الوزيرة باسكال وردة: قنصليات ومكاتب في سفاراتنا تهتم بشؤون المهجرين والمهاجرين

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن هناك مسعى لتغيير الصورة السلبية للهجرة واعتبارها جسرا بين العراق والعالم

TT

إنها عراقية بدأت طفولتها في كردستان وفي العشرين من عمرها ارتحلت من دهوك الى جنوب فرنسا طلبا للعلم في الوصول الى فلسفة جديدة ضد الفلسفة الشمولية، فقررت هناك التخصص في الفلسفة اللاهوتية، وبعد شهرين فقط عادت تبحث عن أهلها اثر واقعة الأنفال للنظام السابق فوجدت عشرات الآلاف يطلبون الخلاص مما هم فيه.

تلك الصورة أجبرت باسكال وردة، وزيرة الهجرة والمهجرين في الحكومة الحالية، على التخصص في مجال حقوق الإنسان، فبدأت خطواتها الأولى في العمل السياسي تشاطر زوجها السياسي المعروف في الحركة الآشورية، فأسست الحركة الديمقراطية الآشورية في فرنسا ونشطت دفاعا عن حقوق الإنسان، تنقلت بين فرنسا وكردستان العراق ودمشق نزولا الى الموصل وبغداد بعد انهيار النظام السابق لتتسنم الحقيبة الوزارية بعد نقل السيادة في 2 يونيو (حزيران) 2004. «الشرق الأوسط» التقت باسكال وردة وكان لها معها الحوار التالي :

* ماذا تعني تسمية المهجرين والمهاجرين؟

ـ هي تسمية اعطيت في بدايات تأسيس الوزارة التي تعنى بشؤون المرحلين قسرا والمرحلين داخليا والمهاجرين العراقيين الذين تركوا الوطن بسبب ضغوط سياسية من قبل النظام السابق، تلك الشريحة العراقية التي لا يقل عددها عن أربعة ملايين مواطن منهم مليون مواطن يعانون في داخل البلاد.

* وهل ترين ان التسمية ملائمة لكل الظروف؟ ـ قانون الوزارة صيغ على عجل في ظروف غير طبيعية وكانت فيه عموميات بدون تعريف محدد، وكان الخلل في القانون نفسه.

* إذن انت مع فكرة التغيير؟

ـ نعم، لقد قدمت مشروع قانون جديد وطلبت تغيير تسمية الوزارة الى «وزارة الهجرة وشؤون اللاجئين»، وهذه التسمية على استمرارية وديمومة العمل في هذا المجال من والى العراق لان نبينا إبراهيم عليه السلام يعد أول مهاجر من العراق. وقد تضمن القانون التعريف الدقيق للمهاجرين حسب النصوص واللغات الدولية.

* في هذه الحالة هل يمكن إعطاء تشخيص دقيق لعمل الوزارة ومجال تخصصها؟

ـ نعم مجال عملنا ينصب في سبع مجالات على الصعيد الداخلي والخارجي، إذ تهتم الوزارة بموضع المرحلين داخليا، والمهجرين قسرا خارج العراق، والمهاجرين الذين تركوا العراق بقرار شخصي نتيجة ضغوط ما، والمغتربين الذين رغبوا العيش في بلدان اخرى، واللاجئين الأجانب في العراق، والعراقيين الذين لا يملكون الجنسية العراقية او ممن يطلق عليه بالتبعية العثمانية او الإيرانية وتوجهوا الى دول اخرى تحت عنوان من دون جنسية واوضاع اخرى في العراق مع انهم عراقيون منذ آلاف السنين، كما تهتم الوزارة بقطاع النازحين سواء كانت الأسباب سياسية او أعمال عنف او كوارث طبيعية.

* على ضوء ساحة التنوع هذه.. هل يمكن إعطاؤنا فكرة عن عمل الوزارة داخل البلاد؟ ـ كان للوزارة حضورها الفاعل داخل البلاد بعد تأسيسها خلال أحداث النجف والفلوجة وتلعفر، ووقوفها الى جانب العراقيين سواء في توزيع المواد الإنسانية او المساعدة في العودة لديارهم والتعاون مع الوزارات الاخرى لتنفيذ هذه المهمة، كما قدمت الوزارة العون الى وزارة التربية ورفدها بالخيم المتنوعة لفتح المدارس في المناطق المتضررة حتى لا يحرم أبناء بعض المناطق من التحصيل العلمي في هذا العام. كما ان ميزانية الوزارة فيها خطة للطوارئ، وتم أيضا بناء قدرات الوزارة، اذ كانت لدينا حاجة كبيرة في مجال اختصاصها من خلال مساعدة المنظمات العالمية لنا في هذا المجال، ونطمح الى فتح مكاتب للوزارة في محافظات العراق جميعا، ونحن على وشك فتح مكاتب في مناطق ميسان والبصرة وذي قار وديالى وكربلاء والموصل وكركوك. ولدى وزارتنا مشروع مشترك مع اللجنة الخاصة بنزاعات الملكية، إذ ان هنالك الكثير من العراقيين الذين صودرت أملاكهم وآخرين تملكوا هذه العقارات، ونحن ننظر للطرفين ضمن اهتمام وزارتنا وفق المادة 10 التي تخول وزارتنا في الإشراف على العملية واعادة الحق الى أصحابه.

