ساتر فيلد: واشنطن لا تدعم المعارضة والقرار 1559 منسجم مع روح اتفاق الطائف

تابع مهمته في بيروت بلقاء «شريحة واسعة» من اللبنانيين

TT

اعتبر نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد ان القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن منسجم حرفياً مع روح اتفاق الطائف الذي وقع منذ 15 عاماً، مكرراً مطالبة حكومة بلاده برؤية التطبيق الكامل للقرار المشار اليه الذي يتضمن الانسحاب الكامل للقوات السورية من لبنان بما في ذلك الاستخبارات العسكرية، وموضحاً ان واشنطن لا تدعم المعارضة في لبنان بل جل همها رؤية لبنان حرا يتخذ شعبه قراراته بنفسه.

وكان ساترفيلد قد واصل لقاءاته في لبنان امس، ولليوم الثاني على التوالي بعد وصوله الى بيروت عصر السبت الماضي، بهدف العمل على تنفيذ القرار 1559 والاجتماع بشريحة واسعة من اللبنانيين و«تجنب» زيارة اركان الحكم على حد قوله، باستثناء وزير الخارجية محمود حمود الذي التقاه في مستهل برنامج زياراته امس. كما التقى بعد ذلك مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، ورئيس الحكومة السابق الدكتور سليم الحص ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان.

واثر الاجتماع بين ساترفيلد والوزير حمود قال الاخير: «اكدت لنائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد ان لبنان الذي خسر بالفقيد الكبير ـ الرئيس رفيق الحريري ـ شخصية متميزة لها حضور داخلي واقليمي في الجريمة المنكرة والمستنكرة اولوية مطلقة. اذ ان الخسارة للبنان كله سياسة واقتصاداً. وقد احالها الى اعلى المحاكم، الى المجلس العدلي. كما رحب لبنان بالفريق الدولي الذي اوفده الامين العام للامم المتحدة المكلف تقديم تقرير الى مجلس الأمن حول ظروف الجريمة واسبابها ونتائجها». واضاف: «كما اكدت للزائر ان لبنان ملتزم اتفاق الطائف وتنفيذه، وان اعادة انتشار الجيش السوري المرتقبة يتم بحثها على صعيد قيادة الجيشين اللبناني والسوري».

واشار حمود الى انه «في شأن القرار 1559، فإن لبنان المتمسك بالشرعية الدولية وقراراتها، يتعاون مع تيري رود لارسن، موفد الامين العام للامم المتحدة، للوصول الى نقاط التقاطع مع اتفاق الطائف وقرار مجلس الأمن 1559. وكما تعلمون فإن زيارة رود لارسن الى لبنان كانت باعترافه زيارة جيدة. ويتوقع عودته الى لبنان خلال مارس (آذار)».

وقال حمود انه اكد لساترفيلد «ان الانتخابات النيابية المنوي اجراؤها في شهر مايو (ايار) المقبل ستكون شفافة وواضحة لما فيه صدقية التمثيل لاراء اهلنا المواطنين».

وسئل اذا كان ساترفيلد اقتنع بوجهة النظر اللبنانية الثابتة التي طالما ابلغتها بيروت الى واشنطن، وبقيت واشنطن على المعزوفة نفسها، فأجاب: «نحن، كوزارة خارجية وكدولة وحكومة، نتبادل وجهات النظر مع الجانب الزائر. ونأمل في ان يكون قد تفهم ما ذكرته لكم، والذي شددت عليه كثيراً في ما يتعلق بالمواضيع الثلاثة التي سبق ان اشرت اليها».

وعن تعليقه على تحرك وزير الخارجية السوري فاروق الشرع في كل من القاهرة والرياض، والكلام الكثير عن تعريب تطبيق اتفاق الطائف بدلاً من القرار 1559، اوضح وزير الخارجية اللبناني قائلاً: «لعل من سمع تصريح الوزير الشرع، يتذكر ان هناك ثلاثة مواضيع تطرق اليها: الموضوع العراقي، عملية السلام واتفاق الطائف. وفي ما يتعلق بالسؤال، تم التشديد على التزام سورية ولبنان باتفاق الطائف بحرفيته وبتنفيذه وبالاتفاق بين البلدين. واعادة الانتشار كما ذكرت لكم «مرتقبة» ويتم تدارسها بين القيادتين اللبنانية والسورية».

وقيل لحمود ان السفير ساترفيلد تحدث عن ضرورة انسحاب كل القوات السورية من لبنان قبل اجراء الانتخابات، فاجاب: «كما فهمت منه، لم يكن الامر تماماً. المهم بالنسبة اليه هو تطبيق القرار 1559، اخذا في الاعتبار ما يمكن القيام به، أكان ذلك تسمية «اعادة الانتشار» او «انسحاب». وقد اكدت له ان بين اعادة الانتشار والانسحاب ليس هنالك من فرق الا في كلمات، لان اعادة الانتشار اذا كانت في اتجاه سورية فهي انسحاب».

