قوى الموالاة تجتمع في مقر رئاسة البرلمان اللبناني لـ«التمسك» باتفاق الطائف والمقاومة والعلاقة مع سورية

نواب من كتلة الحريري شاركوا ونصر الله إلى يسار بري وكرامي

TT

اكتملت صورة الفرز السياسي في لبنان بين قوى المعارضة والموالاة التي جمعت صفوفها امس في لقاء هو الاكبر لها حتى الآن في مقر رئاسة مجلس النواب، وتميز بأكثر من علامة فارقة، ابرزها حضور الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ حسن نصر الله الذي لم يعتد «النزول الى الساحة» شخصياً في اوقات سابقة، فجلس الى يسار رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة عمر كرامي. كما كانت مشاركة بعض اعضاء كتلة الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري لافتة، رغم ان بعضهم غادر الكتلة كالنائب بشارة مرهج. فيما تردد ان النائبين الآخرين باسم يموت وعدنان عرقجي في طريقهما الى اعلان مغادرة الكتلة، ان لم يكونا غادراها فعلاً. وفي المقابل لم يحضر عضو الكتلة النائب ناصر قنديل، رغم انه معروف بعلاقته الوثيقة برئيس المجلس النيابي وتأييده القوي لسورية. كما كان لافتاً ايضاً حضور النائب السابق تمام سلام.

وقد شارك في اللقاء الموسع الى بري، الرئيس عمر كرامي واكثر من نصف اعضاء حكومته (16 وزيراً) والرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني و32 نائباً، بالاضافة الى ممثلين لـ«حزب الله» والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب «الكتائب اللبنانية» و«الجماعة الاسلامية» و«جمعية المشاريع الخيرية» (الاحباش) وحزبي الطاشناق والهنشاق الارمنيين والحزب الديمقراطي اللبناني الذي يرأسه الوزير طلال ارسلان.

واكد الرئيس بري في ختام اللقاء «ان المجتمعين ناقشوا الوضع الراهن في البلاد ومحاولة الاتجاه نحو حال من التفكك عبر السعي لاسقاط الشرعية» لافتا الى ان «المجتمعين بحثوا في التدخلات الاجنبية البغيضة التي تعبر عنها ضغوط بعض الدول من خلال مجلس الامن وعبر القرار 1559 المستهجن صدوره والذي شكل تدخلا سافرا في مسألة سيادية». وقال بري: «ان المجتمعين لاحظوا ان بعض المواقف الداخلية غير بريئة وتشوه صورة لبنان وسورية».

ونبه بري الى «وجود محاولة خبيثة لتدويل الوضع في لبنان». واشار الى «ان المجتمعين اكدوا تمسكهم باتفاق الطائف الذي يشكل ضمانة للسيادة والاستقلال واستكمال تحرير الاراضي المحتلة، واشاروا الى ان هذا اللقاء يسعى لاستعادة الوحدة الداخلية».

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر المجتمعين ان الامين العام لـ«حزب الله» تحدث في مستهل الاجتماع فدعا الى مؤتمر وطني شامل والتحضير له بصورة جيدة.

واعتبر «اننا نشهد اجتياحا سياسيا يهدف الى تغيير وجه لبنان والمنطقة». وقال: «نحن معنيون بمواجهة هذا الاجتياح لان البديل عنه هو النموذج العراقي»، مشيرا الى ان «لغة المعارضة في الفترة الاخيرة كشفت نياتها بشكل واضح من موضوع المقاومة الى المطالبة بالانسحاب السوري وصولا الى فصل المسارين اللبناني والسوري في المفاوضات المتعلقة بالسلام»، في رد غير مباشر على كلام النائب وليد جنبلاط.

واتهم نصر الله «الفريق الاخر» بأخذ البلد نحو الفوضى. وقال «نحن (الموالون) لسنا ضعفاء وبحاجة الى خطاب موحد ونحن واثقون من خياراتنا».

