المعارضة اللبنانية مرتاحة لاعتماد القضاء دائرة انتخابية والموالون يعتبرونه «مشروع فتنة مذهبية وطائفية»

TT

تقدم القضاء كدائرة انتخابية على ما عداه من اقتراحات لقانون الانتخاب اللبناني الجديد الذي ستجرى الانتخابات النيابية المقبلة على اساسه، ما أضفى جواً من الارتياح في اوساط المعارضين الذين كثفوا لقاءاتهم وتحركاتهم سعياً الى توحيد صفوفهم وتجاوز تناقضاتهم، فيما بدا الحذر واضحاً في صفوف الموالين الذين رأوا في اعتماد القضاء، وهو اصغر تقسيم اداري في لبنان، «مشروع فتنة مذهبية وطائفية».

وعقب لقائه البطريرك الماروني نصر الله صفير، أول من أمس، التقى الرئيس اللبناني اميل لحود امس راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران بولس بشارة الذي يرأس، مكلفاً من صفير، اجتماعات «لقاء قرنة شهوان» المسيحي المعارض. ورأت مصادر لبنانية موالية ان زيارة بشارة للقصرالجمهوري ولقاءه الرئيس لحود «دليل على ان اللقاء المطول الذي جمع الرئيس لحود والبطريرك صفير كان مثمراً خصوصاً في ما يتصل بقانون الانتخابات النيابية».

وافاد احد هذه المصادر بان الرئيس لحود «وضع المطران بشارة في اجواء التحضيرات الجارية لاعداد قانون الانتخاب بعد حسم الخيار باتجاه اعتماد القضاء، وهو المطلب الذي نادت به المعارضة» مضيفاً ان المطران بشارة «خرج مرتاحاً من لقائه مع الرئيس لحود». ورأى المصدر انه «ليس للمعارضة بعد الآن اي عذر او مبرر لشن الهجمات على السلطة بعدما برهنت التطورات المتصلة بصيغة القانون الانتخابي وفاء السلطة بتعهداتها في هذا المجال». واعتبر ان زيارة المطران بشارة الى القصر الجمهوري «تؤشر الى مباركة المرجعية الدينية المارونية لخيار اعتماد القضاء، وهو الخيار الذي شدد عليه البطريرك صفير والمعارضة والذي تبناه رئيس الجمهورية. الامر الذي سينعكس في المستقبل ارتياحاً على الساحة السياسية اللبنانية بعد مرحلة التشنج التي مرت بها».

من جهته، اكتفى المطران بشارة بالقول: «لقد اطلعني فخامة الرئيس على التحضيرات الجارية لاعداد قانون جديد للانتخابات النيابية يحقق تمثيلاً صحيحاً يعبّر عن توجهات اللبنانيين ويعتمد معياراً واحداً. وقد تداولنا في هذا الموضوع».

وفي المقابل، تكثفت في الساعات الماضية الاتصالات واللقاءات بين مختلف القوى المعارضة سعياً لتوحيد الصفوف عشية الاستحقاقات السياسية الاساسية وفي مقدمها الانتخابات النيابية. وكان البارز في هذا السياق الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس السابق للجمهورية امين الجميل والقائد السابق للجيش العماد ميشال عون، وهو الاول بينهما منذ فترة طويلة حيث تناول البحث، وفق معلومات نشرتها وكالة الانباء المركزية «اهمية التوافق بين قوى المعارضة وتجاوز العقبات التي تعترض ذلك».

وقد تم الاتصال بين الجميل وعون خلال استقبال الرئيس الاسبق في دارته في سن الفيل صباح امس وفداً من «التيار الوطني الحر» المؤيد لعون حيث جرى عرض للمراحل التي قطعتها الاتصالات بين اطراف المعارضة والاستعدادات الميدانية للانتخابات المقبلة. وشدد الجميل على اهمية ان يتم الاتفاق على برنامج عمل يتجاوز الاستحقاق الانتخابي الى البحث في مستقبل الوضع اللبناني.

