عباس وبعد خطة الانسحاب الاسرائيلي من غزة. واكدت انه سيكون هناك انخراط أميركي كبير على كل المستويات وتعهدت ان تنخرط هي شخصيا على مستوى عال وبشكل شخصي، لكنها قالت انها لن تكون بديلا عن الاطراف المعنية نفسها. وطالبت الفلسطينيين «بالسيطرة على الراديكاليين» في اشارة الى المقاومة الفلسطينية «لأننا لن نتحرك للامام بدون ذلك». وقالت ان القيادة الفلسطينية يجب ان تحارب الارهاب «لا اعتقد انه يمكننا ان نضيع هذه الفرصة اذا كانت الاطراف تريد الاستفادة منها».

وأكدت انه يجب ان تكون للدولة الفلسطينية المقبلة القابلية للاستمرار. ولكنها قالت ان الحدود الفلسطينية ستحددها المناقشات بين الطرفين. وقالت يجب ان يتبنى الفلسطينيون الاسلوب الديمقراطي في الحكم. كما شددت على انه لا يجب على الدول العربية ان تحرض على العنف ضد اسرائيل، ثم تنادي بحل دولتين متجاورتين في الوقت ذاته. وقالت «بدأ ابو مازن بداية جيدة» في اشارة الى مطالبة محمود عباس بالتوقف عن استهداف اسرائيل عسكريا. وقالت انه بذلك «يلجأ الى الفلسطينيين الذين يقولون ان اللجوء للاساليب الارهابية والعنيقة لن يحقق لهم دولة فلسطينية»، وقالت انه يجب ان تكون هناك«سلطة واحدة وسلاح واحد» بمعنى توحيد القوة الفلسطينية وليس العمل مع «عصابات متفرقة» في اشارة الى الفصائل الفلسطينية.

وعن المقاومة العراقية المتصاعدة، قالت رايس انها تتكون بدرجة كبيرة من الموالين لصدام حسين ممن يعملون ضد الشعب العراقي. وتعهدت بحربهم «ليس بالوسائل العسكرية فقط» وقالت انه لا يمكن القضاء عليهم بالقوة «العسكرية الكاسحة»، وإنما عن طريق دفع الشعب العراقي لمواجهة المقاومة المسلحة. وقالت رايس ان «استراتيجية الخروج» من العراق، تعتمد على تدريب العراقيين وإعطائهم مهارات الكوماندوز. وقالت ان هناك عملا يجري لخلق «قيادات جديدة» لكي يقل عدد الذين يفرون من الخدمة العسكرية.

غير ان السيناتور الديمقراطي جون بايدن قال اثناء الجلسة، ان هناك تقديرات تقول ان عدد الجنود الموالين لحكومة رئيس الوزراء اياد علوي الناشطين على ارض المعركة لا يزيد على 4000 جندي عراقي، وان معدل ترك الخدمة مع القوات الأميركية كبير جدا بحيث انه لن يتحقق الوصول الى عشرات الالاف من العراقيين في الجيش او الشرطة خلال سنة واحدة كما تدعي الادارة. وشكك السيناتور في امكان خروج أميركا تحت ما يسمى «باستراتيجية الخروج» لعدم وجود قوات عراقية كافية. وقال انه قلق من اجابة رايس التي اشارت الى ان الاستراتيجية الأميركية السابقة في العراق كانت ناجحة، وقال انه ثبت عكس ذلك ومع هذا تستمر رايس في الاصرار على انها كانت فعالة.

الى ذلك، رأت رايس ان الولايات المتحدة لن تتمكن من ان تفوز وحدها، داعية الى التعاون مع حلفاء واشنطن التقليديين. وقالت «ان التحالفات والمؤسسات المتعددة الاطراف يمكن ان تضاعف قوة الدول التي تحب الحرية». ووضعت رايس على رأس اولويات عملها خلال المرحلة المقبلة هدف توحيد الديمقراطيات من اجل بناء نظام عالمي يقوم على تقاسم القيم المشتركة وقوة القانون، ومساعدة الديمقراطيات على حماية نفسها من الاخطار على أمنها، وتشجيع الحرية والديمقراطية في العالم. وصفت رايس ست دول هي بيلاروسيا وكوبا وايران وبورما وكوريا الشمالية وزيمبابوي بأنها «مواقع متقدمة للطغيان». وقالت «في عالمنا، ما تزال هناك مواقع متقدمة للطغيان، وتقف اميركا الى جانب الشعوب المظلومة في كل قارة... في كوبا وبورما وكوريا الشمالية وايران وبيلاروسيا وزيمبابوي».

كما اكدت ان الحفاظ على ديمقراطية روسيا أمر حيوي بالنسبة للعلاقات الاميركية الروسية وسط مخاوف من تحول الكرملين على نحو متزايد الى الشمولي. وأضافت انه «في روسيا نحن نرى أن الطريق الى الديمقراطية غير منتظم وأن نجاحها لم يتأكد بعد». وقالت ان بوسع الدولتين التعاون في المسائل المشتركة. «كما هو دأبنا.. سنظل نشدد على قضية الديمقراطية وسنظل نوضح أن حماية الديمقراطية في روسيا أمر حيوي لمستقبل العلاقات الأميركية الروسية».

كما قالت ان الولايات المتحدة تسعى لإقامة «علاقة صريحة وبناءة» مع الصين بالرغم من التباين في القيم بين البلدين. وتابعت «اننا بصدد بناء علاقة صريحة وبناءة مع الصين تشمل مصالحنا المشتركة وتقر بالاختلاف الكبير في القيم بيننا». كما أوضحت «ان تحالفاتنا في آسيا لم تكن يوما بالمتانة التي هي عليها اليوم وسنستخدم هذه المتانة لتعزيز السلام والازدهار في المنطقة»، واصفة اليابان وكوريا الجنوبية واستراليا بـ«شركاء اساسيين في جهودنا من أجل التصدي للمخاطر المشتركة وتشجيع النمو الاقتصادي».

وأشادت في المقابل بالعملية الديمقراطية في ماليزيا واندونيسيا، الدولتين الاسيويتين الاسلاميتين. وقالت رايس ان واشنطن تعتزم التعاون مع الهند في المجالين الاقتصادي والأمني ومع باكستان التي وصفتها بانها «حليف حيوي في الحرب ضد الارهاب». وعملت رايس مستشارة للرئيس بوش للأمن القومي خلال الاعوام الاربعة الماضية التي وقعت خلالها هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 على نيويورك وواشنطن اضافة الى حربين وربما اسوأ خلاف مع اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. والان يريد بوش ان تحل رايس (50 عاما) عميدة جامعة ستانفورد السابقة محل كولن باول الذي حظي بالاعجاب حول العالم واعتبر احيانا الحمامة الوحيدة في ادارة يسيطر عليها صقور يعملون بشكل احادي.