* وماذا عن النشاط الخارجي؟ ـ في المجال الخارجي ننسق مع المنظمات المتخصصة في مجال عمل وزارتنا والمجتمع الدولي، ودورنا واضح في دعوة وتيسير نشاط المنظمات الدولية وتقديم المساعدات الإنسانية. وتعد المفوضية العالمية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة في مقدمة المساهمين.. ونسعى في المجال الخارجي الى فتح قنصليات او مكاتب لوزارتنا في سفاراتنا في المهجر والتي نعدها من الخطط المهمة في مجال عملنا، والخطوة الأولى ستكون في إيران والأردن، وقد قدمت المنظمة العالمية للهجرة الدعم في كفالة مصاريف المكتبين فيهما قسم خاص لوزارتنا والآخر للجنة المستقلة لنزاعات الملكية للعراقيين في المهجر.

* موضوعة الهجرة الشخصية ذات طابع إنساني ورغبة شخصية في العيش ببلاد اخرى وهي مشروعة في العديد من بلدان العالم كيف تتعاملون معها؟

ـ نسعى الى تغيير الصورة السلبية للهجرة الى صورة إيجابية باعتبارها جسرا بين العراق والمجتمعات في العالم، فهم موزعون على كل مدن وقرى العالم ولهم سلبياتهم ومآسيهم، لكن إيجابياته في ان العراق جزء لا يتجزأ من العالم الذي كل البلدان تطمح في هذا الغنى سواء في مصالح مشتركة وأينما تصب مصالح بلدنا وتعويض الحرمان حيث نتوق الى استثمار الهجرة لخدمة وتطوير العراق في الجوانب الاقتصادية والعلمية وتبادل الثقافات. وهنا لا بد من القول انه متى ما وجدت مصالح للأجانب لدينا تتكون مصالح لنا عندهم، ومهمتنا ان تكون مصالحنا واضحة عندهم، لان العالم بنى نفسه في ثروات العراق والعراقي بعيد عن الاستفادة او التمتع، ومن هنا نقول العراق أولا نحو الأفضل في مواصلة درب الحضارة يستمده من التنوع العراقي ذاته ويضعه في الاستفادة من الأفكار الخارجية الإقليمية والعربية والدولية. وتهدف وزارتنا في تشجيع الكفاءات على العودة للمساهمة في بناء الصرح الجديد الحرية والديمقراطية في العراق.

* عودة الكفاءات تتم من خلال برنامج تحفيزي واضح المعالم الى أين وصلت الوزارة في هذا الاتجاه؟

ـ أود ان أقول ان العراق نفسه حافز لعودة الكثيرين بعد ان يتعافى، والاستقرار الحالة الأمنية، ومن هنا كانت دعوتي للمجتمع الاوروبي في بروكسل العام الماضي الى عدم الضغط على العراقيين للعودة في هذه الظروف والاستجابة الكاملة لها، لأننا لا نريد ان نخلق حالة لاجئين في البلاد من خلال استقبالهم تحت الخيم أي إننا لا نريد ان نرى العراقي مهجرا في بلده، لذلك سعينا الى إيجاد مشاريع استقبال للعراقي يقف في مقدمتها السكن، اما المشاريع الاقتصادية فيمكن ان تكون الخيار له. ومن بدايات عملنا بناء 700 وحدة سكنية، وفي الميزانية المقبلة سيكون المشروع رئيسيا، وهدفنا تنظيم العودة حسب الأولويات، ونطالب في كل مشروع سكني أولوية لإيواء الذين لا سقف لهم أولا، اما المهاجر فترتب برنامجنا معه للعودة على ضوء إمكانياتنا، وهمنا هذا العام إنهاء موضوع المرحلين أولا. كما إنني لمست استجابة من نظرائي في الدول المانحة للإسهام بشكل فاعل في حل أزمة المهجرين لان هذه الدول هي أيضا تعاني من المهجر المقيم بصورة غير شرعية لديها، وهنالك تنسيق مستمر مع الخارج من خلال تعاون وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي.

* هنالك المهاجر الطبيعي الذي قد لا يرغب في العودة ماذا بشأنه؟ ـ المهاجر الطبيعي الذي لا يعود كليا يمكن ان يعود بأفكاره واستثماراته، لكن مشروع العودة رئيسي في برنامج وزارتنا.

* الهجرة في ضوء قانون وزارتكم الجديد كيف ستتعاملون معها مستقبلا؟ ـ الهجرة هي إحدى المشاكل دائما وفي كل البلدان ونهدف خلال المرحلة المقبلة الى إعادة اسم العراق في ذهن الحكومات والوزارات النضيرة لوزارتنا بعد ان كان غائبا على الساحة الدولية، ومن هنا وقعنا على اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة برعاية اللاجئين حسب القانون الدولي، كما وقعنا موافقة الحكومة العراقية حول انضمام العراق الى منظمة الهجرة الدولية.. وعلينا ان نرفض الزي الموحد بعد الآن، وانما التنوع هي الحالة الطبيعية للعراق التي توائم الكثير من العراقيين أصحاب الكفاءات في الخارج ووضع برامج مستقبلية لجذبهم الى العراق.

* طال الحوار عن العراقيين في الخارج، فماذا عن غير العراقيين في داخل العراق؟ ـ من بين مهام وزارتنا وعلى ضوء توقيعنا لاتفاقية جنيف الخاصة برعاية اللاجئين حسب القانون الدولي وانضمامنا الى منظمة الهجرة الدولية، فإننا نهتم باللاجئين الأجانب في العراق ونوليهم الرعاية والاهتمام الكبيرين وبالتنسيق مع المنظمات الدولية التي تدعم نشاطنا في هذا المجال، وهي مهمة إنسانية قبل كل شيء، ولا بد ان نعكس رؤيتنا للعالم وسمعة العراق من خلال الاهتمام بهذه القطاع.