عرابة قانون محاسبة سورية في الكونغرس الأميركي لـ«الشرق الاوسط» : نطالب بوش باستصدار قرار دولي يصنف لبنان «دولة أسيرة»

إليانا روس ليتنن: نحضر مشروع قانون بتجميد أرصدة المسؤولين اللبنانيين المؤيدين للوجود السوري

TT

تسعى رئيسة اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط ووسط آسيا في الكونغرس الأميركي النائبة إليانا روس ليتنن منذ وقت طويل إلى إصدار قانون «لتحرير سورية» على غرار قانون «تحرير العراق»، وكانت قد نجحت مع أعضاء آخرين في استصدار قانون محاسبة سورية ثم تحركت في ما بعد مع عدد من اعضاء مجلس النواب الأميركي لصياغة مشروع قرار يدعو الرئيس جورج بوش الى السعي لاستصدار قرار من مجلس الأمن يصنف لبنان «دولة اسيرة»، ومطالبة «جميع الدول بالتطبيق الفوري والكامل لقرار مجلس الأمن 1559», واعتبار «احتلال سورية للبنان تهديدا بعيد المدى لأمن الشرق الاوسط ولجهود الولايات المتحدة لتشجيع الاصلاح السياسي والاقتصادي في المنطقة».

وقد رفضت إليانا روس ليتنن أن تفصح عن تفاصيل مشروع القانون الجديد بشأن سورية لكن «الشرق الأوسط» علمت من مصادر أخرى أن المشروع يطالب الرئيس بوش بتجميد جميع الودائع الخاصة بالمسؤولين الحكوميين اللبنانيين الذين يدعمون الوجود السوري في لبنان. ويتطرق مشروع القرار الى «استغلال سورية للنظام القضائي اللبناني لفرض السيطرة السورية, بما في ذلك اصدار أحكام الاعدام الغيابية والروتينية ضد الوطنيين والمعارضين» كما يتطرق الى قانون الاعلام الصادر في 1994 والذي «يقلص حريات الاعلام المرئي والمسموع». ويتهم مشروع القرار سورية بادارة «مراكز اعتقال» للبنانيين في طرابلس وبيروت وشتورة وفي عنجر. ويوضح ان «النظام السوري» اصبح «مؤسساتيا في لبنان» منذ قادت دمشق عملية نزع أسلحة الميليشيات اللبنانية باستثناء الحفاظ على «حزب الله» كقوة تنشط ضد دولة اسرائيل.

«الشرق الأوسط» حاورت عضو الكونغرس الأميركي إليانا روس ليتنن التي كانت عرابة صدور قرار محاسبة سورية، وتعمل حاليا لإصدار القرار المشار إليه الأكثر تشددا، وحاولنا معرفة استراتيجيتها المقبلة تجاه سورية على ضوء التطورات الأخيرة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. وفي ما يلي نص الحوار مع إليانا روس ليتنن أبرز المطالبين في الكونغرس الأميركي بطرد سورية من لبنان.

* نحن نعرف أنك منذ ما قبل اغتيال الحريري كنت تطالبين في الكونغرس الأميركي بتبني قرارات لإخراج سورية من لبنان، فهل تخططين لخطوات جديدة؟

ـ نعم لقد عملنا العام الماضي على إصدار قانون محاسبة سورية واستقلال لبنان، وكان هذا قانونا مهما، وأنا سعيدة أن الرئيس بدأ بتطبيق بنوده المتعلقة بفرض الحصار على سورية، ولا بد أنك استمعت لخطابه عن حالة الاتحاد حيث ذكر القانون بالاسم، وأظن أنه أراد من ذلك إرسال رسالة واضحة إلى سورية بأنه سيكون لدينا موقف حازم منها في القريب العاجل. ولقد بدأنا في الولايات المتحدة بتجميد أموال سوري واحد وسيلحق به آخرون، ونحن بذلك نواجه الواقع الذي يقول لنا إن الأسد لن يغير سياساته.

* هل مشاريع القوانين المقبلة بشأن سورية مرتبطة بالأحداث الأخيرة؟

ـ نعم.. سوف نبني على قانون محاسبة سورية وسوف ندعو الى تعزيز الحصار على سورية، ولكني لا أريد أن أكشف تفاصيل مشروع القرار المقبل، وما أستطيع تأكيده هو أننا سنعمل على تشديد بعض جوانب الحصار وستكون هناك تشريعات مقبلة لمساعدة اللبنانيين على تحرير أنفسهم من الاضطهاد السوري، وسنعلن عن خطواتنا قريبا.