ثم تحدث الرئيس عمر كرامي فاعتبر ان الوضع بمنتهى الخطورة بسبب الانقسام الوطني حول القرار 1559 . واشار الى ان المعارضة «تخطط لاجتياح المجلس النيابي (في الانتخابات) لفرض توجهاتها» وقال: «نحن نمثل الاكثرية ومع ذلك يدنا ممدودة للجميع ولا يجب ان يفسر ذلك على انه ضعف منا».

وعلق كرامي على رفض البطريرك الماروني نصر الله صفير للعودة عن اعتماد القضاء، قائلاً: «البطريرك على رأسنا، لكن في النتيجة لدينا نظام ديمقراطي. واذا صوّت مجلس النواب لا يمكن ان نمنعه». ورفض ربط توقيت اللقاء بزيارة الموفد الخاص للامين العام للامم المتحدة تيري رود لارسن، قائلاً: «لا علاقة للاجتماع بذلك. بالنسبة الينا قصة لارسن محسومة عندنا (...) نحن نقول ان آلية تنفيذ القرار 1559 معقدة. والمهم هو التوقيت. فاليوم من سيجرد حزب الله من سلاحه؟ وماذا سيحصل؟ ومن سيدك المخيمات ويجردها من سلاحها؟ وهل الامر بهذه البساطة؟».

وكان النائب يموت مهّد لمشاركته بلقاء القوى الموالية بتصريح ادلى به عقب لقاء مع المفتي محمد رشيد قباني، فانتقد «لقاء البريستول» (الذي يشارك فيه بعض اعضاء كتلة الحريري) محذراً من عودة «نغمة الرهانات على الخارج واستغلال الاوضاع الدولية والمتغيرات العالمية لاحداث تغيير سياسي في الداخل». وقال: «اللافت ان اطراف المعارضة المنضوية في لقاء البريستول اخذت تصعّد من لهجة خطابها الى درجة تجاوزت معها بعض الخطوط الحمراء الوطنية، ما يعرض البلاد الى هزات وتشنجات داخلية نحن بغنى عنها. ففي حين توافق هؤلاء في لقاء البريستول الاول على التمايز ما بين اكثرية تؤيد اتفاق الطائف وترفض القرار 1559 وتدعو الى المحافظة على سلاح المقاومة، واقلية تخالفها الرأي، زالت هذه الفوارق في بريستول ـ 3، مع اقتراب رأي الاكثرية هذه من الاقلية. وكانت هناك مداخلات خلال بريستول ـ 3 تجاوزت سقف الطائف وغيره من المسلمات الوطنية، ما حدا ببعض الزملاء النواب الى التنبيه من خطورة هذه الطروحات والتهديد بالانسحاب في حال اقرت. ان هذه الاجواء المتشنجة التي اخذت المعارضة البلاد اليها لن تؤدي الى اي نتيجة. والرهان على التصعيد المستمر هو رهان خاطئ. ولكن يبدو من تصريحات امس واليوم ان المعارضين تراجعوا عن هذه المواقف. وقد اكد النائب وليد جنبلاط التزام الجميع سقف الطائف رغم كل الاقاويل. وهذا التراجع يسجل في خانة المعارضة وقد يمهد لعودة عقلانية الى الحوار مع بقية الاطراف الداخلية والاقليمية. ولكن كيف ستتعامل هذه المعارضة مع مكوناتها المتطرفة والتي تقف على يمينها وترفض اتفاق الطائف واستمرار سلاح المقاومة؟». واعلن انه ابلغ الى المفتي انه «في حال تحول الصراع في لبنان، وهو الظاهر حتى الآن، الى صراع بين خط عربي وخط اميركي، فانني لا يمكنني كلبناني عربي ومن بيروت الا ان اقف الى جانب الخط الذي يحفظ الوطن والمقاومة والوجه العربي للبنان».

واكد «لقاء الاحزاب اللبنانية في الجنوب» في بيان اصدره اثر اجتماع عقده امس في صيدا، في حضور قوى حزبية واسلامية وفلسطينية، دعمه للقاء عين التينة «والمواقف والخطوات التي سيتبناها للعمل الجاد والمسؤول لكبح جماح التآمر المكشوف المستظل بالقرار 1559 والتمهيد للعدوان على لبنان».