العراق: دعوات للمصالحة وأخرى للمقاطعة والشارع يهنئ نفسه بالانتخابات

الحافظ والتيار الصدري والسفير الفرنسي في جامع أم القرى

TT

تتواصل في بغداد هذه الأيام الاجتماعات السرية والعلنية في أروقة الحكومة وخارجها وفي داخل الجوامع ومقرات الأحزاب للوصول إلى رؤيا اشمل تتزامن مع إعلان النتائج النهائية للانتخابات التي جرت في الثلاثين من يناير (كانون الثاني) الماضي.

«الشرق الأوسط» وقفت على بعض أبواب تلك الاجتماعات واستمعت الى ما يدور خلفها كدعوات المصالحة التي حملتها أطراف حكومية الى ممثلي الطائفة السنية في العراق مثلا، او بين هذا الحزب او ذاك او بين هذه الشخصية السياسية وتلك.

أول أبواب الرحلة كانت في جامع ام القرى وأمام قاعة تعليم القرآن الكريم حيث بدأ اللقاء الاول بين مهدي الحافظ وزير التخطيط العراقي ومثنى حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين علنيا أمام عدد قليل من الصحافيين، لكن سرعان ما أغلقت الأبواب ليبدأ الحديث البعيد عن العلنية، وكان في الطرف الآخر من الجامع السفير الفرنسي ينتظر لإجراء مباحثات أخرى مع الضاري الذي أكمل للتو مباحثات مع ممثلين للتيار الصدري والتي حجبت فحوى هذه الاجتماعات عن كاميرات الإعلاميين وأجنداتهم الصحافية. قال الحافظ قبل بدأ الاجتماع «نأمل ان تكون البداية جيدة وتسودها روح التجمع والالفة والمصالحة لتجميع كل الأطراف في عراق موحد. ولا بد ان يكون هنالك حوار في جو سلمي تسوده روح المحبة ونبذ العنف ومظاهر الاعتداء، واذا سادت هذه الروحية لا بد ان تكون هناك حلول جذرية لكل الأمور». وأكد الحافظ ان القضية الأساسية هي «المواطنة وهي المعيار الأساسي في العراق وان الأكثرية والأقلية هي أشياء مفتعلة سواء كانت قومية او دينية او مذهبية ولا يحق لأي جهة كانت أكثرية او أقلية، مصادرة رؤى الطرف الآخر».

وأشار الحافظ الى «ان الجميع عليهم ان يعرفوا ان حل المشاكل ينبع من تحقيق التوافق في الحوار بعيدا عن العنف والسيارات المفخخة. وقد شهد البلد أحداثا كثيرة ما زالت آثارها موجودة وعلينا كعراقيين بناء مؤسسات الدولة لبناء حكومة شرعية تتعامل مع أبنائها في الداخل ومع الدول الاخرى في الخارج».

بعدها دخل طرفا الحوار في جلسة سرية أعلمتنا مصادرنا داخل الجلسة ان مثنى حارث الضاري طالب بجدول زمني لخروج القوات الاميركية من العراق للمشاركة في حوار وطني او المشاركة في كتابة الدستور، مشيرا الى ان «هناك الكثير من التحضيرات سيتم اتخاذها اذا ما فرضت علينا حكومة لا تمثل غالبية الشعب العراقي». كما اشار المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه الى ان مهدي الحافظ كان يمثل تجمع الديمقراطيين المستقلين لفتح الحوار مع هيئة العلماء المسلمين. واعتبر السفير الفرنسي في بغداد برنار باجوليه اثر اجتماع عقده مع مسؤولين في هيئة علماء المسلمين أمس، ان تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من العراق «سيسهل» مشاركة كافة العراقيين في العملية السياسية.

وقال باجوليه «إن تحديد أفق لوضع حد لانتشار القوات الأجنبية سيسهل مشاركة كافة العراقيين في العملية السياسية». وأضاف السفير الذي كان يتحدث باللغة العربية «ان الانتخابات جرت بشكل مرض لكننا نشعر بالقلق من عدم مشاركة شريحة كبيرة من الشعب». وقال «كل المساعي المبذولة حاليا يجب ان تتمحور حول مشاركة كافة العراقيين في العملية السياسية» لا سيما صياغة الدستور.

اما في الشارع العراقي فقد لمست «الشرق الأوسط» فرحا غامرا يعم أبناء الطائفة الشيعية بعد الإعلان عن النتائج الأولية في عشر محافظات عراقية والتي أشارت الى تصدر قائمة الائتلاف العراقي الموحد على بقية الكيانات السياسية المشاركة في العملية. ولاحظت «الشرق الأوسط» ان هناك عددا كبيرا من المواطنين بدأوا بالتوافد على مقرات الأحزاب المؤتلفة تحت القائمة 169 لمعرفة النتائج النهائية للانتخابات، فيما شعر بعض ناخبي الأحزاب الأخرى التي لم يرد ذكرها كأحد المتصدرين في النتائج الأولية بالإحباط لما أفرزته تلك النتائج، وعلى الرغم من ذلك هم يشعرون بالاعتزاز لان الحقائق واضحة، كما اكد الكثير ممن التقتهم «الشرق الأوسط» في جولة حرة، إذ قال بعض العراقيين «لا وجود للتزييف في الحقائق التي تفرزها نتائج الانتخابات سواء كانت أولية ام نهائية، ونحن نعلم ان اغلب الأحزاب المرشحة للانتخابات سيكون لها مقاعد في الجمعية الوطنية وهذا الأمر يرضي كل الأطراف وان شعر البعض بالإحباط في تفاوت النسب».

وسعت أحزاب وكيانات أخرى الى تقديم الاعتراضات للمفوضية العليا للانتخابات حول بعض الانتهاكات التي جرت في مراكز الانتخابات. وقال نجم الربيعي المسؤول في شبكة «عين العراق» لمراقبة الانتخابات ان «نسبة الخروقات التي جرت ضئيلة جدا، وهناك الكثير من الأحزاب التي اعترضت على النتائج الأولية الى لجنة الطعون والشكاوى التابعة للمفوضية ولم يتم البت في مضامين هذه الطلبات لحد الان، وقد ناشدنا المفوضية النظر في مضامين الطلبات وفي أصوات عدد من الناخبين الذين لم يدلوا بها نتيجة لأسباب لوجستية وعددهم بحدود 12 ألف ناخب في محافظة الموصل ومناطق أخرى من العراق». وقال الدكتور فريد ايار الناطق الرسمي باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، ان لجنة من المفوضية غادرت الى الموصل لدراسة واقع الحال الذي آلت اليه بعض التداخلات خلال يوم الانتخابات. كما توقع ايار ان تفرز المراحل النهائية من عمليات فرز الأصوات العديد من الاعتراضات، و«هو امر طبيعي لأي ممارسة ديمقراطية في العالم وعلينا الأخذ في نظر الاعتبار انها التجربة الاولى في العراق.