ملك البحرين يحذر من خطر الفكر المتشدد على الأمة العربية والإسلامية

في افتتاح الندوة الفكرية السنوية لمؤتمر الفكر العربي

TT

حذر الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين من خطر الفكر المتشدد المنحرف على الأمة العربية الإسلامية، وما يجره هذا الفكر إليها من تعصب وعنف هما أبعد ما يكونان عن جوهر قيم الاسلام السمحة، معتبرا أن للأمة الإسلامية تراثاً حضارياً منفتحاً قوامه احترام الانسان وحقوقه وتطلعاته الراقية وذلك عن طريق الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة كما يوجه بذلك القرآن الكريم.

وقال الملك حمد بن عيسى آل خليفة في افتتاح منتدى الفكر العربي الذي بدأت أعماله أمس في المنامة تحت عنوان «الوسطية بين التنظير والتطبيق» إن الوسطية هي حالة من الاعتدال والتوازن دعا إليها الدين الإسلامي الحنيف ومختلف الرسالات الدينية والدعوات الفكرية عبر العصور لحاجة البشرية جمعاء لصيانة هذا التوازن الذي هو سنة الله في خلقه.

وأعرب عن سعادته باحتضان البحرين إحدى أهم ندوات منتدى الفكر العربي والتي «ارتفع فيها سقف الحريات السياسية والفكرية وانفتحت نوافذ الاجتهاد والتحاور بين الجميع واسترد المجتمع المدني عافيته من أجل المزيد من الديمقراطية والتطور الحضاري في ظل مبادئ المشروع الإصلاحي الشامل الذي وافق عليه شعب البحرين في الاستفتاء العام على ميثاق العمل الوطني».

من جانبه قال الأمير الحسن بن طلال رئيس مجلس أمناء منتدى الفكر العربي: «إن الجانب الفكري للوسطية سينال في هذه الندوة حظا وافرا من التأمل والتدبر والنقاش»، مشيرا إلى ان مشروع الوسطية الذي أطلقه منذ مدة ما زال قائما وهو مشروع كبير يهدف إلى تناول الوسطية من كل جوانبها. وطالب الأمير الحسن بتطوير ما اسماه بـ«استراتيجية للاتصالات والتواصل» لإيصال الرسالة العربية إقليميا وعالميا، معتبرا أن هذه دعوة إلى تعزيز الدبلوماسية العامة و«تعميق الحوار بيننا من جهة وبين الآخر من جهة أخرى وترسيخ ثقافة السلام»، وأن هذه الدعوة هي دعوة للشراكة والتشبيك وإلى التعاون بشتى أنواعه.

وشدد الأمير الحسن على أهمية مؤسسات المجتمع المدني ودورها الفاعل في نقل الأفكار والمقترحات إلى الحكومات والمؤسسات لكي «ينهض الأفراد والمنظمات معا بدورهم المنشود»، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى محو الأمية القانونية السائدة بين العرب. وخاطب المجتمعين بالقول: «علينا أن نعرف حقوقنا ومسؤولياتنا ولا يمكن هنا تجاهل دور المفكرين العرب في مخاطبة الحكومات».

وقال إن صياغة استراتيجية للاتصال والتواصل والدبلوماسية العامة وتطويرها وإخراجها إلى حيز التطبيق تشمل جوانب عدة تعليمية وتربوية وإعلامية. وهاجم القنوات الفضائية لعدم قيامها بدور فاعل في نشر ثقافة الاتصال مع الذات ومع العالم عن طريق العناية بالبعدين الثقافي والانساني. واعتبر أن هذه القنوات الفضائية مازالت مهتمة بنشر ثقافة الجانب الترفيهي فقط.

وخلال جلسة العمل الأولى التي كانت تحت عنوان «الوسطية: المفاهيم والأفكار» ناقش المجتمعون ورقة عمل قدمها الدكتور طيب تيزيني أستاذ الفلسفة في جامعة دمشق، وطالب فيها بأن تكون من ضمن أولويات الاستراتيجية الحاسمة خلال المرحلة المقبلة مجموعة من الملفات من أهمها: الملف المادي الذي يقوم على توزيع عادل للثروة العامة وعلى نحو يفضي إلى الكفاية المادية والتحرر من أسر الحاجات المادية. والملف الثاني هو السياسي الذي يتمثل في تحقيق مشاركة حقيقية وفاعلة لكل من ينتمي إلى الوطن في تدبير شؤونه السياسية عبر آليات ديمقراطية خاضعة للمراقبة والمساءلة إضافة إلى ثقافة الحوار الحر. فيما تناط بالملف الثقافي مهمات نشر ثقافة التنوير والحوار والندية ومواجهة مصادر الظلامية الثقافية في مفاصلها الكبرى وهي التعصب والتشدد ورفض الغير والانعزالية والاستئثار بالحقيقة. ويدعو الملف الحقوقي إلى التأسيس لمبادئ المساواة بين الحاكم والمحكوم والسلطة والشعب والمرأة والرجل ورفض مبدأ الاستثناء في مساءلة أي شخص في الدولة أو المجتمع واستغلال القضاء وفاعليته وضبط ذلك كله بمؤسسات شرعية ومنظومات حقوقية ملزمة. ومن المقرر أن تختتم اليوم أعمال منتدى الفكر العربي وكذلك الاجتماع السابع عشر للهيئة العمومية للمنتدى التي تعقد تحت رعاية ملك مملكة البحرين، حيث سيترأس الأمير الحسن بن طلال الجلسة الختامية التي ستعقد مساء اليوم وسيتم فيها الاعلان عن التوصيات الصادرة من المؤتمر.