إسرائيل تشن حملة عالمية واسعة ضد سورية والسلطة الفلسطينية بعد أن قررت تجميد عملية إطلاق سراح الأسرى

TT

أطلقت الحكومة الإسرائيلية، أمس، حملة سياسية وإعلامية عالمية تستغل فيها العملية التفجيرية الأخيرة في تل أبيب إلى أقصى الحدود، ضد سورية والسلطة الفلسطينية. وجنبا إلى جنب، مع ذلك، تجمد العديد من الالتزامات الإسرائيلية في قمة شرم الشيخ تجاه الفلسطينيين، في مقدمتها إطلاق المزيد من الأسرى الفلسطينيين.

وكانت العملية التفجيرية قد وقعت في منتصف ليل يوم الجمعة وأسفرت عن مقتل منفذها من حركة الجهاد الإسلامي و5 مدنيين إسرائيليين وجرح 49 آخرين. ومنذ وقوع العملية والحكومة الإسرائيلية تدير حملة إعلامية واسعة النطاق ضد السلطة الفلسطينية، بدعوى أنها لا تقوم بمكافحة الإرهاب بشكل مجد، وأنها بدلا من تفكيك التنظيمات المسلحة تقوم بالتحاور معها ومسايرتها، وأن هذا الأسلوب أثبت فشله وآن له أن يتغير. وفي الوقت نفسه أدارت حملة تحريض على سورية بدعوى أنها هي التي تقف وراء هذه العملية، وأن الأوامر بتنفيذ العملية وصلت من قيادة الجهاد الإسلامي في دمشق. وبدأت إسرائيل أمس حملة سياسية ـ إعلامية دولية منظمة في هذا الإطار، فأرسلت موفدين عسكريين وسياسيين رفيعي إلى كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ادعت أنهم يحملون إثباتات دامغة على أن سورية متورطة في هذه العملية بشكل مباشر، كما كلف المستشار السياسي لوزير الدفاع، الجنرال عاموس غلعاد، بإجراء اتصالات مع نظرائه في مصر والأردن وغيرهما من دول العالم لنفس الغرض.

وترمي هذه الحملة إلى إحراز عدد من المهام في آن واحد هي:

ـ تصعيد الضغوط على سورية بوصفها «قائدة محور الشر» في المنطقة، «التي باتت عنصر تخريب على عملية السلام بمجملها وعنصر ضغط على السلطة الفلسطينية لإفشال الرئيس الفلسطيني الجديد، محمود عباس (أبو مازن) في جهود التهدئة». ويضيفون إلى ذلك ما تقوله الإدارة الأميركية عن سورية بأنها تغذي الإرهاب في العراق وتعيث فسادا في لبنان.

ـ تصعيد الضغوط على حزب الله اللبناني من أجل تفكيك بنيته العسكرية وقطع أي تمويل له من عناصر لبنانية أو إيرانية في أوروبا أو بواسطة مؤسسات أوروبية.

ـ العودة إلى السياسة القديمة ضد السلطة الفلسطينية، وذلك بالترويج إلى الاتهام بأن أبو مازن لم يحقق تغييرا جوهريا في السياسة الفلسطينية كما يعتقد الغرب، وأنه يستخدم سياسة ناعمة وغير مجدية مع التنظيمات الفلسطينية المسلحة، وأنه حان الوقت لأن تتغير هذه السياسة، وأن يبدأ بممارسة «إجراءات حازمة على الأقل ضد تنظيم الجهاد الإسلامي، الذي يتمرد عليه بشكل علني».

وقالت مصادر سياسية في إسرائيل، إن هذه الحملة تقابل بتفهم بالغ من الولايات المتحدة، حيث انه في اتصال أولي أجراه السفير الإسرائيلي في واشنطن، داني ايلون، مع البيت الأبيض، سمع كلمات تشجيع، ورحبوا بالوفد الأمني الذي يحمل «البراهين على أن سورية متورطة في العملية».

وأشار ايلون إلى أن الإدارة الأميركية لم تطالب إسرائيل بضبط النفس هذه المرة، مما يعني ـ كما قال ـ انها تتفهم أي رد إسرائيلي على عملية تل أبيب.

وجنبا إلى جنب مع هذه الحملة تتخذ إسرائيل سلسلة إجراءات في إطار العقوبات الجماعية للفلسطينيين. فقد جمدت معظم الخطوات التي كانت بدأت تقود بها منذ قمة شرم الشيخ باتجاه الانفراج، فأعادت الحواجز العسكرية إلى مداخل المدن، وعادت تتجبر على المواطنين وتحملهم على الانتظار ساعات طويلة حتى تسمح لهم بالمرور، واستأنفت عمليات الاعتقال بشكل عشوائي، وأوقفت تنفيذ القرار بتسليم المدن الخمس، أريحا وطولكرم وقلقيلية وبيت لحم ورام الله، وألغت سلسلة الاجتماعات التي كان من المقرر يقوم بها وزراء إسرائيليون وفلسطينيون من أجل البحث في قوائم بأسماء الأسرى الفلسطينيين (400 - 700 أسير)، المفروض أن يتم اطلاق سراحهم.