رايس تعلن تعيين منسق أمني لأجهزة الأمن الفلسطينية وتدعو شارون وعباس لزيارة البيت الأبيض لبحث خريطة الطريق

مخاطبتها أبو مازن بـ«سيدي الرئيس» لم تمنع «خيبة أمل» فلسطينية من المباحثات * اللجنة الرباعية تجتمع قريبا

TT

أعلنت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية عن تعيين الجنرال ويليام وورد ليكون منسقا أمنيا بين الاسرائيليين والفلسطينيين في اطار عملية السلام في الشرق الاوسط. وكان وورد قائدا سابقا لقوة اعادة الاستقرار للبوسنة بعد الحرب، كما قام بمهام سابقة في مصر والصومال والمانيا وكوريا الجنوبية. وقالت رايس بعد مباحثاتها مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) ان اللجنة الرباعية ستجتمع قريبا لاحياء مباحثات السلام، كما اعلنت ان ابو مازن ورئيس الوزراء الاسرائيلى ارييل شارون قبلا دعوة الرئيس الاميركى جورج بوش لزيارة البيت الابيض في الربيع المقبل لبحث اجراءات تطبيق خريطة الطريق. واكدت الوزيرة الاميركية ان تعيين مبعوث أمني لاصلاح اجهزة الأمن الفلسطينية دليل على عزم واشنطن السير قدما في عملية السلام. واشادت رايس، التي مر موكبها امام قبر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي توفي في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) من دون التوقف، بالاجراءات الأمنية التي اتخذها ابو مازن منذ وصل للسلطة، كما اشادت بالانتخابات الفلسطينية. وبالرغم من تعهد الوزيرة الاميركية بزيادة مساعدات واشنطن للسلطة الفلسطينية، وتعيين المنسق الأمني، فان مصادر فلسطينية مطلعة قالت ان هناك خيبة امل من مباحثات رايس في رام الله، اذ انها ركزت على الاجراءات الأمنية التي يتوجب على الفلسطينيين القيام بها من دون ان تحدد اي خطوات سياسية حقيقية لاحياء خريطة الطريق، كما رفضت ممارسة اي ضغط على اسرائيل فيما يتعلق بموضوع الاسرى وغير ذلك من القضايا، واعتبر المسؤولون الفلسطينيون ان رايس تبنت وجهة نظر الاسرائيليين في جوهر النزاعات بين الطرفين. وقالت رايس في مؤتمر صحافي بمطار تل ابيب قبل مغادرتها امس بعد مباحثاتها مع ابو مازن ان المبعوث الأمني الجديد ويليام وورد سيزور المنطقة في الاسابيع المقبلة من أجل «اجراء تقييم أولي». وتابعت «سيساعد الجنرال وورد السلطة الفلسطينية في تنسيق وتوسيع جهودها في الآونة الاخيرة بشأن الأمن وسيشجع على استئناف التنسيق الأمني الاسرائيلي الفلسطيني». وأضافت «الجنرال وورد سيعمل أيضا مع مصر والاردن والاخرين لتنسيق سبل المساعدة للسلطة الفلسطينية وهي تشيد قدراتها الأمنية لانهاء العنف والارهاب واستعادة القانون والنظام». وشاركت وكالة المخابرات المركزية الأميركية في اخر مجموعة مراقبة ولكنها أوقفت عملها بعد قتل ثلاثة أميركيين في غزة عام 2003.

وقالت رايس «الفكرة ان يكون هناك شخص مسؤول عن مساعدة الفلسطينيين على اصلاح قواتهم الأمنية وعن مراقبة الهدوء الجديد على الارض. ولن يكون هذا بديلا عن الجهود والانشطة التي يقوم بها الجانبان بأنفسهم». واستطردت «أعتقد انه من المهم جدا ان يكون للاسرائيليين والفلسطينيين منسق أمني ثنائي وان يكون قويا وحاسما في التعامل مع المشاكل». وتابعت «ما من شك في التزام واشنطن بهذه العملية في الوقت الراهن، ما من شك في التزام الرئيس». وسيهتم وورد بتدريب وتجهيز قوات الأمن الفلسطينية حتى تتمكن من اعادة بناء نفسها، ومن فرض النظام وسيادة القانون ومنع العمليات المسلحة ضد اسرائيل. وقالت مصادر مطلعة ان رايس، اثر الرفض الاسرائيلي، تنازلت عن فكرتها الأساسية حول اقامة جهاز «مراقبة دولي» بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة أوروبا وروسيا واليابان لمراقبة تطبيق الطرفين للاتفاقيات، كما تنازلت عن فكرة ارسال وسيط أميركي لادارة الاتصالات بينهما. وبدلا من ذلك قررت ارسال المنسق الأمني. كما قالت رايس انها تتوقع ان تعقد اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الاوسط اجتماعا على مستوى عال في وقت لاحق من الشهر الحالي. واعربت عن اعتقادها بأن الاجتماع سيجري قبل المؤتمر الذي سيعقد في لندن في 1 ـ 2 مارس (اذار) المقبل للتحضير لاقامة دولة فلسطينية. واضافت قبيل مغادرتها متوجهة الى روما «نتوقع ان يسبق مؤتمر لندن اجتماع للجنة الرباعية ربما يكون على مستوى كبار المسؤولين». كما أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية ان شارون وعباس سيزوران البيت الابيض في الربيع لاجراء محادثات. وقالت رايس ان الرئيس الأميركي جورج بوش وجه الدعوة الى كل من عباس وشارون لزيارة البيت الابيض وانهما قبلا الدعوة. وتعهدت بأن تدعم واشنطن جهود ابو مازن لانهاء العنف ضد اسرائيل واجراء اصلاحات مؤسسية. وذكرت أيضا ان الولايات المتحدة ستقدم 40 مليون دولار خلال الثلاثة اشهر المقبلة للعمل على توفير فرص عمل للفلسطينيين والاستثمار واعاة بناء الاقتصاد. واقترح الرئيس الأميركي تخصيص 350 مليون دولار اجمالي هذه المساعدات.

