جنوب السودان: التعليم على رأس أولويات الأمم المتحدة في مرحلة ما بعد الحرب

TT

رومبيك (جنوب السودان) ـ أ.ف.ب: تعتزم الأمم المتحدة وضع التعليم على رأس أولوياتها في مرحلة ما بعد الحرب في جنوب السودان، إذ تعتبر انه سيكون أساسيا لتنمية هذه المنطقة التي تعاني من نسبة أمية مرتفعة.

وقال مسؤول الاتصال في منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) بن باركر «اظن ان التعليم هو أهم ما يمكن توفيره للشعب في جنوب السودان». واضاف «لا يمكنك إدارة بلد من دون أناس متعلمين». وطبقا لإحصاءات الأمم المتحدة فان نسبة الأطفال الذين يندرجون في المرحلة الابتدائية من العملية التعليمية في جنوب السودان تبلغ 20%، وهي ثاني اقل نسبة في العالم بعد افغانستان.

ووصل الموفد الخاص للأمم المتحدة الى السودان، جان برونك، امس الى رومبيك، المقر المؤقت للحركة الشعبية لتحرير السودان. ومن المقرر ان يجري برونك خلال زيارته التي تستغرق يومين محادثات مع مسؤولي الحركة الشعبية. ومن المتوقع ان يصل زعيم الحركة جون قرنق الى رومبيك خلال الأيام المقبلة لحضور عملية تشكيل حكومة في الجنوب في ظل نظام من الحكم الذاتي المحدود مقرر لستة اشهر. وحسب الأمم المتحدة فان نسبة المتعلمين في جنوب السودان، الذي يقطنه 5.7 مليون نسمة، من اقل النسب في العالم وهي ادني من نسبة المتعلمين في النيجر التي تبلغ 24%. والأرقام المتعلقة بالفتيات بصفة خاصة مثيرة للقلق.

وتتبنى اليونيسيف في جنوب السودان نموذجا سبق تطبيقه في بنغلاديش من اجل تشجيع البنات على دخول المدارس.

وطبقا للتقديرات الحالية فان فتاة واحدة من بين 100 فتاة تكمل تعليمها الابتدائي في جنوب السودان وهي اسوأ نسبة في العالم طبقا لليونيسيف.

واجرت المنظمة دراسة حول اسباب امتناع الفتيات عن الذهاب الى المدارس وبدأت بعدها في اقامة مدارس مخصصة للبنات من اجل مواجهة المشكلة. وافادت هذه الدراسة ان بعض الاهالي يخشون من امتناع الفتيات عن المساعدة في الاعمال المنزلية اذا ذهبن الى المدارس وبعضهم الاخر يفضل ابقاء بناته في المنزل لاسباب تتعلق بالتقاليد والقيم السائدة.

ويقول باركر ان بعض الاهالي «يخشون ان تتعرض الفتيات لمضايقات من الفتيان في طريقهن الى المدرسة».

وبدأت اليونيسيف بناء على نتائج هذه الدراسة في اقامة مدارس مخصصة للفتيات في القرى تستغرق الدراسة فيها 3 ساعات يوميا وهو اقل من نصف عدد الساعات التي يمضيها التلاميذ في المدارس العادية.

ويشرح باركر انه «بتقليل ساعات الدراسة ونقل المدارس الى داخل القرى لا تبقى هناك موانع لارسال الفتيات اليها». ويقول المدير المساعد لهذا المشروع في اليونيسيف تشارلز افلينو ان هذه الطريقة أدت الى «اجتذاب الفتيات الى المدرســـــة» ويشــــير الى انه قبل ان يبدأ هذا المشروع كان يتعين على الفتيات السير على الاقدام ساعة ونصف الساعة للوصول الى اقرب مدرسة. واقامت اليونيسيف 174 مدرسة للبنات في جنوب السودان خلال 2004 مما ادى الى زيادة عدد الفتيات اللاتي يتعلمن في المدارس الى اكثر من 5 الاف.

ومدة الدراسة في هذه المدارس ذات الفصل الواحد ثلاث سنوات ولا يتجاوز عدد التلميذات فيها 35 ويقوم بتدريس جميع المواد مدرس واحد يتم اختياره من المجتمع المحلي. ويــــؤكد افلينو ان الفتيات لا يرتدين زيا مدرسيا ويجلسن على ملاءات يأتين بها من منازلهن ولكنهن طموحات ويتطلعن الى المستقبل. تقول اليزابث اين ميكر وهي تلميذة في الثامنة من عمرها «اريد ان اعمل في مكتب».

وتؤكد ان اللغة الانجليزية هي المادة المفضلة لديها وانها تريد حياة افضل تمكنها من مساعدة اسرتها بعد التخرج من المدرسة». وبعد ثلاث سنوات من التحاقهن بهذه المدارس تنتقل الفتيات الى الصف الخامس في المدارس العادية.

وقال باركر ان هذا النموذج يحقق نتائج جيدة ومعظم المدارس تستقبل عددا من التلميذات يزيد عن طاقتها الاستيعابية. واعرب عن امله ان تتبنى الحكومة المحلية في ما بعد هذا النموذج التعليمي اذا ما اصبح «جاذبا».

ويعتقد خبراء اليونيسيف ان الحاجة الى هذه المدارس ستتزايد مع عودة النازحين واللاجئين بعد توقيع اتفاق السلام في التاسع من يناير (كانون الثاني) الجاري ولذلك طلبت مضاعفة موازنة هذا المشروع التي تبلغ حاليا 5 ملايين دولار.

وتمول المنظمة بناء المدارس وتزويدها بالتجهيزات وكذلك برامج تدريب المدرسين.