تضحية بطل غيرت مزاج العراقيين وعززت موقفهم المناوئ للمتمردين

TT

مع بطل قدم حياته للانتخابات استرجع النشيد الوطني حياته حيث راح يتردد من مكبرات صوت محمولة فوق السيارات، كذلك بدا الناس أكثر استعدادا لمساعدة رجال الشرطة في عملهم وكأن المزاج العام قد تغير تماما ضد التمرد في العراق، حسبما قال مسؤولون سياسيون وأمنيون.

فخلال الأسبوع الذي أعقب الانتخابات تسلم رجال الحرس الوطني والشرطة الكثير من الإخباريات من الجمهور وترتب على ذلك القبض على عدد أكبر من المشتبه فيهم وفعالية أكبر في جهودهم الهادفة لإضعاف التمرد العنيف الذي زعزع أمن البلد.

ولم يقل أي من المسؤولين إن العنف قد انتهى. لكن المسؤولين في بغداد يؤكدون أن العنف عرف انخفاضا كبيرا في العاصمة العراقية; وهذا ما عمق القناعة بأن شيئا جوهريا قد تم تغييره منذ انتهاء انتخابات 30 يناير (كانون الثاني)الماضي. وأي تغير في السلوك داخل بغداد قادر على جعل الأمور مختلفة عما كانت عليه من حيث محاربة التمرد، وبدأ تصاعد مشاعر الفخر بالنفس بين الناس بتغيير الطريقة التي كان الجمهور يتعامل وفقها مع سلطات الشرطة. وقال العريف حيدر عبد الهادي من الحرس الوطني الذي كان يرتدي سترة واقية من الرصاص عند نقطة تفتيش «إنهم شاهدوا ما قمنا به من أجلهم أثناء الانتخابات بتوفير السلامة لهم، والآن هم يفهمون أن أفراد هذا الجيش هم أبناؤهم».

وعكست تقارير العراقيين تحولا مماثلا في المواقف في المناطق الكبيرة في الشمال والجنوب، على الرغم من ان السلطات اعترفت بأنه في بعض أجزاء البلاد بقي الناس مناوئين للسلطة العراقية وداعمين، بدرجات متفاوتة، للمتمردين.

وقال علي جاسم، 32 عاما، صاحب مخبز في بغداد «اشعر بتفاؤل كبير بأن الأمور ستتغير نحو الأفضل بسبب ما أدت إليه الانتخابات من نتيجة قوية. وقد عزز ذلك إيماننا ومنحنا إحساسا بالتغيير نحو الأفضل».

وقال حيدر عبد الحسين، 30 عاما، وهو صاحب صيدلية «تستطيع أن تشعر بان الوضع تغير. فالناس يبدون مستعدين للبقاء في الشوارع حتى وقت متأخر. ويمكنك ان تحس بالزخم وبحس التفاؤل».

وكان جزء من تغير المزاج ذلك مرتبطا بآخر بطل وطني للعراق. ففي يوم الانتخابات لاحظ عبد الأمير، الشرطي البالغ 30 عاما، رجلا يسير باتجاه مركز انتخابي بدا أنه كان يحمل شيئا ثقيلا تحت سترته. وقد طوق عبد الأمير الرجل بذراعيه وسحبه بعيدا عن الحشد. وانفجر حزام المتفجرات الذي كان يرتديه الرجل بكلا الرجلين وحولهما الى أشلاء.

واعتبرت الحكومة العراقية عبد الأمير رمزا للاعتداد الوطني. وظلت الصحف المحلية تمتلئ بالقصص حوله وحول بطولته، ويجري التخطيط لإقامة نصب له، وقد تغير المدرسة، التي كانت مركزا انتخابيا وكان يساهم في حراستها عندما قتل، اسمها لتحمل اسمه تمجيدا لبطولته وذكراه.

وقالت نجاة عبد الستار مديرة المدرسة حيث الأطفال ذوو العيون المشرقة يدرسون في صفوف كونكريتية كئيبة على بعد أمتار من المكان الذي صرع فيه عبد الأمير «عندما رأى الناس ما فعله قالوا اننا لن ندع أولئك الأشخاص الذين يمارسون العنف يذلوننا». وبينما كان هناك ثلاثة أو أربعة اشخاص في الطابور عند الانفجار، كان هناك ما يتراوح من 30 الى 40 بعد حدوث الانفجار، وفقا لما قاله محمد الحديثي الذي يعيش بالقرب من المدرسة.

وكان التغير جليا أيضا في الشعبية الخيرة التي حققها نشيد «موطني»، وهو نشيد كان صدام حسين قد منعه ولكنه أعيد من جديد كنشيد وطني. وفي هذا النشيد يعبر العراقيون عن المجد والروح الوطنية حيث تبثه الإذاعات ومكبرات الصوت الموجودة في شوارع العاصمة.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)