* كيف تطرحون الخيار العسكري ضد سورية؟

ـ أنا أعرف كما يعرف الجميع أن نائب الرئيس تشيني أعلن صراحة بأنه لا يوجد أي خيار مستبعد حاليا فكل شيء بكل تأكيد مطروح على الطاولة للنقاش، ولكن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس أكدت عدم وجود أي نية في الوقت الحالي للقيام بعمل عسكري ضد سورية أو إيران، وفي كل الأحوال هناك مؤشرات على أن كل شيء محتمل حدوثه ولا يوجد أي أمر مستبعد، وأعتقد أن الوسيلة المتاحة حاليا للرئيس بوش هي قانون محاسبة سورية، حيث من المتوقع أن يستخدم الرئيس بنود القانون أولا، وبكل تأكيد فإن الحرب يجب أن تكون آخر الحلول ولا أحد في الإدارة يدعو إليها في الوقت الراهن.

* هل تتعاونين مع المعارضة اللبنانية أو السورية في الخارج؟

ـ لا.. أنا لا أربط نفسي مع أي حزب سياسي ولكن أشارك الشعب اللبناني رغبته في الديمقراطية والحرية، وفي استعادة بلاده واستقلالها، وأتعاون مع أي شخص يسعى لإخراج سورية من لبنان، ولكني لا أضع نفسي وسط أي مشكلات داخلية. إننا بالقدر الذي نسعى فيه لإنهاء الاحتلال السوري للبنان فإننا نرغب في مساعدة الشعب السوري في الحصول على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وحرية التعبير، ونريد نظاما للتعددية الحزبية، وديمقراطية فعلية من حق السوريين أن يتمتعوا بها، وأعتقد أن «عقيدة بوش» لنشر الحرية والديمقراطية تعطينا أملا وفرصة سانحة على نطاق العالم، وأعتقد أن السوريين سيرون حياتهم وقد تغيرت للأفضل وهم يمارسون الديمقراطية.

* هل تتحدثون عن تغييرات في ظل في ظل النظام الحالي أم في ظل نظام جديد؟

ـ أنا لا أعتقد أن النظام يرغب بتغيير طريقته في الحكم بأي حال من الأحوال، ولا أعتقد أن الإصلاح ممكن، ولكننا في النهاية نريد مساعدة الشعب السوري في إنجاز هدفه في الوصول إلى الحرية والديمقراطية. ومثلما أن الإصلاح مستحيل في كوبا في ظل حكم فيدل كاسترو فإنه مستحيل في ظل حكم البعث في سورية.

* كيف تنظرون إلى التعاون القائم بين إيران وسورية؟

ـ نحن قلقون جدا من ذلك، فهذان النظامان في البلدين لا يريدان الأفضل لشعبيهما، حيث أنهم في إيران لا يسمحون بالترشيح للمناصب العامة إلا لفئات معينة، وهذه مشكلة، والطلبة ممنوعون من التعبير عن آرائهم، وإيران مثل سورية، ربما تكون البلد التي أخفى صدام حسين أسلحته للدمار الشامل فيه، وهذان البلدان يرسلان المخربين لزعزعة الوضع في العراق، ويحاولان تدمير الديمقراطية التي أصبح العراقيون يتمتعون بها، أي أن إيران وسورية تعملان على تدمير ما حارب الشعب العراقي من أجله، وتحويل العراق إلى ساحة لسفك الدماء.

* كيف ستتحرك الولايات المتحدة؟

ـ أولا يجب علينا أن ندعو حلفاءنا والمجتمع الدولي للمساعدة لأننا للأسف نرى ما يحدث في سورية حيث تساعدها روسيا بإعفائها من الديون وتزويدها بالأسلحة وهذا أمر مزعج جدا جدا، ولهذا فإن روسيا لم تكن شريكا جيدا لنا في ما يتعلق بسورية، وتحاول موسكو للأسف أن تكون على صلة بالمنطقة ولكن بطريقة مدمرة. وعلينا من جانبنا أن ندعو جميع الحلفاء الأوروبيين الذين لديهم روابط اقتصادية قوية بسورية وإيران أن ينأوا بأنفسهم من مثل تلك المشاريع الاقتصادية.

* فيما يتعلق باغتيال الحريري، هل تعتقدين أن واشنطن لديها معلومات مؤكدة أن جهات سورية تقف وراء عملية التصفية؟

ـ لا أعتقد أن لدى إدارة الرئيس بوش معلومات واضحة عمن يقف وراء الاغتيال، ولكن هناك شكوكا في وجود بصمات لسورية في ما حدث، ولكني شخصيا أعتقد بأن سورية أرادت إرسال رسالة إلى كل من يحارب من أجل الإصلاح والتغيير في لبنان لتقول لهم انظروا! إن ذلك لن يحدث في ظل حكم الأسد فنحن لا نريد أي إصلاحيين، ولا نريد أي شخص يفكر في الاستقلال عن نظام دمشق.

