لبنان: وزير الاقتصاد يحذر من عواقب «شرخ كبير بالحياة السياسية» والمعارضة تؤكد سقوط الحكومة يوم الإثنين

مطالب بعدم رفع شعارات ضد الشعب السوري.. ومشاورات لإطلاق مبادرات

TT

دخلت دعوات الحكومة اللبنانية ومؤيديها إلى «الحوار» في سباق مع مطالبة المعارضين بإسقاطها، في انتظار انعقاد مجلس النواب يوم الإثنين المقبل لمناقشة الحكومة في موضوع اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) الجاري.

وقد تابع وزير الاقتصاد والتجارة عدنان القصار امس التحرك الذي بدأه في الايام الماضية باتجاه القيادات السياسية والدينية «للتخفيف من الاحتقان الحاصل وحدة التصعيد في الخطاب السياسي». واعلن انه أطلع الذين التقاهم على «المخاوف التي تقلق الجسم الاقتصادي في حال استمرار التصعيد في المواقف في المرحلة المقبلة وتوقعاته لآفاق هذه المرحلة تمهيداً للخروج بتصور مشترك يصب في خانة التخفيف من حدة الاحتقان الحاصلة ويجنب البلاد الدخول في متاهات قد يصعب الخروج منها دون تداعيات سلبية على الوضعين الاقتصادي والمالي».

وزار القصار نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان والمرجع الشيعي الشيخ محمد حسين فضل الله ومطران بيروت لطائفة الروم الارثوذكس الياس عودة. وتحدث عن وجود شرخ كبير في الحياة السياسية في لبنان وقال: «ان تحركي هو لأقول للجميع على الساحة ان الاستمرار بهذه الحالة وبهذا التصعيد ينعكس سلباً على الاقتصاد اللبناني وعلى مقوماته وعلى الاستقرار الموجود وعلى ثقة المستثمر العربي والاجنبي. وانا كمسؤول وكوزير اقتصاد اقوم بهذه الجولة لأبلغ الجميع واقول لهم كفى، ولنجلس حول طاولة ونتحاور فليس لنا خيار آخر».

ورداً على سؤال عن نتائج لقاءاته بالسياسيين ، وتحديداً النائب وليد جنبلاط اول من امس قال القصار: «لمست تفهماً ورغبة آمل ان تتحققا في اسرع وقت على شكل قمة للقيادات الدينية او السياسية. المهم ان نجلس بعضنا مع البعض، ويكون هناك ثقة في ما بيننا ورغبة صادقة في اخراج البلد من هذه الدوامة».

وقبيل مغادرته بيروت للمشاركة في مؤتمر يقام في ابو ظبي، قال القصار: «إن عدداً من أركان المعارضة يعتمد لغة الحوار، وهذه خطوة ايجابية نأمل ان تتوسع لانه لا مصلحة لاحد في خراب البلد». ونفى ما تردد عن ترؤسه حكومة انتقالية حيادية. وقال: «ان هذا الموضوع غير مطروح البتة. ان تحركي ومقابلاتي تتركز على امرين اثنين هما: الاسراع في التحقيق الذي ادى الى اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري بغية كشف واعلان الحقائق كاملة، والامر الثاني هو الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وبالتالي الحفاظ على استمرار الثقة بلبنان».

