أميركا تتحمس لنشر قوة لحفظ السلام في السودان والخرطوم تجدد رفضها تسليم مسؤولين للمحاكمة

6 قبائل من دارفور توقع على وثيقة للتصالح

TT

وقعت 6 قبائل في اقليم دارفور المضطرب على وثيقة للتصالح، بحضور وزيرة التعاون الدولي النرويجي التي تزور الإقليم. ويتوقع أن يتم الاسبوع المقبل التوقيع على وثيقة مماثلة بين 22 قبيلة في المنطقة، وفي وقت بدأ فيه مجلس الأمن الدولي مناقشات مكثفة لتجاوز خلافاته بشأن محاكمة مجرمي دارفور، جددت الحكومة السودانية رفضها الشديد تسليم اي سوداني للمحاكمة خارج السودان، وتعهدت بتهيئة الأوضاع لحل مشكلة دارفور.

وقال علي عثمان محمد طه النائب الاول للرئيس السوداني ان سياسة حكومته المعلنة هي رفض اي محاكمات للمسؤولين السودانيين و«اي محاكمات خارج السودان امر غير وارد»، واضاف وهو يخاطب حشدا جماهيريا في غرب كردفان «اننا كدولة مسؤولة ملتزمون بمحاسبة اي شخص يثبت تجاوزه للقانون وفق القانون السوداني».

وحسب طه، فان المجتمع الدولي بدأ يتجه شيئا فشيئا للتجاوب مع الحكومة في سعيها الرامي الى تهيئة الأجواء بتثبيت وقف إطلاق النار في الاقليم توطئة لحل مشكلة دارفور سياسيا، ودعا الى عدم «الانزعاج مما يجري داخل مجلس الأمن حول ملف دارفور»، ومضى الى القول «لقد اجرينا اتصالات مع ممثلي الدول الاعضاء في المجلس ونجحنا في ان نمضي في التركيز على الحل السياسي لقضية دارفور». ونبه طه الى أن التفاوض مع مسلحي دارفور وشرق السودان «الأسود الحرة ومؤتمر البجة» ليس لأن كل من حمل السلاح هو الممثل الوحيد لهذه المناطق، «ولكننا نتفاوض من اجل الحل السياسي الشامل ونقبل التفاوض من دون ان تكون التسوية النهائية على حساب القوى الأخرى التي لم تلجأ لحمل السلاح ولم تخرج على الدولة». وعبرت الوزيرة النرويجية هيلدا جونسون في احتفال أقيم اول من امس في مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور بمناسبة توقيع الصلح بين قبائل: «الترجم، والداجو، والفور، والزغاوة، والحوطية، والثعالبة» عن سعادتها للخطوة، وقالت ان السلام الحقيقي يبدأ من القاعدة، وناشدت نساء دارفور بتحريض ازواجهن وإخوانهن وأبنائهن على السلام ووقف الحرب. واوضحت هيلدا جونسون انها تزور دارفور لتقييم الوضع ميدانياً توطئة لتقديم الدعم والمساندة اللازمين. وقال الحاج عطا المنان، والي جنوب دارفور في مؤتمر صحافي، ان المهددات الأمنية بالولاية انحسرت كثيراً. وذكر ان الأسبوع المقبل سيشهد تصالح 22 قبيلة بمنطقتي الملم وكأس، وأبان انه لا يوجد صراع قبلي الآن إلا بين فرعين من قبيلة الزغاوة.

وفى مؤتمر صحافى بالخرطوم، قالت راضية عاشوري، المتحدثة الرسمية للأمم المتحدة في السودان، إن محاكمة مرتكبي جرائم دارفور تعد «خطوة جيدة» تعزز جهود تحقيق المصالحة الوطنية المستدامة. وتوقعت أن ينعكس تحقيق العدالة بدارفور إيجاباً على مسار الحل السلمي وبناء الثقة بين أبناء السودان. وعن أولوية الأمم المتحدة في السودان خلال المرحلة المقبلة; الاستقرار والسلام أم محاكمة مرتكبي جرائم دارفور؟، قالت راضية عاشوري «لا يمكن النظر الى الأمرين بمعزل عن الآخر»، وأضافت «أعتقد أنهما مكملان لا خياران». وأعادت راضية الى الأذهان أن تكوين اللجنة الدولية لتقصي الانتهاكات في دارفور جاء بعد أن استخلص مجلس الأمن عجز الحكومة عن تحقيق أي تقدم في إيقاف العنف ونزع أسلحة الجنجويد. وقالت إن تداول مجلس الأمن حول اتخاذ قرار بشأن انتهاكات دافور «لا يعني أن يظل كوفي انان الأمين العام للأمم المتحدة صامتاً ويمتنع عن التعبير عن مواقفه وممارسة سلطاته» في تبرير واضح لاستباق عنان فرض عقوبات على السودان.