اما السفير ساترفيلد فتحدث الى الصحافيين قائلاً: «لقد جددت للوزير حمود المصلحة القوية التي تراها الولايات المتحدة الاميركية في رؤية التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 1559 الذي يتضمن الانسحاب الكامل للقوات السورية بما فيها الاستخبارات العسكرية من لبنان. اننا نرى ان القرار 1559 منسجم حرفياً مع روح اتفاق الطائف الذي وقع منذ 15 عاماً. ولقد آن الوقت للتطبيق الكامل للاتفاق بجميع اجراءاته. وآن الاوان لتطبيق هذا الاتفاق هنا في لبنان لان ذلك يخدم ليس مصلحة الشعب اللبناني فحسب بل ايضاً مصلحة سورية».

واضاف: «نريد رؤية لبنان يسوده مناخ سياسي وحرية مبنية على حرية التعبير وعلى حرية وجهة النظر السياسية وعلى حرية القرار. وحان الوقت للشعب اللبناني ان يكون قادراً على مواجهة قراراته الوطنية، القرارات المقبولة بصعوبة في هذا السياق اللبناني البعيد عن التهويل. نحن نريد رؤية انتخابات حرة وعادلة في الربيع المقبل. ومن المهم جداً ان نترجم هذه المرحلة ميدانياً قبل الانتخابات وبضمنها بدء تطبيق القرار 1559».

واكد ساترفيلد مجدداً «على نقطة كنت قد اثرتها وهي ان الولايات المتحدة لا تدعم المعارضة انما تدعم مبدأ حرية التعبير. انها تدعم المبادئ التي تقوم عليها المعارضة كحكومة. ومثل هذا الدعم نقوم به ليس فقط في هذا البلد لكن عبر العالم».

وسئل عن تعليقه على الكلام المتداول ان الرئيس رفيق الحريري استشهد لانه كان وراء القرار1559، فأجاب: «لا اريد ان ادلي بأي تعليق، هذا امر متروك للتحقيقات ولتقرير الامم المتحدة الى مجلس الأمن، وبوسعي القول، ان ما من لبناني يجب ان يعيش في الخوف من التعبير عن وجهات نظره السياسية».

ورداً على سؤال ما اذا كانت المعلومات التي ترددت ان سورية قدمت معلومات ادت الى اعتقال سبعاوي التكريتي الاخ غير الشقيق للرئيس العراقي صدام حسين ستؤثر على طلب واشنطن من دمشق من سورية تطبيق القرار 1559، اجاب: «لقد أثرنا قضايا عديدة مع سورية في محادثات مباشرة في خلال السنتين الماضيتين مع الرئيس بشار الاسد قادها نائب وزير الخارجية الاميركي ريتشارد ارميتاج تمحورت حول التسلل الجاري عبر الاراضي السورية لعناصر من النظام السابق الذين التزموا بدعم حيوي لهذا التمرد الوحشي المتعلق بوجودهم في الاراضي السورية، وتسللهم منها مع جماعات فلسطينية وآخرين متورطين في اعمال ارهابية، واعمال عنف متصلة بلبنان وبتطبيق القرار 1559»، واضاف: «نحن نريد رؤية الحكومة السورية تتخذ خطوات عملية باتجاه كل هذه القضايا. لا اريد ان اعلق على موضوع سبعاوي، غير الاشارة الى انه ليس من مصلحة الحكومة السورية ولا الشعب السوري في اي طريقة من الطرق، ان يتم السماح لمثل هذا التمرد الخبيث في العراق ان يستمر، على سورية ان تشارك مع بقية الدول في الشرق الاوسط وبقية المجتمع الدولي الآمال من اجل عراق مستقر، مزدهر، وحر».

من جهته، افاد المفتي قباني عقب لقائه ساترفيلد انه اكد للاخير ان «اتفاق الطائف يحظى باجماع اللبنانيين، والعمل على تنفيذه وفق الآليات المحددة فيه نصاً وروحاً، فضلاً عن ان هذا الاتفاق يغني عن اية صيغة اخرى، وقد حظي بموافقة الدول العربية كافة والامم المتحدة، وبالذات مجلس الأمن والولايات المتحدة واوروبا».

وشدد المفتي قباني على «ان دار الفتوى تعتبر، ومعها المسلمون جميعاً، ان الوحدة الداخلية وصيغة العيش المشترك الاسلامي ـ المسيحي هي ضمانة سلامة لبنان واستقراره. ونحن نتمسك بهذه الوحدة الوطنية ونعمل عليها ونعتبرها صمام الامان في استقرار لبنان وازدهاره وفي دوره في المحيط العربي والعالمي».

واثر زيارته الرئيس الحص سئل ساترفيلد عن اهداف هذه الزيارة فرد قائلاً: «عندما جئت الى لبنان قلت انني سألتقي شريحة كبيرة من الشخصيات اللبنانية. واكن للرئيس الحص كل احترام وهو صديق. واردت ان استمع الى وجهة نظره في ما يجري على الساحة الداخلية».