إيران ترد على تهديدات بوش بإعلانها تطوير «قدرات ردع عظيمة»

خلافات أوروبية أميركية وواشنطن تفرض عقوبات على شركات صينية زودت طهران بصواريخ ذاتية الدفع

TT

واشنطن ـ منير الماوري : قال الرئيس الاميركي جورج بوش انه لا يستبعد شن عمل عسكري ضد إيران في حال فشلت الولايات المتحدة في إقناع طهران بوقف مساعيها لانتاج اسلحة نووية. واثارت تصريحات الرئيس الاميركي فورا خلافات بينه وبين شركائه الاوروبيين، اذ قالت المفوضية الاوروبية في بروكسل انها ترى ان أفضل طريقة للتعامل مع طهران هي الدبلوماسية. وفيما ردت طهران على تهديدات واشنطن بقصف منشآتها العسكرية الحيوية بقولها انها قادرة على التصدي لاي هجوم. نفت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) التقارير حول ارسال عناصر من القوات الخاصة الى ايران منذ منتصف العام الماضي، لتحديد أهداف عسكرية لضربها بقولها ان التقرير «مليء بالمغالطات». وفي تطور آخر فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية على شركات صينية بدعوى أنها زودت طهران بصواريخ ذاتية الدفع. وأوضح بوش في مقابلة مع محطة «ان بي سي» التلفزيونية الاميركية ليل اول من امس ان بلاده ترى مخاطر البرنامج النووي الايراني، وانها لن تنتظر حتى تطور أسلحة نووية. وردا على سؤال حول ما اذا كان يستبعد احتمال القيام بعمل عسكري ضد إيران قال بوش «يحدوني الامل ان نتمكن من حلها دبلوماسيا لكنني لن استبعد مطلقا اي خيار من على الطاولة. اذا استمرت في اخفاء طبيعة برنامجها للاسلحة النووية عن المجتمع الدولي». وجاء تصريح الرئيس الأميركي بعد يوم من مقال نشرته مجلة «نيويوركر» تحدثت فيه عن مجموعات كوماندوس أميركية تعمل سرا داخل ايران منذ منتصف العام 2004 لتحديد مواقع أسلحة مفترضة لشن ضربات جوية محتملة عليها. وتنفي ايران انها تحاول انتاج اسلحة نووية وتقول ان برنامجها النووي لا يهدف إلا لتوليد الكهرباء.

غير ان تصريحات بوش ادت الى استياء اوروبى فورى، اذ أصر الاتحاد الاوروبي امس على أن السبل الدبلوماسية هي أفضل الطرق في التعامل مع ايران. وتسعى بريطانيا وألمانيا وفرنسا لاقناع طهران بالتخلي عن التكنولوجيا التي قد تستخدم في صنع رؤوس نووية مقابل حوافز مثل المعاهدات التجارية ومساعدتها في برنامج نووي مدني.

وقالت إيما أودوين المتحدثة باسم الشؤون الخارجية أمس «نحن نعمل مع شركائنا الإيرانيين بحسن نية لأنني واثقة من أنهم يعملون معنا بحسن نية. سنواصل ذلك المسار طالما كان القيام بذلك ممكنا ومثمرا».

وفي طهران، قال وزير الدفاع الإيراني علي شمخاني ان ايران تملك القوة العسكرية لردع أي هجمات ضدها وذلك ردا على اعلان بوش أنه لا يستبعد مهاجمة ايران. وأضاف شمخاني أن بلاده التي شهدت القوات الاميركية تطيح بالنظام الحاكم في كل من افغانستان والعراق المجاورين في الاعوام الثلاثة الماضية «لا تخشى» التعرض لهجوم. ونقلت وكالة مهر شبه الرسمية للانباء عن شمخاني قوله «نستطيع القول ان لدينا القوة بحيث لا تستطيع أي دولة مهاجمتنا لانه ليس لديها معلومات دقيقة بشأن قدراتنا العسكرية نتيجة لقدرتنا على تطبيق استراتيجيات تتسم بالمرونة. يمكننا أن نزعم أننا أنتجنا بسرعة معدات نجم عنها أعظم رادع». وفي مقال افتتاحي بعنوان «التجسس عديم الجدوى» قللت وكالة «مهر» التي يقول محللون ان لها صلات وثيقة بمكتب الزعيم الاعلى الإيراني آية الله علي خامنئي من شأن المحاولات الاميركية لزعزعة الاستقرار في ايران منذ الثورة الاسلامية عام 1979 . وأضافت «الولايات المتحدة تعي تماما أن ايران صمدت بقوة امام الضغوط الاميركية لاكثر من 25 عاما... واليوم اكتسبت البلاد قوة عسكرية هائلة ستظل أبعادها غير معلومة وهي مستعدة لمهاجمة أي متطفل بوابل مخيف من النيران والموت». وتابعت أن «الولايات المتحدة واسرائيل تعلمان أنهما لا تستطيعان ابدا تحدي ايران عسكريا حيث ان مهاجمة الجمهورية الاسلامية ستكون اكبر من قدرتهما على المضغ ولن تتسبب إلا في اختناقهما اذا حاولتا هذا». الى ذلك، قال لورانس ديريتا كبير متحدثي البنتاغون في بيان ليل اول من امس «الطموحات النووية الواضحة للنظام الإيراني ودعمه الظاهر لمنظمات ارهابية تمثل تحديا دوليا يستحق تعاملا أكثر جدية مما قدمه سيمور هيرش في مقال بعنوان الحروب القادمة في مجلة نيويوركر». وأضاف ديريتا ان مقال هيرش الذي نشر يوم الأحد «حافل بالأخطاء بشأن حقيقة أساسية بما يقوض المصداقية في مقاله بالكامل». وتابع قائلا إن مصادر هيرش زودته بإشاعات، وإساءات مبطنة، ومزاعم حول اجتماعات لم تتم أبدا، وخطط لا وجود لها، وتصريحات نسبت لمسؤولين لم تقل مطلقا. وأورد بيان لوزارة الدفاع الاميركية أمثلة لما وصفته بالأخطاء التي أوردها هيرش ومن بينها:

ـ الاجتماع المزعوم بعد الانتخابات الأميركية بين وزير الدفاع الأميركي رونالد رامسفيلد وضباط هيئة الأركان المشتركة.

ـ التنسيق المزعوم بين الحكومة الإسرائيلية ووزارة الدفاع الأميركية ممثلة في وكيلها دوغلاس فايث لا أساس له، ومن هنا يتبين أن هيرش يبني روابط قائمة على نظريات المؤامرة، الأمر الذي ينعكس سلبا على هيرش ومجلة نيويوركر.

ـ وباعترافه شخصيا فإن السيد هيرش يعمل على تأليف رواية عن التاريخ البديل، وهو مبدع على طول الخط في هذا النوع من العمل، وقد تمكن من تأليف حاضر بديل مرات متعددة في مقالاته الأخيرة.

ـ تفضيل هيرش للمصادر غير الرسمية المجهولة الهوية، لإيراد معظم مزاعمه يجعل الأمر أكثر صعوبة لمناقشة عمليات وزارة الدفاع.

ـ وأخيرا، فإن السياسات ووجهات النظر التي نسبها هيرش إلى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، ونائبه بول وولفوتز، ووكيل الوزارة دوغلاس فايث، ومسؤولين آخرين في وزارة الدفاع، لا تعكس تعليقاتهم العلنية أو الخاصة، ولا تعكس سياسة الإدارة.