باريس تريد فتح صفحة جديدة مع ولاية بوش الثانية والتعاطي مع سلام الشرق الأوسط الاختبار الأول لها

TT

قبل يومين على بدء الولاية الثانية للرئيس الأميركي جورج بوش، قال مصدر رسمي فرنسي إن باريس «تريد فتح صفحة جديدة في علاقاتها» مع الولايات المتحدة الأميركية التي عرفت في ولاية بوش الأولى الكثير من التوتر.

ومنذ الانتخابات الرئاسية الأميركية، صدرت عن باريس الكثير من «الإشارات» التي تعكس رغبة فرنسية في إعطاء «دفعة جديدة» للعلاقات مع واشنطن، إن عن الرئيس الفرنسي جاك شيراك شخصيا أو عن وزير الخارجية ميشال بارنيه الذي زار الشهر الماضي واشنطن لتوديع الوزير كولن باول ولإجراء أول اتصال مع وزيرة الخارجية الجديدة كوندوليزا رايس. وقالت مصادر فرنسية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» أمس ان الجانب الأميركي «أبدى استعدادا وتفهما للرغبة الفرنسية» في إرساء مناخات جديدة بين الجانبين. وتمثل الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى واشنطن في الأسابيع المقبلة «مؤشرا قويا» على تغير «الحالة النفسية» للمسؤولين الفرنسيين إزاء الإدارة الأميركية وعلى استعداد واشنطن لتلقف اليد الفرنسية الممدودة لها.

ومن جهته، قال بارنيه الذي يعتبره المراقبون السياسيون في باريس «مهندس التقارب الجديد مع واشنطن» إنه ينوي زيارة الولايات المتحدة وليس فقط واشنطن بشكل دوري «مرة كل ثلاثة أو أربعة أشهر». وفي سياق الرغبة في التقارب، أطلق بارنيه فكرة «المجموعة عالية المستوى» التي يمكن أن تناط بها مهمة التفكير في دفع العلاقات الأميركية ـ الفرنسية صعدا واقتراح مجالات تعاون وتقارب جديدة من أجل إعطاء مضمون حقيقي لصفحة «العلاقات الجديدة».

وترى باريس أن «الاختبار الأول» للعلاقات الفرنسية ـ الأميركية، والأوروبية ـ الأميركية يتمثل في كيفية التعاطي مع أزمة الشرق الأوسط. وقالت المصادر الدبلوماسية الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن هذه المسألة هي «النقطة المحورية» التي يمكن عبرها «تقويم» الأداء المشترك من أجل اقتناص «فرصة السلام الجديدة» وبدء تنفيذ خريطة الطريق، علما أن فرنسا كانت تلوم الدبلوماسية الأميركية على «تجاهلها، لا بل تجميدها» خريطة الطريق.

وفي ما خص الملف العراقي نفسه، شددت المصادر الدبلوماسية على ما قامت به فرنسا إن لجهة موافقتها على القرار الدولي رقم 1546 الذي أسس للقوة المتعددة الجنسيات أو لعملية نقل السلطة الى العراقيين أو على قبولها محو 80 في المائة من الديون العراقية ومساهمتها في اجتماع شرم الشيخ الدولي حول العراق. والأسبوع الماضي، استقبلت باريس الرئيس العراقي غازي الياور وأعلنت استعدادها لإنشاء أكاديمية لتدريب قوات الدرك العراقية وتنشئة 1500 عنصر منهم، وحتى فتح أبواب أكاديمياتها العسكرية أمام الضباط العراقيين. وقالت المصادر الفرنسية لـ «الشرق الأوسط» إن باريس «لا تتمنى أبدا فشل الأميركيين في العراق، لأن ذلك سيكون كارثة على الجميع».