وكان القصار قد التقى خلال جولته التي بدأها قبل 3 ايام مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني والبطريرك الماروني نصر الله صفير، ثم رؤساء الجمهورية العماد اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري ومجلس الوزراء عمر كرامي واجرى اتصالات بعدد من اركان المعارضة. كما التقى الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ حسن نصر الله والنائب وليد جنبلاط. وفي المقابل، عقدت لجنة المتابعة للمعارضة اجتماعاً قبل ظهر امس في مقر حركة «اليسار الديمقراطي»، ناقشت خلاله الجلسة النيابية المقرر عقدها الاثنين المقبل. واتفق المجتمعون على دعم الاضراب الذي دعت اليه الهيئات الاقتصادية ودعوة كافة القطاعات والهيئات التربوية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية الى المشاركة في هذا الاضراب. كما دعت المواطنين اللبنانيين وكافة الهيئات الى «مواكبة الجلسة النيابية، والاعتصام في ساحة الشهداء منذ الساعة العاشرة صباحاً، لمتابعة وقائع الجلسة النيابية، للكشف عن الحقيقة وجلاء ملابسات جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه واصابة النائب باسل فليحان بجروح بليغة، ووقف مسلسل الاغتيالات والارهاب». ودعت ايضاً «جميع المشاركين الى الالتزام برفع الاعلام اللبنانية دون غيرها، وصور الرئيس الحريري وملصقات المعارضة اللبنانية، ومنع رفع اية شعارات او هتافات حزبية، وعدم اطلاق اية مواقف او هتافات عنصرية، تطاول الشعب السوري الذي نتشارك واياه وحدة الانتماء»، ونوهوا «ببيان المثقفين السوريين الداعي الى الانسحاب السوري الشامل من لبنان وتصحيح العلاقات اللبنانية ـ السورية». واعتبر عضو كتلة النائب وليد جنبلاط ، النائب فؤاد السعد ان الحكومة «ستسقط قبل الاثنين. فهي لو كانت حرة لما بقيت «تتفرج» على المتظاهرين المتزايدة اعدادهم يوماً بعد يوم»، مشيراً الى ان رئيس الحكومة عمر كرامي «اتخذ قراراً بالاستقالة فأتوه بحقنة منشطة ـ من مكان ما ليعود فيصرح انه باقٍ ولن يستقيل».

ورأى النائب المعارض ناظم الخوري بعد لقائه البطريرك الماروني نصر الله صفير ان دعوة الهيئات الاقتصادية لاستقالة الحكومة «رسالة يجب على الدولة والحكومة التوقف عندها، في حين قال الشارع كلمته في هذه الحكومة» ، مؤكداً «ان الهيئات الاقتصادية لم يمل عليها احد هذا الاضراب بل تحركت من تلقاء نفسها وخصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي للبلد». اما الاحزاب والقوى اللبنانية الموالية للسلطة ، فقد اعتبرت ان ما تقوم به المعارضة من استغلال لقضية اغتيال الحريري «لاهداف سياسية وانتخابية باتت مفضوحة ، وان سعيها الدائم لتوتير الاجواء السياسية في البلد تخطى كل مصالح اللبنانيين السياسية والاقتصادية، هذه المصالح التي ضحى وعمل من اجلها كل اللبنانيين وفي مقدمهم الرئيس الحريري». واستغربت «ما تقوم به قوى المعارضة من استغلال رخيص لقضية سامية، بالتحريض على الدور القومي لسورية الشقيقة والمقامة».

ودعا وزير الدولة كرم كرم الى «وقفة واحدة تعلو الى مستوى هذا الحدث الجلل» ، معتبراً ان غياب الرئيس الحريري «ترك في حياتنا الوطنية فراغاً كبيراً وترك في حياتنا السياسية فراغاً اكبر، ولا يسد هذا الفراغ الا وحدتنا وجمع صفوفنا». وحذر امين عام الجماعة الاسلامية في لبنان القاضي الشيخ فيصل مولوي من ان «الفتنة معرضة لان تشتعل في اي وقت بين الفئات اللبنانية»، مشيراً الى «محاولات كبيرة لتدارك كل هذه الفتن». واعلن بعد لقائه المرجع الشيعي الشيخ محمد حسين فضل الله انهما لم يطرحا مبادرة محددة ، وقال: «الايام المقبلة يمكن أن تطرح فيها مبادرات ، لا نزال نتشاور حول ما يجب القيام به». وانتقد رئيس حركة الشعب النائب السابق نجاح واكيم «فوضى السجالات التي انخرطت فيها اطراف عديدة من الموالاة والمعارضة على حد سواء». وقال في تصريح له امس: «ان تمادي البعض في ارتكاب الاخطاء يدفعنا الى التساؤل عن حقيقة نوايا هؤلاء وحقيقة اهدافهم ورهاناتهم». وانتقد كلام جنبلاط عن «ان شرارة التغيير في المنطقة بدأت بسبب الاجتياح الاميركي للعراق»، واصفاً اياه بـ«أحد اقطاب المعارضة الطائفية».