ايضا دعت رايس الفلسطينيين والاسرائيليين الى بذل «اقصى الجهود» لمنح السلام في الشرق الاوسط فرصة. وقالت «حان الوقت ليبذل الطرفان اقصى الجهود لمنح السلام الحقيقي فرصة».

واضافت «شعرت من محادثاتي هنا ومع رئيس الوزراء الاسرائيلي ان الجانبين يدركان الفرصة التي امامهما وكذلك مسؤولياتهما».

واشادت بالخطوات الملموسة التي اتخذها الرئيس الفلسطيني لمنع الهجمات ضد اسرائيل.

وقالت «نحن مسرورون لان الرئيس عباس يتخذ خطوات ملموسة بشأن الأمن واستعادة القانون والنظام». وكان عباس امر بنشر الاف من عناصر اجهزة الأمن الفلسطينية في قطاع غزة في محاولة لمنع الهجمات.

واعربت رايس عن ثقتها بنجاح القمة التي ستعقد بين شارون وعباس في شرم الشيخ اليوم. وقالت «سأغادر المنطقة وانا واثقة من نجاح الاجتماع الذي سيعقد غدا بين الرئيس عباس ورئيس الوزراء شارون». واكدت ان الولايات المتحدة «عازمة على بذل ما بوسعها في الاسابيع والاشهر المقبلة» لتحريك عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. وكانت رايس قد وجهت حديثها الى عباس قائلة «سيدي الرئيس» او Mr president بدلا من رئيس السلطة chairman، كما كان المسؤولون الأميركيون يخاطبون الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. لكن بخلاف الاجواء خلال المؤتمر الصحافي المشترك لكل من عباس ورايس، قالت مصادر فلسطينية وثيقة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» ان خيبة امل خيمت على المسؤولين الفلسطينيين الذين التقوا رايس عندما ركزت حديثها على الالتزامات الأمنية الواجب على السلطة القيام بها، وحديثها المسهب عن ضرورة اصلاح الاجهزة الأمنية، و«مكافحة الارهاب». وحسب هذه المصادر فعندما تحدثت رايس عن «خريطة الطريق» رفضت طلبا فلسطينيا بتفصيل الخطوات التي تراها الولايات المتحدة ضرورية لتطبيق الخطة. كما تجاهلت مطالب المسؤولين الفلسطينيين المتعلقة بالضغط على رئيس الوزراء الاسرائيلي من اجل زيادة عدد الاسرى المنوي الافراج عنهم من سجون الاحتلال، فضلا عن تضمينهم اسرى من الذين يقضون احكاما طويلة بالذات من الذين ادينوا بقتل وجرح اسرائيليين. واعرب العديد من المسؤولين الفلسطينيين عن انطباعهم بأن رايس لا تنوي التدخل لدى اسرائيل من اجل تغيير مواقفها المتطرفة من قضية الاسرى. ومن ناحيته، قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في المؤتمر الصحافي المشترك مع رايس انه يأمل في التوصل الى «دولة فلسطينية مستقلة متصلة قابلة للحياة». وعبر عباس عن امله في التوصل الى «دولة فلسطينية مستقلة متصلة قابلة للحياة تعيش جنبا الى جنب مع دولة اسرائيل بأمن وسلام».

وأضاف أن «الفلسطينيين يصلون إلى قمة شرم الشيخ بمطالب واضحة مثل وقف الاستيطان وبناء الجدار الفاصل، وما تقوم به إسرائيل في منطقة القدس، كل هذه المطالب تأتي في ظل إعلان الفلسطينيين عن وقف لإطلاق النار». وتابع «القمة تعقد بعد إجراء سلسلة لقاءات مع الإسرائيليين عرضنا خلالها مطالبنا. القمة لن تكون نهاية الطريق. يجب أن تكون هناك لقاءات أخرى بين الجانبين بمستويات عالية جدًا من أجل العمل على استكمال الانسحاب غزة وتطبيق خريطة الطريق». الى ذلك، قال وزير الخارجية الفلسطيني نبيل شعث ان رايس «اتية لتدعم ما نقوم به». واضاف ان الوزيرة الاميركية «تريد تسريع عملية السلام كما قالت والعودة الى خريطة الطريق» خطة السلام الدولية المدعومة من الولايات المتحدة لحل النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني. واشار الى ان رايس «تدرك اننا قمنا بالكثير بارادتنا وباتفاقنا الوطني حول التهدئة ومطلوب ان تقدم لنا الدعم»، موضحا «سنطرح عليها مطالبنا حول وقف اطلاق النار والانسحاب من المدن ومطالبنا الاستراتيجية حول القدس والجدار والاستيطان».

من ناحية ثانية، فجر الاسرائيليون قنبلة اعلامية صباح امس عندما نقلت الاذاعة الاسرائيلية باللغة العبرية عن مصدر اسرائيلي كبير قوله ان السلطة الفلسطينية رفضت تسلم مدينتي جنين ونابلس. وزعم المصدر ان ممثلي السلطة طالبوا بتأجيل المدينتين بدعوى ان التواجد الكثيف لحركات المقاومة في المدينتين يجعل من الصعب السيطرة عليهما.