الممثل الأفغاني حشمت خان: طالبان حرقت ذاكرة الأمة وأرشيف السينما

قال لـ «الشرق الاوسط» إن فيلمه الجديد يعبر عن قصة إنسانية في سنوات الجهاد وفي رأيه أن التطرف لا ينتمي إلى دين واحد

TT

رغم التعاليم المتشددة لحركة طالبان الأصولية، إلا ان النجم والممثل الأفغاني كان يشق طريقه بنجاح داخل استديوهات السينما الهندية، وكانت شرائطه تهرب سرا الى داخل كابل. وحشمت خان الذي التقته «الشرق الأوسط» بالقرب من حديقة بابر هو نجل المتحدث الرسمي باسم البرلمان الأفغاني في عهد الملك ظاهر شاه قبل ان تهاجر العائلة بأكملها من افغانستان فرارا من سنوات القتال ضد الروس عام 1984. وخان حاصل على ماجستير في العلوم السياسية من جامعة بومباي قبل ان يتحول الى التمثيل الذي تعلم فنونه في أكاديمية بومباي. وشارك خان في عدد من الأفلام الى جانب كبار نجوم السينما الهندية وقدم فيلمي «باندا دروازا» و«كيشان افتار» وهي أفلام رومانسية تطغى عليها الاستعراضات الغنائية. وقال حشمت خان لـ «الشرق الأوسط» ان اقسى شيء فعلته طالبان في النفس هو تدميرها لأرشيف السينما الافغانية بحرق مئات من شرائط الفيديو في الميدان العام. واضاف انهم احرقوا ذاكرة الامة الافغانية. واوضح ان الناس كانت تخاف من مشاهدة الفيديو عهد طالبان او حيازة الشرائط، لان ذلك يعني تعرضهم لعقوبة قاسية للغاية. ويرفض ان يكشف حشمت خان عن عمره الحقيقي، ونهر بشدة زميلا لي في الصحافة العربية، عندما سأله عن عمره، وقال له «لا تسأل أبدا السيدات او الممثلين عن اعمارهم، لأنه سؤال بدون جواب».

الا انه كشف لـ«الشرق الأوسط» انه من مواليد الثاني من شهر مارس (آذار).

واخرج حشمت خان ثلاثة افلام تعليمية ثقافية بلغة الداري عن افغانستان اولهما اسمه «ستارة» والآخر اسمه «عزيزتي افغانستان» والثالث اسمه «الحلم». واسس عام 1995 مؤسسة «رحيمي فيلم انترناشيونال» لانتاج الافلام الروائية في الهند على اسم والده حشمت ولي الله رحيمي المتحدث باسم البرلمان الافغاني. وكشف حشمت خان خلال لقائه مع الشرق الاوسط عن قرب انتهائه من اعداد اللمسات الاخيرة على فيلمه الروائي الطويل «ربيع الامل» (ساعتان و20 دقيقة) وميزانية الفيلم الجديد 120 الف دولار. ويحكي قصة المعاناة في بلاده منذ دخول السوفييت وحروب المجاهدين قبل ان تستولي طالبان على الحكم وتحرق شرائط الفيديو وتغلق التليفزيون ودور السينما وتضع على البلاد ستارة من التغييب والنيسان.

* فيلم «ربيع الأمل»

* ويتعرض الفيلم الجديد الذي كتب قصته حشمت خان للنسيج العرقي بين الطاجيك والبشتون والهزارة. وقال خان ان الفيلم الجديد سيراعي الاخلاق والتقاليد الافغانية. وقال ان فيلمه الجديد «ربيع الامل» يعبر عن قصة انسانية يجب ان تحكى في كل مكان. وفي رأيه ان التعصب والتطرف لا ينتميان الى دين واحد أو ثقافة واحدة. يمكن وجود تطرف في كل ثفاقة ودين. واشار الى ان صناعة السينما الافغانية دمرت تماما خلال 23 عاما من القتال ضد الروس ثم حروب المجاهدين قبل ان تستولي حركة طالبان على كابل عام 1996. واوضح انه سيحضر فريق من الفنيين الهنود لانجاز فيلمه الجديد اما الممثلون فجميعهم من الافغان، وبعضهم يقف امام الكاميرا لأول مرة في حياته. وعثر حشمت خان على فتاة افغانية حسناء تبلغ من العمر 25 عاما اسمها موزونة، 25 عاما، تقيم حاليا في بيشاور (باكستان) قبلت ان تؤدي الدور الرئيسي امامه، ويشارك في الفيلم ايضا ميمونة غزال وهي تؤدي دور الأم وجنان 29 عاما. والفيلم عبارة عن قصة حب بلغة البشتو، تدور احداثها بين احد المجاهدين وفتاة افغانية تبحث عن الامل والمستقبل لبلادها، ورفض خان ان يكشف مزيدا من التفاصيل من قصة الفيلة حتى «لا يحرقها». الا انه اشار الى انه اختار اماكن التصوير في كابل وجلال اباد وممر سالانج.

