وزير الداخلية اللبناني يمنع المظاهرات والتجمعات في بيروت اليوم ويكلف الجيش وقوى الأمن «الحفاظ على الأمن والنظام»

عراك وإطلاق نار في بيروت بين أنصار المعارضة والموالاة

TT

حسم وزير الداخلية اللبنانية مساء امس التكهنات والاقاويل التي راجت طوال النهار حول ما سيكون عليه الحال اليوم، في ظل دعوة المعارضة ومعها الهيئات الاقتصادية للاعتصام امام البرلمان اثناء مناقشته سياسة الحكومة في موضوع الاغتيالات السياسية، واعلان قوى موالية القيام بمظاهرة مضادة في الوقت نفسه والامكنة عينها. وقرر الوزير فرنجية «منع التظاهر والتجمعات يوم الاثنين 28 فبراير (شباط) 2005» وعهد الى قوى الجيش والأمن الداخلي «الحفاظ على الأمن والنظام».

وكان قد سبق بيان وزارة الداخلية وقوع اشتباك في منطقة البربير في بيروت بين مجموعة متعاطفة مع قوى المعارضة واخرى مؤيدة للفريق الداعم للسلطة. وقد راحت كل مجموعة تدعو مناصريها عبر مكبرات الصوت الى الاشتراك في التظاهر اليوم، الامر الذي ادى الى حصول تلاسن بين المجموعتين سرعان ما تطور الى عراك بالايدي تخلله اطلاق بعض العيارات النارية وتسبب بحالة ذعر لدى المارة والسكان. وقد سارعت قوات من الجيش الى تطويق المنطقة حيث سيطرت على الوضع خلال دقائق واعادته الى طبيعته.

وذكرت مصادر أمنية ان الاشتباك لم يسفر عن اصابة احد. وقد اوقفت قوى الأمن عدداً من المشتبه بضلوعهم في الحادث ويجري التحقيق معهم.

وصدر عن قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه بيان جاء فيه انه «بناء لتكليف المجلس الاعلى للدفاع وقرار وزارة الداخلية والبلديات ـ مجلس الأمن المركزي القاضي بمنع التظاهر والتجمعات بتاريخ 28/2/2005 تطلب قيادة الجيش من المواطنين الكرام عدم التجمع والتظاهر في جميع المناطق، وخصوصاً في الساحات والشوارع المحيطة بمجلس النواب، بما فيها ساحات الشهداء والنجمة ورياض الصلح. وذلك اعتباراً من الساعة 5.00 من صباح اليوم المذكور». واملت القيادة «التجاوب مع تعليمات القوى الأمنية المكلفة بتنفيذ احكام القرار المذكور».

وكانت ردود الفعل السياسية على التطورات المتسارعة قد تركزت على التحذير من «الفتنة والانزلاق الى العنف».

وللحيلولة دون حصول المواجهة اتخذت قوى الجيش والأمن الداخلي اللبناني تدابير أمنية مشددة في محيط المجلس النيابي لمنع المتظاهرين من الوصول الى ساحته، في الوقت الذي يكون فيه المجلس النيابي منعقداً. وقد ادت التدابير الأمنية، التي بوشر بها مساء اول من امس، الى عزل منطقة وسط بيروت واقفلت المحلات والمطاعم والمقاهي منذ عصر اول من امس، وستبقى كذلك الى ما بعد انتهاء الجلسة النيابية مساء اليوم.

ومساء امس وجه وزير الداخلية سليمان فرنجية الى كل من قيادة الجيش والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، كتاباً جاء فيه: «بالنظر للاوضاع الراهنة، وفي ضوء ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا وموجبات الحفاظ على السلم الاهلي، وبناء لتكليف المجلس الاعلى للدفاع، فانه يطلب الى كافة القوى الأمنية اتخاذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ على الأمن والنظام ومنع التظاهر والتجمعات وذلك يوم الاثنين الواقع فيه 28 فبراير (شباط) 2005».

وفيما حذر البطريرك الماروني نصر الله صفير «من الرهان على الفتنة للحيلولة دون استعادة لبنان كل مقوماته» وناشد رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان اللبنانيين «وعي اخطار المرحلة واعتماد لغة الحوار لتجنب الفتنة»، تتالت امس الدعوات للمشاركة في الاضراب والاقفال العام الذي دعت اليه الهيئات الاقتصادية مدعومة من قوى المعارضة، من «اجل كشف ملابسات جريمة اغتيال الرئيس الحريري».

وصدرت عن جمعيات ومؤسسات وشخصيات سياسية معارضة دعوات مماثلة.

وزير المهجرين في الحكومة اللبنانية طلال ارسلان رأى ان المرحلة «تستلزم التروي والاعتدال». ودعا وزير البيئة وئام وهاب الى «حوار داخل الطائفة الدرزية في اجتماع عام يحضره النائب وليد جنبلاط والوزير طلال ارسلان وجميع النواب والوزراء الدروز الحاليين والسابقين برعاية كبار مشايع الطائفة».

وحذر النائب المعارض بطرس حرب الحكومة من «التذرع بالدعوة المشبوهة التي اطلقها بعض المحسوبين عليها لمنع حصول الاعتصام بحجة تفادي الاصطدام بين المتظاهرين». ودعا رئيس المكتب السياسي لحركة «امل» التي يتزعمها الرئيس نبيه بري النائب ايوب حميد الى «عدم استغلال الدماء في سبيل مصالح فئوية وشعارات ضيقة». وقال في كلمة القاها امس في بلدة شحور بجنوب لبنان «ان الرئيس الحريري كان من الكبار الذين تجاوزوا الطائفية والخطاب الجماهيري وقد افتقدناه جميعاً» وناشد الجميع «اعتماد لغة العقل والمنطق وازالة التشنجات بين اللبنانيين».

وكانت المنسقية العامة لـ«مؤسسات التجمع المدني في بيروت» المؤيدة للحكم اعلنت ان المسيرة التي كان التجمع قد قرر القيام بها (اليوم الاثنين) من امام ضريح الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري الى ساحة مجلس النواب، تقرر نقلها الى ساحة السراي الحكومي، وذلك تجاوباً مع رغبة «تيار المستقبل» بإبعاد ضريح الشهيد الحريري عن النزاعات السياسية.

وشكلت خطوة «التجمع المدني في بيروت» هذه انفراجاً في الاجواء السياسية، بعد تخوف واسع من ان يحدث تصادم بين مسيرته وبين اعتصامات دعت اليها الهيئات الاقتصادية وقوى المعارضة في الوقت والمكان نفسيهما، للضغط على الحكومة في معرض تحميلها المسؤولية الأمنية والسياسية عن حادثة اغتيال الرئيس الحريري.

وقد اصدرت المنسقية العامة لـ «مؤسسات التجمع المدني في بيروت» بياناً أمس، اشارت فيه الى ان الجمعيات والروابط الناشطة في بيروت والتي تعمل تحت هذه التسمية منذ 22 ـ 6 ـ 2004 عددها ست وعشرون، وجاء في البيان: «تجاوباً منا مع الاخوة في تيار المستقبل بابعاد ضريح المغفور له الرئيس الشهيد رفيق الحريري عن النزاعات السياسية فلقد قررنا نقل التجمع لمسيرتنا من امام الضريح الى ساحة السرايا ـ زقاق البلاط، جسر فؤاد شهاب».