وكان الجميل قد التقى اول من امس عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي وائل ابو فاعور، موفداً من رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، وذلك عشية سفر ابو فاعور الى باريس للقاء العماد عون الذي كان اجتمع مع عميد حزب «الكتلة الوطنية» كارلوس اده. وقد وضع ابو فاعور الرئيس الجميل في صورة الاتصالات غير المباشرة التي جرت مع العماد عون والمواضيع التي سيناقشها معه خلال لقائهما في باريس، اضافة الى البحث في موضوع برنامج التحرك الذي وضعته مختلف قوى المعارضة تمهيداً لاعلانه في الوقت المناسب.

الى ذلك عقدت لجنة المتابعة لـ «لقاء البريستول» المعارض اجتماعاً بعد ظهر امس في مقر «حركة اليسار الديمقراطي». ويزور النائب جنبلاط رئيس حركة «التجدد الديمقراطي» النائب نسيب لحود في منزله اليوم.

وكان البطريرك صفير الذي يغادر بيروت فجر اليوم متوجهاً في زيارة الى اوروبا يبحث خلالها الاوضاع اللبنانية والاقليمية مع البابا يوحنا بولس الثاني والرئيس الفرنسي جاك شيراك، التقى امس النائب فؤاد السعد (عضو كتلة النائب جنبلاط) الذي بحث معه في قانون الانتخاب المرتقب، مشيراً الى انه «متمسك بالقضاء كدائرة انتخابية لانه يريح كل الفئات». وقال: «لقد آن الاوان لانسحاب القوات السورية من لبنان على الاقل الى منطقة البقاع. وآن الاوان لان تكف الاجهزة السورية يدها عن لبنان، وان تكف الاجهزة اللبنانية يدها عن الحياة السياسية».

والتقى صفير النائب عبد الله فرحات (عضو كتلة جنبلاط أيضاً) الذي قال عقب اللقاء: «مهما كانت التقسيمات الانتخابية فإن الجبل ثابت تحت راية المصالحة الكبرى التي اضحت مسيرة كبرى يقودها كل من الزعيم الوطني وليد جنبلاط وغبطة البطريرك نصر الله صفير لاستكمال المصالحة الوطنية الشاملة ولمّ شمل جميع اللبنانيين». واعتبر الرئيس السابق للجمهورية امين الجميل ان «القضاء هو الذي يؤمن صحة التمثيل». وشدد على «اهمية التعاون بين قوى المعارضة». وقال:« ولكن الموضوع الاهم الذي نبحثه الآن ان يكون هناك مشروع مشترك لما بعد الانتخابات، اي نظام لأي لبنان، ليعود لبنان ويستعيد دوره في هذه المنطقة».

ورأى النائب فارس بويز ان «اعتماد القضاء دائرة انتخابية امر يصحح بعض الخلل الذي تميزت به القوانين السابقة»، مشيراً الى «ان العبرة تبقى في تعميم هذا المبدأ على كل الاراضي اللبنانية ضمن مقياس واحد، واجراء الانتخابات بشفافية حقيقية من دون ممارسة الترغيب او الترهيب».

وعارض الرئيس السابق للحكومة سليم الحص اعتماد القضاء دائرة انتخابية، محذراً من انه «سيكون من شأنه تعزيز اسباب الفرز الفئوي في البلاد». وآمل «ان لا يمر هذا المشروع في مجلس النواب، الذي كان رئيسه (نبيه بري) يصر على صيغة مغايرة، نحن نعتبرها اكثر عدالة وادعى الى ضمان ديمقراطية التمثيل واحتواء حدة الطائفية».

وبحث وزير البيئة وئام وهاب ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي جبران عريجي في قانون الانتخاب و«الوضع في الجبل». وقال وهاب أمس: «أكدنا على ضرورة التنسيق بين كل القوى المؤمنة بخط واحد على ساحة الجبل وعلى ساحة لبنان بشكل عام. واكدنا على ضرورة توحيد هذه القوى في مواجهة المرحلة المقبلة بالنسبة لقانون الانتخابات». أما عريجي فقال: «في رأينا ان العودة الى موضوع الاقضية هي خطوة تراجعية وليست خطوة في اتجاه تطوير النظام السياسي في لبنان».