جدل حول اللجنة المكلفة محاربة الفكر المتطرف في الكويت

مثقفون كويتيون: كيف لنا أن نحارب التطرف بالتطرف؟

TT

ثار في الكويت جدل واسع بين شرائح اجتماعية مختلفة تركز معظمه حول أحقية تعيين وزير الأوقاف لأعضاء اللجنة المكلفة نشر فكر الوسطية ومكافحة التطرف، بل تساءل البعض عن مدى أحقية وزارة الأوقاف نفسها بالضلوع في هذا الأمر الذي يجب أن يكون مناطا بمؤسسات أخرى في الدولة مثل وزارتي الإعلام والتربية. وذهب البعض الآخر إلى سجل من تمت تسميتهم أعضاء في اللجنة سعيا وراء مواقف معلنة ومنشورة لهم وحملت بين طياتها تأييدا واضحا للفكر المتطرف ودعوة صريحة إلى تكفير بعض رموز الدولة من سياسيين واكاديميين وإسباغ صفات مختلفة عليهم مثل العلمانية والليبرالية لتأكيد تكفيرهم وعزلهم عن المجتمع والحياة العامة.

وقال د. احمد المنيس الأستاذ في جامعة الكويت وعضو المنبر الديمقراطي الكويتي لـ «الشرق الأوسط» ان توجه الحكومة يجب أن يتعدى نطاق تشكيل مجرد لجنة لمحاربة الفكر المتطرف لتشمل الخطة تفعيل حلول جذرية وسريعة لمختلف القضايا التربوية والإعلامية بالإضافة إلى منح مزيد من الحريات على الصعيد الشخصي والعام والتوجه الجدي نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أما إنشاء مثل هذه اللجان فهو برأيي محاولة لتجميل صورة الحكومة أمام الرأي العام لكن بطريقة غير صحيحة، فالفكر الديني المتطرف فكر غريب على مجتمعنا الكويتي، ومع ذلك شهدنا من يقف وراءه ويصفق له لا سيما من داخل الحكومة التي خضعت بشكل أو بآخر للابتزاز السياسي من قبل بعض القوى الإسلامية.

ويوافق هذا الرأي الكاتب الصحافي حسن العيسى الذي هاجم في مقالاته المنشورة أمس أعضاء اللجنة عارضاً نماذج من مواقفهم المؤيدة لهذا النوع من التطرف الفكري. وقال العيسى لـ «الشرق الأوسط»: «كيف لنا أن نحارب التطرف بالتطرف فالغالبية العظمى من أعضاء هذه اللجنة متطرفون قلبا وقالبا وتاريخهم يشهد على ذلك، وبالتالي لا يمكننا أن نوكل إليهم مهمة محاربة ما يؤمنون به، فهم من زرع بذرة هذا الفكر ونحن من يحصد ثمارها حاليا».

واكد العيسى رفضه القاطع لوجود لجنة تتخذ من الشرع دائرة تدور حولها وتهمل أي منحى فكري يستلهم العقل أو المنطق. وقال: «إذا كانت لدى هؤلاء أدلة شرعية للرد على التطرف كما يزعمون، فهناك من سيجابههم ويأتي بردود أخرى تبيح ما قامت به جماعات الإرهاب المنظمة، طالما يحصرون المسألة داخل دائرة الشرع».

وردا على الاتهامات الموجهة لهذه اللجنة، أكد د. محمد الطبطبائي عضو اللجنة وعميد كلية الشريعة بجامعة الكويت لـ «الشرق الأوسط» ان هدف اللجنة هو بث أحكام الشريعة السمحاء وتبيين حقيقة الوسطية في الإسلام كما استقيناها من خالقنا عز وجل ومن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي حذرنا من التطرف والغلو ولم يكن من المناسب مهاجمة هذه اللجنة أو احد أعضائها وبث الأحكام عليها بعشوائية وبشكل مسبق من دون انتظار ما ستقدمه من تصورات وحلول ممكنة للوضع الراهن بل كان من المفترض أن يتقدم من هاجموها باقتراحات وخطط مستقبلية قد تفيد اللجنة في ميدان عملها ونحن ككل الكويتيين صدمنا بما فعلت هذه الجماعات الإرهابية لأن أعمالهم التخريبية تلك ليست من الإسلام في شيء، فضلا عن أن أعضاء هذه اللجنة لهم جهود سباقة في مكافحة الفكر المتطرف اذكر منها بحثا قدمته في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض يتعلق بكيفية معالجة الأفكار المتطرفة، كما أن هناك بحثا آخر أشارف على الانتهاء منه حول الأحكام الشرعية في قتال أهل البغي تزامنا مع ما نشهده في الكويت من أعمال إرهابية مؤسفة.

ولدى السؤال عن التصور البديل لأعضاء هذه اللجنة، شدد حسن العيسى على أهمية أن تضم اللجنة قوى فكرية تقدمية تسهم في نشر الوعي الفكري بين فئات المجتمع كافة بالإضافة إلى تضمينها أعضاء مختارين من وزارات لها دورها على هذا الصعيد كوزارتي الإعلام والتربية وان تعمل هذه اللجنة من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات والأنشطة بشكل يتوازى مع الاستراتيجية الموضوعة من قبل الحكومة لنشر الوسطية والقضاء على التطرف.

ومن جانبه، شرح عضو البرلمان النائب صالح عاشور ديناميكية عمل اللجنة، موضحا انها مكونة من شقين الأول شرعي مؤلف من بعض علماء الدين باختلاف خلفياتهم الفكرية والمذهبية، وقد شهدنا تحفظا من البعض على بعض أعضائه حيث يعتقد بتشددهم الديني وتشجيعهم أو تعاطفهم مع فكر بعض الجماعات الإرهابية لكن هذا لا يمنع حقيقة أن اللجنة تضم بين أعضائها أكثر من توجه وأكثر من فكر، وسيكون هناك طرح للرأي والرأي الآخر بين الأعضاء حتى يتوصلوا في النهاية إلى صياغة التصورات التي تتلاءم مع الهدف المنشود من تشكيل هذه اللجنة، والشق الثاني عبارة عن لجنة فكرية ثقافية تتكون من كافة التيارات الإعلامية والاجتماعية والتربوية وهدفها هو خلق جو من الحوار بينها للوصول إلى اصل هذا الفكر الغريب على مجتمعاتنا واجتثاثه.