مصدر أميركي: الجهاز المسؤول عن اغتيال الحريري يقف وراء التفجيرات المشابهة في العراق

أتباع صدام يحذرون من خطة أميركية لغزو سورية بجيش عراقي

TT

كشف مصدر أميركي مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن الولايات المتحدة استدعت سفيرتها من دمشق بعد تلقي الأجهزة الأمنية معلومات وقرائن مادية من مصادر لبنانية وفرنسية متطابقة تشير إلى أن الجهاز المسؤول عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، هو نفس الجهاز الذي يقف وراء التفجيرات الكبرى التي وقعت في العراق خلال العامين الماضيين.

وقال المسؤول الذي اشترط عدم الكشف عن هويته إن أجهزة أمنية أميركية وفرنسية تعكف حاليا بمساعدة أجهزة استخبارات عربية على دراسة أوجه الشبه بين تفجير بيروت الذي أودى بحياة الحريري وتفجيرات معينة في العراق يعتقد أن بقايا حزب البعث العراقي، وعناصر في المخابرات العراقية السابقة من أنصار الرئيس المخلوع صدام حسين ساهموا في التخطيط لها، ونفذها انتحاريون إسلاميون.

وزعم المصدر أن أتباع صدام حسين تمكنوا من إقناع القيادة السورية بأن الولايات المتحدة تخطط لغزو دمشق بجيش عراقي يجري تدريبه على قدم وساق، وربما يتم الغزو بمشاركة متمردين سوريين، لكن المصدر عجز عن تفسير العلاقة بين الترويج لاستهداف سورية واغتيال الحريري، أو إيضاح مصلحة بقايا البعث العراقي في تغييب الحريري إذا كانوا فعلا وراء اغتياله.

وأكد المسؤول وجود معلومات تتردد بين صناع القرار في واشنطن مفادها أن الراحل الحريري أبلغ جهات فرنسية بمخاوفه على حياته بعد تهديدات تلقاها من جهات لم يفصح عنها، وطلب تحذير القيادة السورية من مغبة أي عمل يستهدف حياته أو حياة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.

وردا على سؤال عن تفسيره لعدم حسبان القيادة السورية مخاطر وتبعات عملية تصفية كهذه في حال ثبوت التهمة عليها، قال المسؤول الأميركي، «لهذا اختير الحريري (للتصفية) وليس جنبلاط». وتابع قائلا «إن المخاطر المحدقة بسورية من بقاء الحريري كانت أقوى من مخاطر تغييبه، ومن يفكر والسيف مسلط على رقبته ليس كمن يفكر وهو مسترخ آمن».

ونفى المصدر توفر معلومات لديه عن الخطة المزعومة لغزو سورية بجيش عراقي لكنه قال إن هذا ما يردده البعثيون لأن الولايات المتحدة في اعتقادهم لا تريد تحميل نفسها تضحيات بشرية أو تبعات سياسية تماثل ما جرى في العراق، وفي الوقت ذاته فإن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد تولدت لديه قناعة قوية بأن القضاء على التمرد في العراق لن يتم إلا بقطع مصادر التمويل والإمداد داخل الأراضي السورية نفسها التي يعتقد رامسفيلد أنها تمثل مسرحا للتخطيط والتدريب، وصرح بذلك علنا الأمر الذي أكد مخاوف السوريين من احتمال استهدافهم بعمل عسكري.

وتعليقا على ما ذكره المصدر الأميركي، تحدث لـ«الشرق الأوسط» مسؤول سابق في الاستخبارات الأميركية، وباحث في مركز دراسات مرموق وافق في البداية على إيراد اسمه لكنه اتصل لاحقا وسحب الموافقة معتذرا عن ذلك، وكان ملخص ما قاله إنه يعتقد أن الولايات المتحدة لا يمكن في ظل الظروف الراهنة أن تقدم على عمل عسكري ضد سورية انطلاقا من الأراضي العراقية أو من غير الأراضي العراقية. لكن واشنطن في اعتقاده يجب أن لا تفوت جريمة اغتيال الحريري من دون استخدامها على الأقل بما يعود بالفائدة على سياسات الولايات المتحدة في المنطقة.

وأشار إلى أن تفاهما فرنسيا أميركيا قد يسفر عن عمل ما في إطار حلف الناتو لـ«تحرير لبنان» وتفكيك بنية حزب الله العسكرية، وقد لا يعني ذلك بالضرورة اقتحام دمشق، أو القيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية.

وربط المسؤول السابق بين قلق الإدارة السورية (المزعوم) من نشاط الحريري في صفوف المعارضة، ونجاح الانتخابات العراقية، وتزامن ذلك مع خطاب الرئيس بوش عن حالة الاتحاد الذي اظهر جليا تبنيه لفكر ناتان شارانسكي في نشر الديمقراطية بالمنطقة، وما يشكله ذلك من خطر على نظام دمشق، لكنه أقر بأن الإدارة الأميركية لو توفر لها ما يدين دمشق في حادث اغتيال الحريري فإنها لن تتردد في إعلانه للملأ مستبعدا مقايضة دم الحريري بتحقيق الاستقرار في العراق.