واعتبرت راضية تصريحات وزير الخارجية بشأن احتمال انعكاس محاكمة متهمي جرائم دارفور في الخارج على اختطاف العمال الإنسانيين في الإقليم «مصدر قلق» للأمم المتحدة، وفسرت أن تصريحات الوزير تعني أن الحكومة لا تستطيع فرض الأمن، أو أنها ترفع يدها عن حماية العمال الإنسانيين الأجانب. وركزت على أن مسؤولية حماية العمال الإنسانيين في دارفور كافة هي من صميم واجبات الحكومة. وقالت «نتمنى ألا يحدث أي اختطاف في دارفور».

وقالت ان هناك استمرارا للهجمات المسلحة قادت الى مزيد من النازحين، وتحجيم العمل الإنساني، وقدمت آخر الإحصاءات قائلة: «تقديرات ديسمبر تشير الى وجود مليونين و400 ألف متأثر بنزاع دارفور من بينهم مليون و840 ألف نازح من أبناء الإقليم». من جهتها، أبدت الولايات المتحدة حماسا لنشر قوة لحفظ السلام في السودان على إثر توقيع اتفاقية السلام الشامل لحل النزاع في الجنوب، وعارضت إحالة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم البشعة في الإقليم الى المحكمة الجنائية الدولية. وأفادت مصادر دبلوماسية «الشرق الأوسط» بأن إدارة بوش التي أبدت حماسا منقطع النظير في تقديم ملف دارفور إلى مجلس الأمن هي الآن تبدي معارضة في تقديم المسؤولين عن الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية التي مقرها لاهاي. وتؤكد مصادر مجلس الأمن أن هناك 11 دولة في المجلس تؤيد اقتراح لجنة الأمم المتحدة التي تتكون من 5 أعضاء بتقديم 51 شخصا من مليشيات «الجنجويد» والجيش السوداني إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهم عن جرائم القتل والاغتصاب والتهجير في إقليم دارفور. وفي جلسة عقدها مجلس الأمن عصر أول من امس استمع أعضاء المجلس إلى انان، الذي طالب المجلس باتخاذ خطوات فورية لمنع أعمال القتال والاغتصاب والعنف. ووصف انان ما يجري في دارفور بالجحيم على الأرض وقد أيد ما توصلت إليه لجنة التحقيق. وحثت بدورها المفوض السامي لحقوق الإنسان، لويس آربر، على ضرورة تقديم المسؤولين عن الجرائم التي وصفتها بالبشعة إلى المحكمة الجنائية، وقالت «إن الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية أفضل وسيلة لوقف الانتهاكات المستمرة ولضمان عدم تكرارها في المستقبل». واقترحت واشنطن إنشاء محكمة جنائية في آروشا بتنزانيا لمحكمة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب الجرائم، والذين أدرجت لجنة التحقيق أسماءهم في التقرير الذي قدمته إلى مجلس الأمن. واقترحت أيضا الاستفادة من التسهيلات المتوفرة لدى المحكمة الدولية المعنية بجرائم الإبادة الجماعية في رواندا. وسخر ريتشارد ديكر، المستشار لمنظمة حقوق الإنسان، «هيومان واج» من الاقتراح الأميركي، وقال «إن قاعة محكمة رواندا مضغوطة ومزدحمة ويبدو الأمر مثل حشر ثلاثة أشخاص في سيارة مليئة بالركاب». وحول مشروع القرار الأميركي عن إنشاء قوة لحفظ السلام في السودان قوامها أكثر من 10 آلاف فرد، طالب المشروع بفرض عقوبات تتمثل في الحظر العسكري وقيود على بعض الأفراد من الميليشيات ومن المسؤولين في الجيش السوداني، إضافة إلى تجميد أرصدتهما المالية.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان الإدارة الأميركية والأمانة العامة للأمم المتحدة باشرتا الاتصال بعدد من الدول من أجل المساهمة في قوة حفظ السلام بالسودان. والجزء الأكبر من قوام القوة سيتكون من مساهمة دول الاتحاد الأفريقي لكن هناك دولا أوروبية وآسيوية وإسلامية سوف تساهم في إنشاء القوة. وقد أعربت ايرلندا والنرويج واليابان عن إرسال قوات ومراقبين عسكريين إلى السودان. وسوف تشارك ماليزيا والأردن بقوات أيضا، وكشف مصدر دبلوماسي أن جون قرنق أبدى تحفظا حول نشر قوات عسكرية من الدول الإسلامية في مدن الجنوب وسوف تنتشر القوات المقبلة من الدول الإسلامية في مناطق أخرى غير الجنوب السوداني.