مكتب وكالة الأنباء العراقية في القاهرة يتحول إلى مركز انتخابي للجالية العراقية

TT

لم يعد مكتب وكالة الأنباء العراقية (واع) في القاهرة معنياً بإرسال الأخبار والتقارير الاعتيادية واليومية التي يعرفها العاملون في مكاتب وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وذلك بعد ان تحول إلى مركز اقتراع يتيح لمئات من المواطنين العراقيين المقيمين في مصر المشاركة في عملية الانتخابات المزمع إجراؤها في العراق بحلول الثلاثين من الشهر الجاري.

المكتب الكائن في بقعة سحرية من قلب العاصمة المصرية في البناية رقم 14 يطل مباشرة على شارع طلعت حرب على مرمى حجر من ميدان سليمان باشا وقبالة مقهى ريش الشهير، نفض عن نفسه الغبار الذي لازمه منذ سقوط نظام حكم الرئيس العراقي صدام حسين في شهر مارس (آذار) عام 2003 ليصبح لجنة تصويت غير رسمية لن يعتد بها عندما تبدأ عملية إحصاء أصوات الناخبين تمهيدا لإعلان نتائج الانتخابات، لكنها تمثل للعديد من العراقيين المقيمين في مصر فرصة تاريخية طالما انتظروها للإدلاء بأصواتهم لأول مرة في المهجر.

سنة وأكراد وشيعة، لاجئون سياسيون ومعارضون سابقون ومثقفون وإعلاميون، خليط يمثل مختلف عناصر الجالية العراقية في القاهرة، أقاموا «مركز تصويت قطاع خاص» بعدما فشلوا في إقناع الحكومة العراقية ومفوضية الانتخابات بتدشين مركز رسمي للاقتراع أسوة بالمراكز المخصصة لذلك في أربع عشرة دولة عربية وأجنبية.

من جهتها غضت السلطات المصرية الطرف عن حقيقة أن المركز التطوعي لا يحمل أية صفة رسمية، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت ستقوم بتأمين المركز أو تشديد الإجراءات الأمنية تحسبا لأي طارئ عندما تحين ساعة الانتخابات.

وقال مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط» إذا أرادوا (عراقيو مصر) أن يقيموا مركزا للانتخابات فهذا يخصهم طالما في حدود النظام والقانون، مستبعدا أن يتعرض المركز لأية تهديدات من أي نوع.

وأبلغ حازم اليوسفي ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني في القاهرة وأحد المشرفين على المركز «الشرق الأوسط» بالقول « لم نحصل بشكل نهائي على موافقة السلطات المصرية ولكن فهمنا أنها لا تمانع».

وخلا مكتب (واع) للمرة الأولى من أية صور للرئيس العراقي المخلوع، واحتلت مكانها قائمة طويلة بأسماء المرشحين لخوض الانتخابات التشريعية والعامة في العراق. وفيما وقف البعض يطالع القائمة انهمك أحد أعضاء لجنة تطوعية في تسجيل البيانات الشخصية لعدد من العراقيين الذين توافدوا على المكتب لتسجيل أنفسهم خلال الفترة التي حددتها مفوضية الانتخابات العراقية في بغداد والتي تنتهي يوم الأحد المقبل، علما بأن المركز يمارس نشاطه يوميا في تسجيل الناخبين ما بين الساعة الخامسة إلى الثامنة مساء استعدادا لبدء عملية الاقتراع التي ستجرى صباح يوم الجمعة المقبل وقبل يومين فقط من إجرائها في العراق.

بدأت الفكرة خلال لقاء تقليدي اعتاد عدد من الناشطين العراقيين في القاهرة عقده بشكل دوري للحديث عن هموم الوطن ومتابعة آخر تطوراته السياسية والأمنية، وتمخض اللقاء عن تشكيل لجنة خماسية اخذ أعضاؤها على أنفسهم عاتق إجراء الاتصالات مع مختلف الجهات العراقية والمصرية التي يمكن مخاطبتها من أجل تحقيق حلم طال انتظاره لمئات من أبناء الجالية العراقية المقيمة في مصر ألا وهو التصويت ليس هذه المرة لصالح النظام العراقي السابق ولكن من أجل عراق جديد ومختلف يعرف أبناؤه للمرة الأولى معنى الانتخاب الحر بعيدا عن أية تدخلات حكومية.

وتطمح اللجنة التي تضم حازم اليوسفي وطالب مراد وفيصل فكري وصلاح نصراوي وزعيم خير الله إلي دعوة عدد من منظمات حقوق الإنسان المصرية والعربية لمراقبة سير الانتخابات داخل المركز للتأكد من استيفائه لشروط النزاهة والحيادية.

لا يوجد إحصاء رسمي معتمد لتعداد الجالية العراقية في مصر, ففيما يقول البعض ان العدد أقل من ثلاثة آلاف معظمهم خرجوا من العراق قبل سنوات طويلة هربا من قهر وطغيان النظام الراحل، إلا أن البعض الآخر يرفع العدد إلى ستة آلاف عراقي في مختلف المدن والمحافظات المصرية.

يقول طالب مراد، عضو اللجنة التي تحمل اسم (اللجنة الانتخابية التطوعية ـ القاهرة)، إنها ستقوم بالإشراف على التسجيل والانتخاب، موضحا أنها أجرت اتصالات مع هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي خلال وجوده أخيرا في القاهرة للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بالإضافة إلى مسؤول مفوضية الانتخابات في بغداد الدكتور عبد الحسين الهنداوي، لكنها لم تحصل على رد قاطع.