** خريج مدرسة الاستعراضات الهندية

* ويعترف حشمت خان انه خريج مدرسة الواقعية الهندية للسينما، ولكنه على الاطلاق لن يقلل من قيمة الاسلام ومكانته في اعماله الفنية المقبلة. واشار الى ان فيلمه الجديد ليس هندي الهوي أي فيه رقص وغناء ورومانسية واثارة. واوضح الممثل الافغاني ان حياة النساء تحسنت كثيرا بعد سقوط طالبان على الاقل في المدن حيث يذهبن الى المدارس وينخرطن في منظمات خاصة بهن ولهن صحفهن واذاعاتهن على «الاف ام». ولكن ريفيات كثيرات ما زلن أميات وتنقصهن الرعاية الصحية والوظائف ووسائل اطعام أطفالهن وهناك حتى الآن كثير من النساء يفقدن الحياة اثناء عمليات الولادة. وعلى خطى حشمت خان عاد الى كابل ايضا الممثل سليم شاهين بعد غياب ست سنوات في باكستان لإكمال فيلمين كان قد بدأهما قبل وصول طالبان الى الحكم، وكذلك عاد المخرج والمنتج صديق عبيدي ليساهم ايضا في دفع عجلة السينما الافغانية الى الامام. وجميع المهتمين بالسينما الافغانية يتحدثون عن فيلم «اسامة» لصديق بارماك، وقصة الفيلم تبعث القشعريرة في الجسم، وهي عن معاناة النساء في عهد طالبان البائد، وتضرب في عمق ماضي افغانستان عندما كانت النساء ضحايا قمع وحشي. وفيلم «اسامة» يتطلع الى المستقبل ايضا بقدر ما هو تحذير لبقية دول العالم من مخاطر هيمنة التيار الاصولي.

والفيلم لا صلة له بأسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» المتهم بتدبير هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة ولكنه عن طفلة أفغانية في الثانية عشرة تقص شعرها وتعيش كصبي وتعمل لتساعد امها الارملة وجدتها على البقاء في عالم لا تستطيع ان تعمل فيه المرأة أو تخرج من البيت بدون محرم. ويجري اعتقال أسامة مع اولاد آخرين لالحاقهم بالمدرسة الدينية حيث يكشفها تكوين جسمها وتحاكم وتجبر على زواج ملا كبير في السن. والفيلم مستلهم من قصة حقيقية تذكرها بارماك وهو يعيش في المنفى في باكستان حيث اضطر للهرب من بلاده بعد اسبوعين من تولي طالبان الحكم في 1996. وقد اطاحت بطالبان قوات أميركية في 2001 لايوائها تنظيم القاعدة بزعامة ابن لادن. واثناء رئاسته لهيئة السينما الافغانية قبل تولي طالبان كان بارماك من ابرز المخرجين في افغانستان التي انتجت نحو 40 فيلما روائيا قصيرا فقط خلال 100 عام. وكل أفلامه التسجيلية والروائية القصيرة دمرت في عهد طالبان. وثبت ان اخراج «أسامة» عملية أصعب من مجرد ايجاد واصلاح الكاميرا (35 ملليمترا) الملائمة والوحيدة في افغانستان، بالاضافة الى التمويل الذي اسهمت فيه ايران.

وبحث بارماك في المدارس ومخيمات اللاجئين وملاجئ الايتام في صيف 2002 عن شخصيات حقيقية لفيلمه وعشرات الكومبارس واغلبهم نساء. أما البنت التي تقوم بدور أسامة في الفيلم واسمها مارينا جولبهان فكانت تتسول في احد شوارع كابل.