خمس منطقة الأهوار تغمرها المياه من جديد

مخاوف من سد تركي وآخر إيراني قيد الإنشاء

TT

واشنطن ـ أ.ف. ب: أكد خبراء مكلفون بمشروع دولي لاعادة احياء منطقة الاهوار في جنوب العراق الذي كان نظام صدام حسين قد جففها وهجر اهاليها، ان حوالي خمس هذه المنطقة غمرتها المياه من جديد.

وقال هؤلاء المتخصصون اول من أمس ان منطقة الاهوار في بلاد الرافدين التي تعتبر مهد الحضارة الانسانية والتي يغذيها نهرا دجلة والفرات، تكتسي اهمية كبيرة اقتصادية وسياسية وكذلك للمنظومة البيئية في المنطقة كلها. واوضح كورتيس ريتشادرسون الخبير في شؤون البيئة في جامعة ديوك في محاضرة ألقاها في المؤتمر السنوي للجمعية الاميركية لتقدم العلوم المنعقد في واشنطن في عطلة نهاية الاسبوع، «ان مستقبل خمسة آلاف سنة من الحضارة العربية في الاهوار. واستقرار قسم كبير من جنوب العراق يرتهن بنجاح هذا المشروع لاعادة التأهيل». واضاف هذا الخبير اثناء مؤتمر صحافي «اعتقد انه يمكن استقرار قسم كبير من العراق عبر العمل في هذا المنحى».

وهذه الاهوار التي تبلغ مساحتها الاساسية حوالي 15 الف كيلومتر مربع كانت لزمن طويل الموطن الدائم لملايين العصافير، كما شكلت مرحلة مهمة للطيور المهاجرة بين سيبيريا وافريقيا، كما اوضح ريتشاردسون مع زميله بيتر رايس المتخصص في المياه في مؤسسة «التنمية البديلة» المكلفة هذا المشروع لاعادة احياء المنطقة «مشروع عدن من جديد» في اطار عقد مع الحكومة الاميركية الفدرالية.

فضلا عن ذلك فان منطقة الاهوار كانت بمثابة مصفاة طبيعية لمياه دجلة والفرات قبل ان تصب في الخليج. وكانت هذه المنطقة تتميز بالثروات السمكية والتنوع البيئي، كما كانت تجتذب اصنافا فريدة ومتنوعة من الطيور. وقد قام نظام الرئيس السابق صدام حسين بتجفيف اهوار ما بين النهرين، ومن احد الاسباب التي دفعته الى ذلك الانتقام من سكانها الشيعة الذين انتفضوا ضد النظام وعاد قسم كبير منهم اليوم الى المنطقة. وكان اكثر من نصف مليون شخص يعيشون اصلا في منطقة الاهوار وجوارها. وعند سقوط صدام حسين بعد اجتياح القوات الاميركية في 2003، سرعان ما اقدم المزارعون العراقيون على تدمير قسم من السدود لتعود المياه الى قسم من الاهوار المجففة.

وخلافا لما كان يخشاه الخبراء، فان هذه المياه لم تجر معها سوى القليل جدا من المواد السامة (مبيدات الحشرات والاملاح وغيرها) التي من شأنها ان تمنع تجدد النباتات والحيوانات في الاهوار حسب ما قال كورتيس ريتشاردسون. واذا كان هذا التطور مشجعا فان اعادة انعاش الاهوار يشكل ايضا مهمة معقدة، نظرا الى سد ضخم في تركيا بني في 1998 واخر قيد الانشاء في ايران على الحدود مع العراق. وهذا السد الاخير سيتسبب في نضوب مصدر المياه الرئيسي لاخر الاهوار التي لم تجفف كما قال الخبيران اللذان كتبا في دراسة ان هذا المشروع سينشر في مجلة «ساينس» في 25 فبراير (شباط).

وكانت وكالات الامم المتحدة ومانحون دوليون التقوا في عمان في سبتمبر (ايلول) الماضي للبحث في هذا المشروع الضخم لاعادة احياء بيئة الاهوار في بلاد الرافدين. وبحسب كتيب كانت قد وزعته وزارة المياه العراقية التي تتولى عملية التنسيق بين كل الجهات، فان مشروع اعادة احياء الاهوار العملاق يشارك فيه برنامج الامم المتحدة البيئي والبنك الدولي، الى جانب الولايات المتحدة واليابان وايطاليا وكندا وبريطانيا.