* هناك في الإدارة الأميركية من يقارن بين تفجيرات العراق وتفجير بيروت الذي أودى بالحريري، فهل تنظرين من جانبك لهذا الأمر بنفس الطريقة؟

ـ في الحقيقة نحن لا نعلم من يقوم بالتفجيرات هنا أو هناك لا في العراق ولا في بيروت، والشيء الواضح هو أن التفجير الذي أودى بحياة الحريري كان من القوة بحيث راح ضحيته العشرات بين قتيل وجريح، ولهذا فإن من يقف وراء التفجير لا بد أن يكون جهازا قويا تتوفر له الأدوات والقدرة على تنفيذ عمل كهذا ولهذا يشتبه الكثيرون في سورية التي لم تقم بأي شيء لإثبات عكس ذلك.

* كيف تنظرين إلى التحقيق الدولي في ما حدث؟

ـ أعتقد بأنه سيكون من الصعوبة بمكان نجاح التحقيق الدولي لأن سورية ستعيق تدفق المعلومات ووصولها إلى المحققين الدوليين، ولن تتعاون في التحقيق، وفي ظل هيمنة السوريين على كل شيء في لبنان أنا أشك في إمكانية الحصول على معلومات صادقة عما جرى.

* وماذا لو ظهرت أدلة دامغة. ما هو تقديرك للموقف الأميركي كعضو في الكونغرس؟

ـ إذا ما اتضح ذلك فإن الأمر سيكون بيد إدارة بوش للتصرف وصياغة سياسة للرد، وأعتقد أن الإدارة يجب ألا تلوذ بالصمت تجاه عمل وحشي كهذا، وأنا أتطلع لمعرفة المزيد من المعلومات عما حدث بالضبط كي نستطيع أن ننصح الإدارة بالتصرف على ضوء ذلك.

* إذا أنت تدعمين الإدارة في كل ما تتخذه من إجراءات؟

ـ نعم.. وأعتقد أنه قد حان الوقت لنكون حازمين مع دمشق، وأن ننفذ كافة بنود قانون محاسبة سورية بما في ذلك البنود المتعلقة بالحصار وتجميد المزيد من الأموال، وسوف نعمل على إصدار المزيد من التشريعات بخصوص سورية، وأتوقع نقاشا صحيا في الكونغرس حول الإجراءات الواجب اتخاذها، وأعتقد أن المزيد من أعمال العنف التي تقف وراءها سورية سوف تؤدي إلى المزيد من العواقب الوخيمة المحيقة بنظام دمشق.

* هناك صحافيون وسياسيون في المنطقة يتهمون الولايات المتحدة بالانتقائية في تعاملها مع الأنظمة بسبب التركيز على سورية وإيران فقط فما هو ردك على ذلك كمسؤولة عن سياسات الشرق الأوسط في الكونغرس الأميركي؟

ـ أنا لا أعتقد أن الرئيس يتناسى أي دولة في المنطقة، فقد دعا لإقامة ديمقراطية حقيقية في مصر، ودعا إلى مزيد من المشاركة الشعبية في الأردن، وفي الخليج، لهذا أعتقد أن الرئيس على وعي تام بأن لدينا حلفاء في المنطقة ليسوا على الوضع الذي نريدهم عليه، ولدينا خصوم أيضا، ولكن رسالة الرئيس في نشر الحرية بين الشعوب واضحة للجميع من الخصوم والحلفاء على حد سواء.

* هل تعتقدين أن سورية قادرة على المساعدة في إحلال الاستقرار بالعراق؟

ـ سورية مسؤولة بالفعل عن زعزعة الديمقراطية في العراق لأنها لا ترغب في أن تترسخ جذور الديمقراطية هناك لما لذلك من تأثير مستقبلي على السوريين أنفسهم، ولهذا فإن سورية تقدم التسهيلات للمتمردين للتنقل بين سورية والعراق لقتل جنودنا وحلفائنا، ويقدمون الأسلحة والإمدادات، علاوة على أن النظام السوري لم يتحول بعد إلى شريك في السلام والاستقرار في المنطقة.

* هل تعتقدين أن العمل الدبلوماسي سيكون كافيا؟

ـ أنا لا أعتقد ذلك لأن وزير الخارجية السابق كولن باول جرب ذلك مع السوريين، ووفود من الكونغرس حاولت إقناع السوريين، وكل شخص حاول مع دمشق ولكن النظام هناك ماض على خطى الدمار، وأنا لا أعرف كيف ستواجه إدارة بوش الأمر.